اختراق خطوط حزب الله وعودة إلى اليوم «المجيد»
روزانا رمّال
تنتظر العلاقات الإعلامية في حزب الله توضيح الجهات المعنية في شركة «أوجيرو» لتحديد ما حصل حول طبيعة الخرق الذي طال شبكة الهاتف اللبنانية الأرضية، وتحديداً الأرقام المخصّصة لمكاتب العلاقات العامة للحزب من أجل الإحاطة بتفاصيل الحادثة في وقت يتّهم حزب الله «اسرائيل» بهذا الخرق «المعروف» الأهداف. والتحقيقات ايضاً كشفت ذلك بالساعات الماضية وهو خرق تزامن مع إلقاء أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله كلمة في ذكرى اغتيال القيادي مصطفى بدر الدين «ذو الفقار» الأولى بما يوحي أنه كان معداً سلفاً للمناسبة ومنسجماً مع حملة منظمة سبقت التحضيرات للذكرى من وسائل إعلامية «إسرائيلية» وخليجية على ما بدا تناولت مسألة التحقيق في اغتيال بدر الدين بطريقة تدين «ايران» كمتّهم اول «بأحسن» الاحوال.
اتهام «اسرائيل» بديهياً بطبيعة الحال، لكن تناول المسألة من منطقها المعهود باعتباره أمراً يُضاف الى سلسلة الخروق «الاسرائيلية» لكل ما يتعلّق بالسيادة اللبنانية كاختراق الأجواء والمياه واليوم الاتصالات. وهذا يعني الإمعان في كشف السيادة اللبنانية أمام أي مطمع «اسرائيلي» جديد. وهنا وبالانطلاق من الحادثة التي تعتبر أحد أخطر ما يمكن ان يدك عرش شبكة الاتصالات اللبنانية يأخذ نحو وزارة الاتصالات والتعاطي معها حديثاً والسجالات التي تحصل غالباً عند اختيار وزير اتصالات من هنا أو هناك، وكان الحديث يدور حول اعتبارها وزارة سيادية أو أقرب إليها. وهو ما أرادت المقاومة إلقاء الضوء عليه. فالتعاطي مع الوزارات السيادية لم يعد يتعلّق بما توحيه من عناوين ظاهرية تتعلق فقط بالحرب والدفاع والسلاح في زمن التكنولوجيا.
حزب الله الذي يدرك مسألة حساسية وزارة الاتصالات أدرك معها حساسية الشبكة اللبنانية للهاتف وإدارتها وكل العاملين فيها كملف خاض معه عبر لجنة الإعلام والاتصال النيابية حرباً ضروساً وآخرها في إقالة عبد المنعم يوسف، حيث يطول الملفّ حول خروق شبكات الإنترنت والاتصالات من قبل العدو «الإسرائيلي» من جهة وكل عدو من الأجهزة الاستخبارية المتعددة للبنان، وعلى هذا الأساس تعاطى منذ زمن طويل مع مسألة الاتصالات بدقة عالية مفضلاً أن لا تكون حركته ضحية الخروق التي تتعرّض لها الشبكة والتجاوزات والفوضى والصفقات التي يشارك فيها للأسف بعض اللبنانيين ومنهم مَن هم في موقع القرار.
الحديث هنا عن شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله وعودة تلقائية إلى حادثة السابع من أيار عام 2008 بديهي، والتوقف عند مسألة جدوى تمسّك حزب الله بشبكة اتصالاته الخاصة أيضاً بات سؤالاً يجيب على نفسه بنفسه بعد هذه الحادثة أكثر. وعلى هذا الأساس يُعاد طرح جدلية اليوم «المجيد» التي تحدّث عنها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في معرض وصفه نتائج أحداث السابع من أيار من ذلك العام. وهو الأمر الذي لقي انتقادات محلية عديدة.
عندما يحدث خرق للشبكة اللبنانية كذلك الذي جرى وتوجّه مباشرة لاستخدام أرقام أحد مكاتب حزب الله الغعلامية الرسمية «يُفهم» لماذا وصلت الامور للاشتباكات المسلحة؟ ولماذا اضطر حزب الله للنزول إلى الشارع والمجازفة بكل ما يحرص على عدم «خدشه» من سلم أهلي وعيش مشترك؟
كان المطلوب رأس حزب الله وداتا اتصالاته. هذه هي الحقيقة ببساطة بالنسبة لحزب الله. وهي الحقيقة التي أخذته نحو الشارع من دون تردّد يبقى أن يدرك أخصامه اليوم معنى ذلك النهار.
تأتي حادثة اختراق الشبكة الهاتفية اللبنانية «أوجيرو» لتؤكد، حسب مصدر متابع لـ«البناء»، أن العدو «الإسرائيلي» أراد أن يقول للبنانيين إنه لا يبالي بالإمعان بانتهاك سيادة بلادهم عندما تستدعي الحاجة، والأهم من ذلك هو اختياره أي توقيت يناسب توزيع رسائله على حزب الله أي أن الشبكة اللبنانية واقعة تحت سيطرته بأي وقت. وهو ما يضع الحكومة اللبنانية أمام مسؤولياتها ويفترض أن تتقدم بشكوى رسمية أمام الأمم المتحدة. فانتهاكات من هذا النوع توضع ايضاً ضمن خرق القرارات الدولية. وإذا تمّ التساهل بهذا الملف، فان هذا يعني ان هناك من لا يمانع في خدمة العدو ومصالحه ومشاريعه ضد لبنان. ويضيف المصدر «هذا الخرق لا يستهدف حزب الله فحسب، بل كل بيت وعائلة لبنانية».
يؤخذ على حزب الله سقطته بعيون محبي المقاومة الذين تخطّوا حدود الطائفة الشيعية وعبروا معه الوطن لحظة نزوله للشارع في سبعة أيار واستخدام سلاح الداخل، ومنهم مَن أطلق عليه سلاح الغدر. لحظة مفصلية تغيّر فيها التعاطي مع حزب الله محلياً كحزب مرتبط بمقاومة الاحتلال وفقد معها الإجماع على سلاحه، وبدأت المشاريع لتسليم سلاحه تتوالى وفق أجندة معروفة. كل هذا بعد ان كانت حرب تموز مقدّمة لسقوط صورته عربياً بعيون حكومات اعتبرت أن إقدامه على اسر الجنود «الإسرائيليين» خارج مصلحة لبنان، واصفة إياها بحفلة جنون. فاجتمعت الثنائيتان محلياً وعربياً وأسقطت هالة الحزب «المقاوم» بعيون مَن أراد.
حادثة من هذا النوع تكفي لتعطي حزب الله حقه ولو أتت متاخرة وتخدم منطقه بالسرية التامة في شبكة اتصالات خاصة لنجاح مهماته، فماذا يقول اليوم أخصامه في شبكة هاتفية مكشوفة أمام من يطيب له العبث؟
«أوجيرو» واختبار جديد يضع مصير اللبنانيين بخطر حتى إشعار آخر!