ماكرون رئيساً يريد فرنسا قوية وإعادة بناء أوروبية

تعهّد الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون أمس، «بعملية إعادة بناء أوروبية، وإعادة الثقة إلى الفرنسيين»، في خطاب مؤثر ألقاه إثر تسلّم مهامه الرئاسية أمس، من سلفه فرنسوا هولاند في قصر الأليزيه.

وقال أصغر الرؤساء الفرنسيين سناً 39 عاماً بجدّية «إنّ الفرنسيين اختاروا الأمل وروح المبادرة»، واعداً «بعدم التخلي عن أيّ من الوعود التي قطعها خلال حملته»، مؤكداً «إرادته الدائمة للمصالحة وتقريب المواقف».

أضاف الرئيس الفرنسي مُطَمئناً «سنتحمّل مسؤولياتنا كافة لتوفير الرد المناسب على الأزمات المعاصرة الكبرى، سواء كانت الهجرة أو التحدّي المناخي أو النزعات التسلطية أو تجاوزات الرأسمالية العالمية أو الإرهاب طبعاً».

وتابع الرئيس الذي اختار برلين وجهة لأولى رحلاته الرئاسية إلى الخارج والتي سيزورها اليوم، أنّ «أوروبا التي نحتاج إليها ستشهد إعادة تأسيس وإطلاق لأنها تحمينا».

وتسلّم الشاب الوسطي المؤيد لأوروبا مهام منصبه رسمياً في مراسم بروتوكولية في قصر الإليزيه أمام مئات المدعوّين.

إلى جانبه بدت زوجته بريجيت 64 عاماً متألقة باسمة فيما وقفا يداً بيد أمام مدخل القصر الرئاسي، قبل متابعتها بتأثر شديد خطابه الرسمي. وتداول الإعلام العالمي أخبار هذا الثنائي الذي كسر الأعراف نظراً لفارق 24 عاماً بينهما.

بعد فوزه على اليمين المتطرّف، وعد الرئيس الفرنسي، الذي افتقر إلى أيّ تجربة انتخابية سابقة وحزب سياسي منظّم قبل أن يصل إلى السلطة بفضل برنامج «ليس يمينياً ولا يسارياً»، بإجراء إصلاح «عميق للحياة السياسية» في بلد يعمّه الانقسام ويعاني من بطالة مرتفعة 10 بالمئة ويواجه خطر التهديد الإرهابي.

وأكد ماكرون أنّ «الفرنسيات والفرنسيين الذين يعتبرون أنهم منسيون وسط هذه الحركة العالمية الواسعة النطاق يجب أن يشعروا بحماية أفضل».

وأضاف ماكرون «لن نتنازل عن شيء توخياً للسهولة أو التسوية، لن يضعف أيُّ شيء تصميمي»، متابعاً «لم يعد بإمكاننا الاختباء خلف تقاليد أو عادات قد تكون بائدة أحياناً».

وأدى فوز ماكرون في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في السابع من أيار إلى تغيير المشهد السياسي الفرنسي بعد حملة شهدت تطورات كبيرة ونتائج تاريخية سجلها اليمين المتطرف، والغياب التاريخي للحزبين التقليديين اليميني واليساري، إضافة إلى شروخ كبيرة في بلد منقسم بين الرابحين والخاسرين من العولمة.

كما انعكست إرادته في توحيد صف الفرنسيين في إشادته بأسلافه الرئاسيين كافة من اليمين واليسار، من الجنرال ديغول إلى فرنسوا هولاند «الريادي من خلال اتفاقية باريس للمناخ، الذي حمى الفرنسيين وسط عالم هزّه الإرهاب»، ثم نيكولا ساركوزي «الذي لم يدّخر جهداً لحل الأزمة المالية».

بعد خطاب التنصيب اختتمت 21 طلقة مدفعية مراسم الإليزيه، وغادر ماكرون على متن آلية عسكرية إلى جادة الشانزيليزيه، ملوّحاً للفرنسيين الذين انتشروا على جانبي طريقه.

وأنهى مساره إلى قوس النصر راجلاً، حيث وضع الزهور على نصب الجندي المجهول الذي أقيم تكريماً للجنود القتلى في الحرب العالمية الأولى، قبل أن يختلط بالحشود.

ويفترض أن يعيّن ماكرون بسرعة رئيساً للوزراء، اليوم بحسب ما أفاد مقرّبون منه، قبل تشكيل حكومة في أول الامتحانات لقدرته على المصالحة.

وفي إشارة إلى رغبته إحياء المحور الفرنسي الألماني، اختار الرئيس الذي سيتوجّه إلى ألمانيا في أول رحلة له اليوم إلى الخارج ، سفير فرنسا الحالي في ألمانيا فيليب اتيان 61 عاماً مستشاراً دبلوماسياً له.

بعد ولاية طبعتها شعبية متدنية قياسية أكد هولاند 62 عاماًً أمس أنه يسلّم «فرنسا في وضع أفضل مما كانت عليه عندما تسلّمها» هو من سلفه اليميني نيكولا ساركوزي في 2012.

ورحّب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بتنصيب ماكرون على حسابه في موقع تويتر مشيداً بـ«فتح صفحة جديدة لفرنسا، وانطلاقة جديدة لأوروبا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى