ماذا بعد الضربات الجوية ضدً «داعش» و«النصرة» في سورية؟
حميدي العبدالله
اعترف أكثر من مسؤول أميركي بأنّ الضربات الجوية التي توجهها الولايات المتحدة وشركاؤها إلى تنظيمات «القاعدة» و»النصرة» في سورية لن تؤدّي إلى القضاء على هذه التنظيمات. وتزايدت في الآونة الأخيرة التحليلات في مراكز الأبحاث الأميركية التي تشير إلى هذه النتيجة، ولكن تصريحات المسؤولين الأميركيين واستنتاجات مراكز الأبحاث الأميركية تطرح سؤالاً هاماً: ماذا بعد هذه الضربات؟ بمعنى آخر، ما هي الخطوة التالية، وما هو السيناريو المرجح بعد الإقرار بهذه الحقيقة؟
هناك سيناريوهان محتملان:
السيناريو الأول، أن تبادر الولايات المتحدة وشركاؤها إلى إرسال قوات برية لإزاحة «داعش» و»النصرة» عن المناطق التي تسيطران عليها الآن، وتقدم دعماً يمكن تنظيمات المعارضة المرتبطة بالولايات المتحدة من أن تكون هي واجهة السيطرة التي ستقوم بها الولايات المتحدة والدول الأخرى المرشحة للمشاركة في هجوم بري. لكن ذلك غير ممكن لأنّ الولايات المتحدة والحكومات الغربية، وفي ضوء نتائج مغامراتهم العسكرية في العراق وأفغانستان غير مهيّأة لإرسال قوات برية، كما أنّ دول المنطقة ولا سيما الحكومات الخليجية والأردنية غير قادرة على إرسال قوات برية، وبالتالي هذا السيناريو غير قائم إلا من الناحية الافتراضية, لأنّ المعارضة المرتبطة بالغرب لا تمتلك القدرة على ذلك.
السيناريو الثاني، أن تقوم الولايات المتحدة وشركاؤها في ضوء عجزهم عن التصريحات التي أدلى بها أكثر من مسؤول أميركي بأنّ المعارضة لن تكون قادرة على ذلك الآن لأنّ إعداد خمسة آلاف مقاتل يحتاج من 5 إلى 8 أشهر من التدريب، على أيدي القوات الأميركية، لكن في هذه الفترة سيكون الجيش السوري وحده المؤهّل للاستفادة من الضربات الجوية وإرباك «داعش» و»النصرة»، وبالتالي استعادة المناطق التي تسيطر عليها هذه الجماعات، ولأنّ هذا التطور لن يكون في مصلحة الولايات المتحدة، لذلك من بين الاحتمالات أن تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربات للجيش العربي السوري لمنعه من الاستفادة من الضربات التي توجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها داخل الأراضي السورية ضدّ «داعش» و»النصرة».
لكن في هذه الحال، ستكون النتيجة الوحيدة المترتبة على ذلك، ليس استفادة المعارضة المرتبطة بالولايات المتحدة من هذا التطور، بل أيضاً «داعش» و»النصرة»، لأنّ أي إخفاق أو إرباك للجيش العربي السوري، فإنّ المؤهّل للاستفادة منه «داعش» و»النصرة» وليس التنظيمات الأخرى التي تسعى واشنطن إلى تدريبها، ولن تصل إلى ساحات المواجهة قبل 8 أشهر حيث ستكون التطورات الميدانية قد خلقت واقعاً جديداً، يصعب على الجماعات التي سوف ترسلها الولايات المتحدة ودول المنطقة المتحالفة معها أن تصل إلى ساحات المواجهة. فهل هذا هو الخيار الذي يخدم معركة القضاء على التنظيمات الإرهابية؟