هل تتكرّر تجربة الحكومة البتراء؟
هتاف دهام
بدأت مواقف القوى السياسية تعبّر عن حالة تمترُس بعد فشل لقاء الأحد في عين التينة. التهيّب عن الكلام سيد الموقف. مَن يتحدّثْ يكتفِ بالتأكيد على موقفه كحال رئيس تكتل التغيير والإصلاح جبران باسيل يوم أول أمس الثلاثاء أو التعويل على آمال وإنجازات وأجواء تفاؤلية كالتي أشاعها رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، علماً أنّ الأخير غير معني بإشاعة التشاؤم، وإنْ كان يشتمّ، بحسب ما ينقل عنه زواره لـ»البناء»، «رائحة» تمرير اقتراح القانون الأرثوذكسي صراحة أو مقنّعاً، جازماً أنه ليس في وارد الموافقة على أيّ مشروع طائفي.
يؤكد الرئيس بري أنّ الذهاب إلى الفراغ يعني إجراء الانتخابات وفق الستين. وفي مطلق الأحوال تستمرّ هيئة مكتب المجلس برئاسته في تسيير أعمال البرلمان، حسب الدستور. في حين أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحسب بعض الأوساط السياسية يستطيع أن يلجأ إلى المادة 74 من الدستور التي تدعو إلى إجراء الانتخابات من دون إبطاء، مما يجيز له اجتهاداً، بحسب بعض الآراء، أن يتجاوز المهل وأن تبادر الحكومة إلى إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ خلال ثلاثة أشهر، لأن لا إمكانية ساعتئذٍ لإقرار قانون جديد بسبب تعطّل المجلس النيابي.
صحيح ما يتمّ تداوله أنّ الدخول في الفراغ هو خسارة للجميع. لكن في ما لو جرى تعداد وترتيب الخاسرين، بحسب المعيار الأكثر خسارة، فسيكون العهد هو الخاسر الأكبر. فهو أخفق، بحسب ما يؤكد قطب سياسي بارز لـ»البناء» في تنفيذ وعوده كلها. أدخل البلد في حالة فراغ، ثم سلّم بإجراء الانتخابات وفق قانون الدوحة، بعدما كان رفض في الأصل دعوة الهيئات الناخبة لإجراء انتخابات وفق القانون النافذ. هنا سينتظر الرئيس بري مطمئناً أن تعود الأمور إلى سابق عهدها من دون أن يكون موقعه تضرّر فعلياً.
فهل ثمة إمكانية لافتراض نظري أن يدخل المجلس في فراغ من دون أن تعقبه الدعوة لإجراء الانتخابات في غضون ثلاثة أشهر، ما يعني أنّ ثمة فراغاً مديداً سيرخي بظلاله على ساحة النجمة؟ وهل حالة الفراغ ستحمل اجتهاداً على حالة الانحلال دستورياً، مما يعني إعادة إحياء المجلس النيابي بعد انقضاء ثلاثة أشهر وفقاً للمادتين 25 و55 من الدستور؟ وهذا يؤدّي إلى موضوع خلافي جديد سيقسم اللبنانيين بين مَن يتبنّى عودة المجلس للانعقاد وبين مَن يرفض الفكرة من أساسها؟
هنا ما هو مصير الحكومة التي تكون قد دخلت في حالة تصريف أعمال؟ لا سيما أنّ تجاوز مجلس الوزراء صلاحياته في فترة تصريف الأعمال سيكون، بحسب القطب السياسي نفسه، مدعاة استقالة عشرة وزراء يتوزّعون بين الثنائي الشيعي والحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الديمقراطي واللقاء الديمقراطي والمردة. لتصبح الحكومة غير ميثاقية، وربّما ينضمّ «وزير ملك» تحفّظ القطب نفسه عن ذكر اسمه، إلى الوزراء العشرة. عندها تصبح الحكومة بحكم المستقيلة.
ثمّة من يقول إنّ هذا المسار السوداوي قد يفتح الباب، أمام انحلال المؤسسات، على مؤتمر تأسيسي!
تقول مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ»البناء» إنّ ما يجري بين بعبدا والسراي يستهدف الشراكة بعد اتفاق الطائف. مسار التطورات منذ اتفاق ما قبل الرئاسة أشبه بثنائية مارونية سنية. ثنائية بدأت تتظهّر معالمها، بمنظومة مصالح بيت الوسط الرابية، دفاع كليهما المستميت عن خطة الكهرباء، انسجامهما المطلق حول قانون الانتخاب، وصولاً إلى ذهاب الرئيس سعد الحريري والوزير باسيل معاً نهاية الأسبوع للمشاركة في القمة الأميركية – العربية – الإسلامية في جدة.