مَن تُراه يُصدّق؟
بلال شرارة
هل من شيء يُرتجى من هذا العالم الخراب؟ هل من قيامة ممكنة لأوطاننا؟ هل من نهاية لتمويل العمليات الجارية لنحر أوطاننا وآخر آخرها صفقة أسلحة وذخائر بقيمة 100 مليار دولار مقدّمة لصرف مليارين آخرين في الاتجاه نفسه؟ هل من إمكانية لتغيير الذهنية وتوجيه صرف الأموال نحو تنمية أقطارنا وبناء وعي ديمقراطي وتعميم حقوق الإنسان، وفي الطليعة حقه في الحياة؟ هل من سبيل مختلف لوقف الحروب الجارية والاقتناع بضرورة بناء حلول سياسية، حيث يجري الاحتراب داخل أقطارنا؟ وهل كنا نحتاج إلى ملايين القتلى والجرحى والمشوّهين والمشرّدين ليقتنع مؤتمر وحاكم قطر بأنه لا سبيل آخر غير الحلّ السياسي لما يجري في سورية وغيرها؟
أنا أقول إنّ هناك سبيلاً مختلفاً، وهو تجفيف مصادر الإرهاب التي هي معروفة، ووقف تمويل عمليات القتل والدمار بحجة أحداث ربيع عربي هنا وهناك وإطلاق تربية ومسلك جديد لـ رضيع عربي غير محكوم بالموت بالتفجير ليصل إلى السعادة الأبدية، والاقتناع بأنّ طريق الجنة معبّدة بالأعمال وليس بالنيات وأنه ليس للإنسان إلا ما سعى وأنّ سعيه سوف يُرى… قرآن كريم .
أزعم أنّ المؤتمرات الرسمية والمؤتمرات الحزبية والندوات وورش العمل ومعها حفلات الإعدام الجماعية وعمليات الترانسفير للمحاربين من محور إلى محور، من أجل إيجاد مناطق بيضاء وزيادة المساحات الاستيطانية للمذاهب والفئات والجهات أمر سوف لا ينتج جغرافيا جديدة وإنما تاريخاً مرحلياً.
ستبقى سورية وفلسطين وبقية أوطاننا، حيث هي ونحن سوف لا تدهشنا أنماط السلطات القائمة، ونتمنّى في التفعيل بين السيّئ والأسوأ استبدال هذا النظام بذاك، في ما نحن بالواقع شهود على ما جرى ويجري من محاولات لإسقاط الأنظمة الجمهورية لصالح أنماط متخلّفة باعتبار أنّ الأنظمة الجمهورية استبدادية ولا تليق بنا ونحن نستحق رحمة بقية أنماط السلطات!
– -2
لو أنه يجري إغلاق وسدّ الحدود… حدود الجوار الإقليمي المسلم وحدود الكيان الصهيوني المحتلّ للجولان ومزارع شبعا والضفة والمحاصر لغزة وحدود الدول الشقيقة ويجري منع عبور السلاح والمسلّحين…
لو… لو يحدث ذلك لخفّت المصيبة وتمكّنت شعوبنا من حصار الإرهاب، ولكن الإرهاب ليس صناعة وطنية خالصة وأنه تشكيل لصناعات إقليمية ودولية. والمشكلة هي في تعريف الإرهاب وبمَن يسمح بعبور الموارد البشرية والإمكانيات المالية والحربية للإرهاب ومَن أقنعوا أنفسهم والعالم أنهم يجمعون جيوشاً ومعهم الجنّ الأزرق لمحاربتنا باعتبارنا نحن الإرهاب وأنّ كلّ ما فعلته إسرائيل يمكن مسامحتها عليه واستبدالها بعدوّ آخر، فهي لم تفعل شيئاً سوى استباحة فلسطين وجوارها وتشريد شعب آمن وارتكاب بضع مئات من الحروب وشنّ بعض الاجتياحات عدا الحروب الرسمية! .
ما يجري بصراحة، ليس قلة فهم، بل أمر دبّر في ليل يجري تنفيذه عن سابق إصرار وتصميم، وعليه فإنّ سورية وكلّ الجمهوريات بما في ذلك الجمهورية اللبنانية ستبقى أهدافاً هشّة وصلبة في آن معاً على منظار التصويب الى ان نعود إلى رشدنا وتعود قبائل وعشائر وجهات وفئات تتقاتل على الفي والمي ولا نبقى نحارب ونواجه بصدورنا العارية وبالأمعاء الخاوية الجلادين الصهاينة والأشقاء وننسى أنه يجب أن نكون أشداء على الكفار رحماء في ما بيننا.
ربما يعتقد البعض أنه سيتمكّن من طمس الحقائق برقائق من الفضة وأنّ الفاجر سيتمكّن من أكل مال التاجر ، ولكن وبالحقيقة فإنّ شيئاً من هذا سوف لا يحدث، لأنه يكفي أن نراهن على أنّ حكام «إسرائيل» أنفسهم لن يقبلوا بالتغطية على الأمر لأسباب تتعلق بالأسطورة والايدولوجية وأنهم لن يقبلوا بإعطاء الفلسطينيين شيئاً، وهذا يعني أنّ محاور المواجهة لن تختلف ونقع على محاور المواجهات مع إيران أو مع المخافر الكردية الأميركية على الحدود السورية العراقية مع تركيا…
– -3
أنا لا أصدّق أنّ أحداً سيستمرّ الى ما لا نهاية بركب ظهر حمارنا ومدّ يده على الخُرج!
كما أني لن أصدّق أننا سنركب على ظهور خيلنا ووجوهنا الى الخلف.
مَن تُراه يصدق كذلك أنّ مثل هذا الأمر سيحدث؟
مجنون يحكي وعاقل يفهم…