صباحات

صباح الخير لشعب اليمن تحت الحصار، أما المرض والجوع والموت بلا انتظار، يخرج بالملايين لفلسطين هاتفاً في وضح النهار. تظاهرة مليونية واحدة هزّت العالم مع الأسرى المضربين، شهدتها صنعاء والصوت الهادر صار أنيناً، لم ينقطع ولم يرتجع بنبض الصدق يرتفع، تحية لليمن ينبض لفلسطين، تحية لم تساوم ولم تُشترَ ولم تُبَع. صباح الألم المشترك، لشركاء الخندق والمعترك. صباح الغد الذي لا تبقى فيه العروش، صباح يكنس من باعوا فلسطين بالقروش، صباح الأمعاء الخاوية تهزم الكروش!

صباح فلسطين لا تنسى نكبتها ولا تُطمَس حقيقتها، صباح الشهداء سقطوا واقفين كي لا تسقط قضيتها. صباح الأسرى يتمزّقون جوعاً وتشبعهم بكرامتها، صباح سنين تقارب السبعين والزمن لا يطوي حقاً وراءه مطالب. صباح تشرق شمسها فيه لا يعرف المغارب ونهارات تنتصر فيها إرداة الشعب المحارب، رغم طعنات ذوي القربى والأقارب العقارب، ورغم الخيانات والمساومات وقادة الفنادق والمآدب سيبقى الحق حقاً، والمقاومون صنّاع العجائب، وستبقى «إسرائيل» أوهن من بيوت العناكب!

صباح الخير تشرق شمسه الحارقة على البادية، صباح الخماسين ولو أطلّت ريحاً عاتية. صباح البوكمال والميادين، تنتظر أسود العرين. صباح الحدود، تشرق للأسود. صباح القيروان والبلد، تنتظر الحشد ومن حشد، تطلّ الإرادة على الإرادة فتصنعان النصر المبين، تصافح القبضات شقيقاتها والعزيمة لا تلين، مهما موّلوا ومهما حوّلوا، مهما حاولوا أو تحوّلوا، فالعدوان هو العدوان، في البوكمال أو القيروان، والصديق هو الصديق، والشقيق هو الشقيق، والمقاومة هي العنوان، والشهداء شقائق النعمان، يزهر ولو بعد حين!

صباح أيار شهر الانتصارات والكرامة، وقد اتخذ من يوم التحرير علامة. لا مكان ليوم للذلّ فيه مهما عظّموه، كان فيه يوماً وقرّروا أن يمحوه، صار السابع عشر منه سابعاً، والعشرة رفعت للمقاومين تضيء أصابعَ، والسابع عبرة لمن يعتبر. عكس السابع عشر وأصنامه حطّمها الشعب المنتصر، يوم اتفاق الإذعان للاحتلال محوناه من التاريخ، محته دماء الشهداء وأزيز الرصاص وضجيج الصواريخ. وجاء السابع يوماً مجيداً، يقول لكلّ من تآمر إن عدتم جاهزون أن نعيد، فتنبّهوا وتعلّموا… كي لا تندموا!

صباح العوامية تحت الحصار، تقابل بالدم الزكيّ فوهات النار. صباح الفقراء والمساكين، يخرجون لظلم الملوك والسلاطين. صباح الذين لا ذنب لهم إلا أنهم خلق الله بلا شريك، يسبّحون بحمده ويصلّون على نبيّه يرفضون عبادة المليك، شنّوا عليهم الحملات وجرّدوا الجيوش لهم، وكالوا لهم كلّ أنواع آلتهم، وقالوا إن جيشاً في القطيف يقاتلهم. والقطيف مسالمة وادعة، لكنها عند جدّ الجدّ تملك أسلحة رادعة. سلاحها دم الشهداء، وروح الفداء، لا تبيع الكرامة ولا الكبرياء، بل تشتري الموت رداء. إنها القطيف، تعرف العدوّ وتعرف الحليف، لها الغد والغد للمسكين والضعيف!

صباح للحجاز قبل أن يدنّس ترابها زائر النفاق، صباح عربيّ من عربيّ يشتاق. صباح لصحرائها ومكّة والمدينة، لأضرحة النبي وآله حزينة، يسمعون في عليائهم محاضراً في العفّة والدين، بلطجياً من الغرب يمنحونه منبر الأولياء والصدّيقين، صارت له الزعامة، فمن أين جاء بالإمامة. من قال بالأمس إنّ الإسلام طاعون، يركع له الملوك والرؤساء طائعين. تلك أيام هارون، أم أيام قارون، أم هامان وفرعون؟ سيأتيهم قرب الكعبة يوم الفيل، وتأتيهم طيور أبابيل، طالما عن القدس قد ضلّوا السبيل!

صباح اليوم يطلّ مشرقاً بقدومك، صباح ضحكة عينيك وعلومك، صباح غدك الأفضل وقلبك الأنقى، ودمعة الفرح في العين وأنت ترقى. رافقتك العيون شاخصة يوماً بيوم، والقلوب راكضة لفرح يدوم، كنت فرح البيت وتبقى، ودرّة العقد وغيثاً لزرعنا يحوم. لأجله نصلّي ولأجله نصوم، ونراه نجماً فوق الغيوم. عيسى في يوم ميلادك عيدي لا عيدك تقول الورود، اِسأل رحيقها وعطرها، تخبرك الأيام التي مضت أنّك معنى الوجود، وأنّك السعادة وسرّها. خذ من العمر ما شئت وكن فرحاً لا ينتهي، وعش الحياة كما تشتهي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى