قالت له
قالت له بين الحب والكلام علاقة وجود. فالكلمة مفتاح القلب والكلمة أصل الحب. وسر الحب في نغمة يحملها حرفان ترتعش لهما النفوس والقلوب وفيه بعض من القلب وبعض من الحياة، فلعله اختصار لحياة القلب.
قال لها الكلام هو الإنسان. والإنسان كلمة، وأول الخلق كلمة، وفي البدء كانت الكلمة، فكيف تكون مشاعر ويكون حب بلا كلام، لكن علاقة الحب بالكلام ليست بالغزل وحده ولا بالتعبير المفعم بالمشاعر الدفاقة، لأن الكلام بين الحبيبين ميزان في قوة الحب وسلطانه.
فقالت والمقصود؟
قال لها الحبيبان بشر يتخاطبان في كل شأن وأمر، لكن لغة التخاطب بينهما تعيش حالة الحب عندما تكون بعافية وتتنفس أنينها عندما تمرض.
قالت تقصد العتاب والغيرة؟
قال لا، أقصد حديثاً عادياً بين حبيبين عن الطقس أو عن السوق أو السير أو اللباس أو العمل فتجدين لغته مختلفة.
قالت أيصير الطقس البارد حاراً، إذا دار الحديث بين حبيبين؟
قال لا، لكن مفرداته تختلف، وفيها نبض ما بينهما، فالتشبيه يكون أحياناً أقوى من الوصف، كأن يقول لحبيبته: الطقس اليوم كحبنا عاصف أو كمعاملتك لي جاف وبارد، أو كما أرى عينيك ناراً تشتعل!
قالت وبخلاف التشبيه؟
فقال لها المرأة تحب من الرجل مزيداً من الغزل بمفردات الحديث ومحطات الكلام، والرجل يريد مزيداً من الاحترام، فإن استخفّت بكلامه أو تصرّفت بعصبية حزن، وإن قال كلامه بجفاف التوصيف بلا حنان التخاطب انفعلت.
فقالت وأنت وأنا؟
قال بعض من البرد والعواصف ومن الحرّ والأعاصير.
فقالت لنكن اليوم إعصاراً.
فاختطفها بين يديه ومضيا.