مكتبة «البناء»
صدر للباحث السياسيّ ريمون ميشال الهنود كتابه «الوعي… مصنع السلم الأهلي» في منشورات «مكتبة الفقيه»، ويعرّف مضمونه في مقدمته على النحو الآتي: «دحضت في كتابي السابق «من أجل صحوة تحقق التغيير»، كل المزاعم المدّعية بأن «ولاية الفقيه» ستولد في لبنان لا محالة، واليوم في كتابي الثاني الحالي «الوعي مصنع السلم الأهلي» عدت وقدمت كل البراهين الدالة على استحالة ولادة تلك الولاية في لبنان، بالتوازي مع استحالة ولادة المشروع الفدرالي، أما المشروع التكفيري فما دام هناك أكثرية شعبية في لبنان وسورية والعراق تتصدّى لتخلفه وإرهابه، فما من خطر بولادته في هذه البلدان. هذا الكتاب في جزئه الأول موجه إلى شباب تيار المستقبل، أو كما أسميتهم أحفاد القوميين العرب، لأن آباءهم وأجدادهم ناضلوا وحققوا الانتصارات المجيدة على المشاريع الإمبريالية في العام 1958، وخصوصاً ضدّ حلف بغداد إيزنهاور. وفي العام 1982 هزموا ضمن صفوف جبهة المقاومة الوطنيّة، التي ضمت آنذاك أحزاب الشيوعي والقومي والبعث والمرابطون وحركة أمل، الجيش الصهيوني الذي غزا جنوب لبنان والجبل وصولاً إلى العاصمة بيروت، وأجبروه في بيروت على الاستنجاد عبر مكبرات الصوت قائلاً عبر ضباطه وجنوده: «يا أهالي بيروت لا تطلقوا النار علينا نحن منسحبون»، بعد عمليات بطوليّة لأحزاب تلك الجبهة.
من هنا، أدعو في كتابي هذا أيضاً إلى وحدة الأحزاب الوطنيّة التي هزمت الجيش الصهيوني عام 1982 في بيروت وعام 1983 في الجبل، وعام 1985 في صيدا وصولاً إلى النبطية. لقد كان الأجداد من القوميين العرب، فلمَ انحرف الأحفاد؟ انحرفوا لأنّ التّغرير بهم نجح عبر جعلهم يقتنعون بأنّ هناك فعلاً خطر فارسي سيغزو لبنان ويحكم بأمره ويذبح بأظافره، وكأن الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله ليسا ضمن محور يضمّ روسيا والصين وكوريا الشماليّة ودول القارة الأميركيّة اللاتينية بقيادة فنزويلا شافيز ومادورو، ودول البريكس وسورية. وكل هذه الدول ترفض قيام دولة دينيّة في لبنان تحت أي مسمى.
في الجزء الأول من الكتاب أذكّر شباب تيار المستقبل بنضالات أجدادهم ضدّ النقطة الرابعة والدفاع المشترك ومشروع روجرز في خمسينات وستينات القرن المنصرم، كما أذكرهم بمشاريع جون فوستر دالاس وزبيغيينو بريجنسكي وبرنارد لويس، المعدّة للبنان والمنطقة العربية، وأذكرهم بالأعمال الإرهابيّة، ضمن لائحة طويلة، والتي قامت بها عاصمة بلاد العم سام واشنطن مع مواضيع أخرى جدّ خطيرة وهامة. وفي الجزء الثاني من الكتاب أتحدث عن الحركات التكفيريّة الدينية، وعن هوية صنّاعها والهدف من صناعتها، وعن الفكر التكفيري الهستيري، الذي يرفض كل أشكال النقاش معه، ويعتبر أن سراطه هو المستقيم بمفرده. وأتحدث عن الوضع في سورية، وكيف حيكت المؤامرة ضدها. أما في الجزء الثالث الذي عنونته بجملة اللي في قلبي على لساني، أتحدث فيه عن عنصرية اللبناني وطائفيته ومذهبيته وفئويته ومناطقيته، عارضاً لعشرات الصور والحوادث التي حصلت معي أنا شخصياً إن في صفوف عائلتي أو في الشارع، والعنصرية والطائفية ليسا وليدة يومنا هذا إنما يعاني لبنان منهما منذ العام 1840 أقله، وهذا ما دفع يوماً بالشاعر يوسف النعيمي ابن بلدة راسكيفا قضاء زغرتا الزاوية إلى القول:
كلنا للفتن للبلاد للألم
ما عرانا اتصال ما عرانا ائتلاف
كلنا في انفصال كلّنا في اختلاف
سهلنا والجبل منبِتٌ للشقاء
قولنا والعمل في سبيل الفناء
من هنا كنت ولا أزال أعوّل على عنصر الشباب لإحداث التغيير المنشود في الذهنية الطائفيّة.
أمّا أبواب الكتاب وفصوله فهي كالآتي:
الجزء الأول: أرضك لابنك بسّ خلّيها
1 ـ التواجد الأميركي في الخليج تاريخياً / 2 ـ نهار الاثنين / 3 ـ حرب اليمن / 4 ـ العلاقة السياسية التركيّة ـ الصهيونيّة ـ تاريخها / 5 ـ مبادرة وليم روجرز / 6 ـ المعاهدة الأردنيّة الصهيونيّة / 7 ـ زبيغينيو بريجنسكي / 8 ـ برنارد لويس / 9 ـ قصّة الحب بين أميركا وأوروبا والكيان الصهيوني
10 ـ أقوالهم العظيمة / 11 ـ ما حدث في سجن أبو غريب / 12 ـ فمن هم هؤلاء وماذا قالوا؟ / الأبراج والشدّة والفيتامينات / 13 ـ أميركا تعشق المتاجرة بالأصدقاء والحلفاء
الجزء الثاني: الحركات التكفيريّة الدينيّة والإرهاب في سورية
الإرهاب في سورية
الجزء الثالث: من وحي السوق أو يلّي بقلبي على لساني
«معجم المواعظ»… كتاباً كاشفاً للمخطّطات الأميركيّة ضدّ العرب
معجم المواعظ دار رسلان للنشر، في 574 صفحة قطعاً كبيراً من تأليف وتحقيق الكاتب العراقي قوام الدين محمد أمين الصدري الهاشمي أملاً في نفوس القراء العرب، بعدما أوصلهم الاستعمار الغربي إلى حالة من الضعف. ويرى الناشر الباحث رسلان علاء الدين في عرضه للكتاب أن المؤلف جمع كثيرا من المعطيات التي أوصلت العرب إلى هزائمهم، معتمداً أسلوباً خاصاً في تحليله الذي تراوح بين الفصحى واللهجة المحلية العراقي. ويبحث الهاشمي في كتابه كيفية استغلال الاستعمار الغربي نوازع الشر في النفوس وتنميتها واستخدامها في مواجهة إخوتهم في الوطن وإرغامهم على ترك بلدانهم وهجر أوطانهم بعد أن يذوقوا الويلات. ويعدّد الكتاب المرتكزات الفكرية التي تعزز القوة الأخلاقية داخل الإنسان وتدفعه للحفاظ على أخيه الإنسان وتحقيق الوحدة الإنسانية كأسمى هدف يرقى إليه البشر. ويعتبر الكاتب أن العرب يجب أن يعتبروا مما حصل في العراق كدرس يتعلمون منه أن أميركا وجميع حلفائها هم أعداء العرب والإنسانية ويعيشون على دماء الآخرين، كاشفاً الأثر البعيد للأسباب التي تدفع أميركا إلى إعطاء السلاح ونشره بين أيدي فئات جاهلة من الشعب، بحجة أنها تدعم «المعارضة» في بلدانها، إلا أنها في الحقيقة تعمل على تنمية الفوضى والإجرام والقتل وزرع الكراهية بين أفراد المجتمع، أنظمة الخليج التي تلهث حكوماتها وراء الشهوات والمال فتجعلها أميركا دعماً فتاكاً للجهلة في الدول الأخرى.
يرى الهاشمي أن أميركا تدفع باللاجئين إلى السكن في بلدان أخرى، ما يخفف من روابط المحبة بينهم وبين بلدانهم، إضافة إلى إنهاك القوة التي تعتمد عليها تلك البلدان بعد هجر أبنائها منها.
ويوضح الكاتب الهاشمي رداءة الدور الذي تلعبه أميركا في ما يحصل داخل سورية وكيفية استغلالها بعض المتخاذلين، وسعيها إلى إضعاف الروح الوطنية وتمزيق الشخصية السورية وسلب الثروات وتسخيرها لدعم الشر وتخريب العالم، معتبراً أن «المعارضين» الذين يلجأون إلى استخدام أدوات رخيصة للوصول إلى كراسي الحكم سيكون ولاؤهم لأميركا وللصهيونية بعدما فتكوا بأهلهم وناسهم. ويظهر الهاشمي في كتابه الحقائق حول من يقف وراء الحروب الخارجية أو الداخلية التي حصلت في التاريخ الحديث وأتت بالويلات على الشعب العربي والشعوب المضطهدة في العالم، ويخلص إلى إمكان زوال الكيان الصهيوني الذي زرع عنوة ليكون سرطاناً في المنطقة.
عراق أواخر القرن الثامن عشر في عين رحّالة إيطاليّ
صدرت لدى «المؤسسة العربية للدراسات والنشر»، الترجمة العربية لكتاب «العراق في رحلة الأب دومينيكو سيستيني في سنة 1781»، وترجمه عن الفرنسية خالد عبداللطيف حسين، وراجعه وحققه الدكتور أنيس عبدالخالق محمود، في 272 صفحة قطعاً كبيراً.
يقول الباحث أنيس محمود: «تمثل هذه الرحلة حلقة أخرى ضمن سلسلة كتب الرحلات التي بدأنا بنشرها منذ مدة والتي نأمل في أن ننشر المزيد منها لتغطية ثغر مهمة من تاريخ العراق والمنطقة العربية، وأملنا أن تلاقي استحسان الباحثين والمؤرخين والمهتمين بأدب الرحلات».
كان للرحالة الإيطاليين حضور متميز بين الرحّالة الأجانب الذين زاروا العراق وكتبوا عنه مذكراتهم ومشاهداتهم المهمة والدقيقة. ومن هؤلاء اشتهرت أسماء كل من سيزار فيدريجي 1563 – 1581 وغاسبارو بالبي 1590 ، وديلا ليه 1616 وباسيفيك ده بروفنس 1628 وفنشنسو 1656 وسيبستياني 1656 – 1664 وأخرين.
يتناول الكتاب رحلة متميزة جديدة هي رحلة الأكاديمي الإيطالي الأب دومينيكو سيستيني الذي زار العراق سنة 1781 في رحلة ذهابه وإيابه بين اسطنبول والبصرة، ماراً في العديد من مدن العراق، مثل زاخو وسنجار والموصل وتكريت وبغداد والعمارة، ثمَّ البصرة في طريق الذهاب. والحلة والديوانية وكركوك وأربيل في طريق الإياب.
تكمن أهمية هذه الرحلة المهمة في تزامنها مع الحوادث الجسيمة والعصيبة التي شهدها العراق إبان الربع الأخير من القرن الثامن عشر. فالطاعون القاتل الذي كانت آثاره مخيّمةً على البلاد والانقسامات والحروب الداخلية، ودخول الجيوش الأجنبية، وتعاظم نفوذ العشائر في منطقة الفرات الأوسط، ونشاط البعثات التبشيرية، ألقت كلها ظلالها القاتمة على هذا البلد. لكن سرعان ما تمكّن والي بغداد سليمان باشا الكبير 1780-1802 من التخلص من حوادث الفوضى والاضطراب بفضل سياسة الشدة والحزم التي انتهجها، فانتعشت الحياة الاقتصادية من جديد وعمَّ فيها الرخاء.
هذه الرحلة ليست مجرد قصة ممتعة هدفها إثارة اهتمام القارئ والمؤرخ فحسب، إنما هي بحث تاريخيٌ موثق فيه سرد شائق للحوادث التي شهدها العراق إبان تلك المرحلة العصيبة.
آرندت تبحث في أسباب الاهتمام بالنقد على حساب التجربة
من إصدارات دار «جداول للنشر والترجمة» الحديثة في بيروت، كتاب «بين الماضي والمستقبل: ستة بحوث في الفكر السياسي» للفيلسوفة الألمانية هانّا أو حنّة آرندت، ترجمة عبدالرحمن بشناق. والمقالات هذه تمارين في الفكر السياسي مثلما ينبثق في واقع الحوادث السياسية رغم أن هذه الحوادث لا تذكر إلاّ عرضاً . وتفترض المؤلفة في هذه المقالات أن التفكير نفسه ينشأ عن وقائع خبرة الحياة ويظل مرتبطا بها باعتبارها المعالم الوحيدة التي يستطيع أن يدرك بها موقفه واتجاهه. ولما كانت هذه التمارين تدور حول الماضي والمستقبل، فإنها تجمع بين النقد والتجربة، لكنّ التجارب لا تحاول تصميم مستقبل يوتوبيّ. كما أن نقد الماضي والآراء التقليدية لا يقصد إطاحتها.، وإلى ذلك فإن نواحي النقد والتجربة في المقالات ليست منفصلة بعضها عن بعضها الآخر انفصالا بيّنا، رغم أن بعض الفصول يميل إلى النقد أكثر مما إلى التجربة، أما الفصول الأخرى فأقرب إلى التجربة منها إلى النقد. وهذا التحوّل التدريجيّ من الاهتمام بالتجربة إلى الاهتمام بالنقد لا ينجم اعتباطاً، إذ أن عنصر التجربة موجود في تفسير الماضي ونقده، والتفسير هذا يرمي بالدرجة الأولى إلى اكتشاف المصادر الحقيقية للآراء التقليدية، بغية تخليص روحها الحقيقية من جديد بعدما تبخرت، ويا للأسف، إذاختفت الكلمات الأساسية في لغة السياسة مثل الحرية والعدالة والسلطة والمنطق والمسؤولية والفضيلة والقوة والمجد، ولم يبق منها سوى القشور الفارغة للتعبير عن كل شيء تقريباً، دونما اكتراث بالحقيقة الخطرة الكامنة وراءها.
هانّا آرندت 1906 1975 كاتبة ومنظّرة سياسية وباحثة يهودية من أصل ألماني. وصفت غالباً بالفيلسوفة بيد أنها كانت ترفض دوماً هذه العلاقة، على أساس أن الفلسفة تتعامل مع «الإنسان في صيغة المفرد». وبدلاً عن ذلك تصف نفسها بالمنظّرة السياسية إذ يركز عملها على كون «البشر، لا الإنسان الفرد، يعيشون على الأرض ويسكنون العالم». من أشهر أعمالها «في العنف»، و»أسس التوتاليتارية» و»يوميات التفكير الفلسفي 1950 و1973»، والأخير عبارة عن 28 دفتراً: «أرشيف محمول» الذي يضيء أسس أعمال آرندت، خاصة التمفصل بين «جذور التوتاليتارية» و»شرط الإنسان الحديث».