أوباما أمام فشل مزدوج لسياسات «محور الشر» و«شبكة الرعب»

واصلت مراكز الابحاث الأميركية اهتماماتها بسياسة الرئيس باراك أوباما المعلنة، ولم تبخل عليه في توجيه سيل من الانتقادات لاعتقادها انّ الغارات الجوية أتت في وقت متأخر، وينبغي تعزيزها بمزيد من الإجراءات العسكرية الرادعة بغية إلحاق الهزيمة بالدولة الاسلامية.

سيستعرض قسم التحليل أوجه القصور في «استراتيجية اوباما،» والإجراءات التي لجأ اليها، وإبراز ثبات حالة التدني في نسب التأييد الشعبي لسياساته. كما سيطرح على بساط البحث تباين الأولويات في قواعد الحزب الديمقراطي مقارنة مع الرئيس وقادة الحزب: الجمهور الانتخابي يعتبر التغيّرات المناخية محور اولوياته، والحزب يعتبر الأولوية في شنّ الحروب أهمّ مقاصده ليتقاطع فيها مع نبض قواعد الحزب الجمهوري ونسبة معتبرة من الناخبين «المستقلين.» فأيهما سيحظى باهتمام الرئيس اوباما قبل جولة الانتخابات المقبلة.

استراتيجية أوباما

اعتبر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية انّ نجاح الاستراتيجية الأميركية لمحاربة «داعش» لا ينطوي عليه اسثمار جهد معتبر في نشر قوات برية… اذ ان الجيش العراقي اثبت ان باستطاعته خوض القتال ولديه وحدات قتالية مؤهلة، وكل ما يحتاجه هو تدعيمه بقوات خاصة ووحدات المغاوير…» وحث صناع القرار على توفير الاسلحة والعتاد الضروري لمهام تلك الوحدات بحيث تمكّنها من «الدفاع الذاتي عن نفسها، ورفع جهوزيتها لتكبّد الخسائر وتوفير وسائل الاغاثة الطبية.»

استعادت مؤسسة هاريتاج الجدل حول التفويض التشريعي للسلطة التنفيذية بشن حرب ضد «داعش»، موضحة ان «توفر التفويض باستخدام القوات العسكرية لا يغني عن بلورة استراتيجية شاملة تضع نصب أعينها مواجهة وإلحاق الهزيمة بعدو» مهما كانت تصنيفاته. وذكّرت المشرّعين بمهام الرئيس كقائد اعلى للقوات المسلحة الذي يتحمّل مسؤولية «تقييم حجم التهديدات التي تحيق بالأمن القومي، وعند التيقن منها، ينبغي عليه توضيح الأمر للشعب الاميركي والكونغرس… فالرئيس هو المخوّل بتصدّر موقع القيادة وبلورة استراتيجية شاملة ورشيدة لمواجهة وإلحاق الهزيمة بالعدو.»

اعتبر معهد كارنيغي ان احد الشروط لمواجهة داعش يكمن في «تحقيق هدنة بين الرئيس الأسد وبعض قوى المعارضة السورية… مما يصب في صلب توجه الإدارة الأميركية لتقويض وتدمير الدولة الاسلامية،» مع الاقرار بأن «الهدنة افضل من لا شيء، واقل من التوصل الى استراتيجية.» واعتبر ان احد اوجه القصور في سياسة الرئيس اوباما انه «يرّحل الأمر الى مرحلة لاحقة… مما قد يحدّ بشدة من تداعيات الحملة ضدّ الدولة الاسلامية والسماح لقواتها بإعادة تنظيم صفوفها والانطلاق مجدّداً.»

استضاف معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى حلقة دراسية للبحث في الخيارات المطروحة لإلحاق الهزيمة بالدولة الاسلامية. وطالب أحد المشاركين، جيمس جيفري، الإدارة الاميركية «القاء مزيد من الضوء لتوضيح ما تعنيه من هدف «الحط من قدرة وتدمير» الدولة الاسلامية.» واضاف انّ «التدمير» ينطوي عليه القضاء التام على المجموعة «للدلالة على مدى التزام اميركا وطمأنة الحلفاء بتعهداتها للأمن الاقليمي.» واستدرك بالقول ان تحقيق ذلك «يكاد يكون من المستحيل نظراً إلى انتشار ايديولجية داعش عبر الاوطان… الذي يستغل ضعف بنية الدول الاقليمية لتحقيق مآربه.»

انفرد معهد بروكينغز من بين أقرانه للنظر الى «نصف الكوب الملآن» في استراتيجية الرئيس اوباما، معتبراً أنها حققت «عدداً من التطورات الهامة… فقد فرضت تنحّي رئيس الوزراء نوري المالكي وأتت بحكومة تتمتع بتمثيل اوسع ملتزمة بهدفي محاربة الدولة الاسلامية، من ناحية، والتكيّف واستيعاب مطالب الطائفة السنية…» هذا بالاضافة الى جهوزية عدد من القوى الاقليمية واستعداد آخرين للانضمام إلى الحملة التي تقودها الولايات المتحدة… تشكل بمجملها الخطوات الاولى في الاتجاه الصحيح.» وحث صناع القرار والقوى الاميركية المختلفة على «بدء الاستعداد لبناء الدولة، خاصة في سورية.»

عاود معهد الدراسات الحربية العزف على المسألة الطائفية معتبراّ انّ «محور التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في العراق وسورية هي توفير الامكانيات للطائفة السنية امتداداً من بغداد ودمشق الى تركيا والأردن لالحاق الهزيمة بتوابع ومشتقات تنظيم القاعدة… التي تنشط في المناطق ذات الاغلبية السنية.» وشدّد المعهد على ضرورة بذل الجهود «لإشراكها في جهود التوصل لحلول أمنية فضلاً عن ضرورته لحرمان القاعدة من البيئة الحاضنة لعودتها… لا سيما ان السوريين منهم قد بدأوا يفقدون الثقة في ما ستؤدي اليه مرحلة ما بعد انتهاء الحرب.»

ايران

اعرب معهد المشروع الاميركي عن اعتقاده ان الرئيس الايراني حسن روحاني «حافظ على ثبات موقعه في وسط الطيف السياسي». وفي ما يخص العلاقات المقبلة بين ايران والولايات المتحدة قال المعهد انه «بصرف النظر عن وجهة الحلول التي ستنبثق عن المحادثات الراهنة… فانّ علاقة روحاني بخامنئي ستبقى وثيقة على الأرجح، خاصة في ادارته للإصلاحات الاقتصادية الهامة، بصرف النظر عن رفع العقوبات من عدمها.» وذكّر المعهد صنّاع القرار في واشنطن والدول الغربية انه في محصلة الأمر فإنّ الرئيس روحاني هو نتاج «الجمهورية الاسلامية وسيعمل على المحافظة عليها بدلاً من إطلاق العنان للتوقعات بإقدامه على احداث التغيير من الداخل.»

افغانستان

تغيّرات السلطة السياسية في أفغانستان كانت من ضمن اهتمامات مركز ويلسون الذي حذر من «تمدّد الانقسام الراهن، اذ انّ ايّ تصدّع مهما كانت درجته من شأنه ان يحكم بالهلاك على حكومة الوحدة وتقصير اجلها،» حاثاً القادة الأفغانيين الجدد تفادي الانزلاق الى تلك المرحلة.

في البدء، ينبغي التذكير بسجل الرئيس اوباما الذي يعوّل عليه كإرث سياسي يصرفه لاحقاً لدى اخطبوط «مجمع الحرب على الارهاب الصناعي العسكري والمالي والاعلامي،» الذي يضمّ أهمّ واقوى اللاعبين السياسيين والاقتصاديين في اميركا، والمسيّر الحقيقي للسياسات الأميركية العدوانية.

في ظلّ خمس سنوات قصيرة من عمر رئاسة باراك اوباما، أصدر أوامره للهجوم والإغارة على سبع دول مستقلة العراق وافغانستان وباكستان والصومال واليمن وليبيا وسورية ، وشن اكثر من 390 غارة بطائرات الدرونز في اليمن وباكستان والصومال اذ ما استثنينا مالي وجيبوتي في القارة الافريقية ، ونالت «بركاته» العسكرية الحديقة الخلفية لأميركا في بنما وهايتي وغرينادا.

تم تطبيق تلك السياسة العدوانية تحت غطاء واهم بأنّ باراك اوباما فاز بمنصبه لنيته الإقلاع والتمايز عن سلفه جورج بوش الابن، كما مهّدت له الآلة الاعلامية الضخمة في البدء، واستمر في تطبيق ذات السياسة في الهيمنة الكونية مغلفة «بصانع السلام» والإقلاع عن تصنيفات «محور الشر» بالغة التسطيح. جدير بالذكر ايضا انّ الولايات المتحدة ومنذ عام 1980 لجأت إلى التدخل العسكري «37 مرة في 27 دولة.»

للدلالة أيضاً على النزعات العدوانية المتأصلة في «الفكر السياسي» الاميركي، مهرت مجلة «الايكونوميست» الرصينة عنوان غلافها الأخير بعبارة تهكمية «المهمة استؤنفت،» معيدة الى الأذهان عبارة جورج بوش الابن، ايار 2003، بان «المهمة انتهت» عقب غزو العراق واحتلاله.

بناء على ما تقدم، يمكننا القول انّ آفاق المرحلة المقبلة تنذر بمزيد من «نِعَم» الفوضى والدمار المرافقين للتدخل العسكري الاميركي المباشر بل ان احتلال العراق شكل منصة انطلاق للسياسة «الجديدة» للولايات المتحدة في سورية، بشكل خاص، وبسط هيمنتها على مناطق متعددة اخرى في العالم بدءاً من اوكرانيا في اوروبا، وتجسيدها في آسيا لضعضعة بروز الصين ومحاصرة روسيا.

ومن ثم فالغارات الجوية الاميركية على سورية تدلّ على اتضاح الهدف الابعد للاستراتيجية الاميركية في اعادة رسم خريطة المنطقة خدمة لأهدافها ومصالحها التي عادة تأتي على نقيض مصالح العرب والشعوب الأخرى، بل من النادر ان يحدث تلاق او تطابق بينهما. فالاستراتيجية الاميركية، كما تراها بعض النخب السياسية، اضحت تتغذى بهاجس «انتاج عدو جديد،» في كل مرحلة مفصلية، يعسّر اي نزعة مقبلة لأي رئيس قادم التغاضي عنها او القفز عليها، او ثمة التفكير بوضع نهاية «للحرب على الارهاب» او مصطلح اوباما «شبكة الرعب » وتجسيدا كذلك لنبوءة الأديب الاميركي يوجين اونيل بأن «الماضي يعيد إنتاج نفسه مرة تلو اخرى.»

فالسياسات الاميركية المرسومة، سواء المعلن منها والمضمر، بدءاً بمحور الشر ومروراً بشبكة الرعب والموت بطبعتها الاوبامية، تكتسب «زخماً وتفقد قابلية لتطويعها على مرّ الزمن.» عنوان حملة اوباما العدوانية استوجبت ابتداع خطاب وشعار جديد «استهداف شبكة الرعب لداعش،» لتمويه مآربها، وتوضح بجلاء بأن الولايات المتحدة الرسمية ما فتئت تسعى ولم تدخر جهداً لزعزعة استقرار سورية «ودعم قوى المعارضة المسلحة» التي أنتجت «داعش» وتوابعها ومشتقاتها.

محصلة الغارات الجوية الاميركية على شريط من الارض السورية أسفر عن نتائج متواضعة، من وجهة النظر الاميركية. اذ عنونت صحيفة «نيويورك تايمز» النافذة صفحتها الاولى «في العراق… فشلت الغارات بزحزحة داعش»، بالرغم من توارد انباء عن مصرع بعض العناصر القيادية لديه، ابو يوسف التركي ومحسن الفضل.

على الطرف المقابل في معسكر دعاة الحرب، لم تشفِ الغارات وحجم الدمار الغليل واعتبرت «وخزة دبوس» تضايق وتزعج لا اكثر، وتجدّدت النداءات السابقة بضرورة انخراط اميركي اوسع طمعاً لإسقاط الدولة السورية واعادة تكوينها وفق ما يلبّي مصالحه من مخططات وقوى وادوات تهديد واضطراب.

في هذا الصدد، لا ينبغي القفز على البعد الداخلي الاميركي كأحد العوامل في اعتبارات الرئيس اوباما، والذي رمى لتعزيز ووقف انهيار نسبة شعبيته بعد سلسلة اخفاقات اصابت حلفاءه بيد ان نزعته العدوانية لم تؤتِ أكلها، واستمرت وتيرة التدهور من دون كوابح، ولم تفلح جهوده والآلة الإعلامية الأميركية الضخمة بتسليط الضوء على سلسلة من الاهداف: داعش، جبهة النصرة، ومجموعة خراسان التي لم يسمع بها تقريباً في الاعلام الاميركي من قبل، وبرزت بالتزامن مع بدء الغارات العسكرية. واعتبر بعض الخبراء العسكريين ان تعدّد الاطراف المستهدفة ينمّ عن فشل السياسة الاميركية وعملياتها «السرية» في سورية.

ابتدعت واشنطن صيغة تحالف ينضوي تحت لوائها وقرارها من الدول العربية، لا سيما الخليجية والأردن، والاقليمية رغم تردّد تركيا في البداية ، والدولية تحقق جملة أهداف مرة واحدة: أولها إبراز حجم الدعم الذي تحظى به السياسة الأميركية، ولو شكلاً، وتوزيع الكلفة المادية والبشرية على مجموعة اطراف العربية والأوروبية التقليدية. بعض الخبراء العسكريين الأميركيين أبرز مواطن الضعف في «استراتيجية اوباما،» على المستوى العملياتي، ويتهمه بارتكاب «خطيئة عسكرية كلاسيكية» لدخول اتون المعركة بقوات برية محدودة مقابل طرف معاد يتفوق عليها عددياً، مما يشير الى مواجهة طويلة الأمد تحصد نتائج محدودة وهزيلة مقارنة مع الغرض الأبعد بتحقيق نصر حاسم سريع.

ويشير هؤلاء أيضاً الى المرونة التي يتمتع بها «داعش» وقدرته على نشر بعض خلاياه العاملة بعيداً عن ساحة المواجهة الرئيسية وشنّ عمليات ضدّ الدول المشاركة في تحالف واشنطن وربما داخل اراضيها. بل سعت على الفور إلى ترجمة ذلك التخوّف، إذ لم تمضِ بضع ساعات على إلقاء الرئيس أوباما خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ورود أنباء تفيد عن مصرع رهينة فرنسية كانت محتجزة لدى جماعات مسلحة في الجزائر تدين بالولاء للدولة الاسلامية، بجزّ عنقها، الوسيلة المفضّلة لتلك المجموعات. الملفت أيضاً انّ مجموعة «جند الخلافة» تلك أصدرت بياناً تحذيرياً تهدّد بقتل الرهينة ان لم تتوقف فرنسا عن مشاركتها في قصف مواقع الدولة الاسلامية في العراق.

قرار وحجم المشاركة تقرّره الولايات المتحدة وليس الدول المنضوية تحت لوائها. بعد اعتلاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند منصة الجمعية العامة للامم المتحدة اكد انّ بلاده ماضية قدماً في المشاركة بالغارات الجوية فوق الاراضي العراقية، على الرغم من مقتل الرهينة الفرنسية في الجزائر.

الاعيب ام سياسة خارجية لاميركا؟

خطاب الرئيس اوباما امام الجمعية العامة للامم المتحدة انطوى على بضع رسائل موجهة إلى الداخل الاميركي، وإلى العالم اجمع، ولم يشأ ان يبقى خارج الاهتمام العالمي هذه المرة من مخاطر الانبعاث الحراري، لا سيما انّ إحدى اكبر التظاهرات شهدتها مدينة نيويورك خلال انعقاد الدورة، شارك فيها ما لا يقلّ عن 400،000 متظاهر. وزعم أمام الهيئة الدولية انّ بلاده «تسعى الى تحقيق تخفيضات طموحة في انبعاثات غاز الكربون، وانها زادت من حجم استثماراتها في مجال الطاقة المتجددة… بيد ان نجاحنا اميركا في تخفيض الانبعاث الحراري مرهون بمشاركة كل القوى الرئيسة…»

توقيت الغارات الجوية الاميركية ضدّ «داعش» بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة وتنامي اهتمام شعوب العالم بضرورة تقليص الدول الصناعية حجم الغازات الضارة التي تنتجها يثير أهمية البعد الداخلي في خطابه، لا سيما وعينه على الانتخابات النصفية المقبلة. أشار أحد أهمّ مراكز استطلاع الرأي، بيو، في شهر آب الماضي الى تباين آراء القواعد الداعمة للرئيس اوباما في تحديد الأولويات السياسية، لا سيما تقييم حجم وجدية الخطر الارهابي، مقارنة برؤية الشريحة الانتخابية من المستقلين التي يعوّل عليها عادة في ترجيح كفة الفائز بالانتخابات.

وأشارت نتائج استطلاع معهد بيو الى وعي اغلبية معتبرة من الناخبين الديمقراطيين بأولوية التهديد الصادر عن التحوّل المناخي، بنسبة 65 ، فاقت التهديد «المزعوم» من الدولة الاسلامية. بالمقابل، اعتبرت الاغلبية العظمى، 80 ، من الناخبين الجمهوريين ان القاعدة ومشتقاتها تمثل التهديد الاساسي للولايات المتحدة، مقابل شريحة بنسبة 25 عبرت عن قلقها من التغيّر المناخي. اما شريحة «المستقلين» فقد عبّرت غالبيتها عن اولوية تهديد القاعدة وتوابعها، 69 ، مقابل 44 ابدت اهتمامها بالتغيّرات المناخية.

لعلّ اللغز الكامن في تلك الهوة الشاسعة في الآراء يفسّر تراجع شعبية الرئيس اوباما، بل ثبات نسبة التراجع. وسجل اليوم التالي لخطاب اوباما في نيويورك، 11 أيلول، دعم نسبة ضئيلة من المواطنين، 36 ، لسياسة الرئيس اوباما الطموحة. وخلال بضعة ايام قلائل انحدرت نسبة التاييد الى 31 .

الجزء الاكبر من إقلاع الجمهور عن دعم اوباما كان مصدره قاعدته من الناخبين الديمقراطيين. ففي الحادي عشر من ايلول الفائت بلغت نسبة تأييده بينهم 67 ، وانحدرت الى 59 بعد بضعة ايام وتجدر الإشارة الى تراجع نسبة مؤيديه بين السود الاميركيين، قاعدته المفضلة، 5 نقاط مئوية، من 73 الى 68 في ذات الفترة الزمنية.

لا ينبغي التغاضي عن أهمية تلك النسب الثابت الوحيد في مؤشراتها هو التداعي المستمر للرئيس أوباما خاصة عند استخلاص النتائج لمسيرته المتعثرة في «محاربة الارهاب» و»تقليص وتدمير داعش.» وليس لجوؤه إلى الخيار العسكري في هذا الظرف الدقيق من ولايته الرئاسية الا لتعديل ميل موازين القوى لصالح ممثلي الحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة، طمعاً في إبقاء سيطرة مجلس الشيوخ بقبضة الديمقراطيين. وكما اشارت نتائج الاستطلاعات الحديثة فإنّ الجزء الأكبر من قاعدته الانتخابية لا تكترث «للحرب على الارهاب» ومشتقاتها، وتعتبر التغيّرات المناخية والانبعاث الحراري محور اولوياتها.

رسالة الحرب والعدوان التي ارساها اوباما حظيت بدعم «مدروس» من قبل خصومه الجمهوريين الذين سيواصلون انتقاداتهم في الجولة الانتخابية المقبلة. ويدرك الرئيس اوباما انه لن يستطيع التماثل التام مع خصومه خشية نفور قاعدته الانتخابية من الديمقراطيين، وكذلك لا يرغب في التقرّب اكثر مما هو عليه الحال الراهن من اولويات تلك القاعدة. فالتوفيق بينهما تعوزه الحماسة ولن يحصد سوى مزيد من التردد والتأرجح وربما تصدع وفشل سياسته الخارجية برمتها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى