ظرف استثنائي… ودورة استثنائية

معن حمية

في لبنان لا يصحّ أيّ أمر إلا بعد أن يصبح ناجزاً. والكلام عن توافق حصل بين معظم القوى السياسية على صيغة جديدة لقانون الانتخابات النيابية، يبقى مجرّد كلام، ما لم يُقرّ في المؤسسات.

صيغة القانون التي تمّ الحديث عنها 15 دائرة انتخابية ، ليست المثلى، لأنها لا تحقق صحة التمثيل وعدالته ولا تحقّق انصهاراً وطنياً كاملاً، غير أنّ إشاعة مناخ عن توافق على صيغة معيّنة في لبنان، يُعتبر إنجازاً وإعجازاً في آن.

ما قيل من ملاحم ومعلّقات في هجاء قانون الستين، يجعل العودة إليه «مذلّة»، رغم أنّ القوى السياسية في لبنان، هي بمعظمها محكومة بخلفيات طائفية، وما تريده من أيّ قانون جديد للانتخابات، أن يضمن لها ما يضمنه قانون الستين، ويضيف على تمثيلها المنتفخ ولا ينتقص! وهذا الاتجاه تضمّنته الصيغ العديدة التي طُرحت، من صيغة الأرثوذكسي، إلى المختلط، الى التأهيلي، وكلها صيغ تعزّز الطائفية والمذهبية وتعمّق الشروخ الوطنية. لذلك فإنّ صيغة الـ 15 دائرة على أساس النسبية الكاملة، قد تكون الأقلّ ضرراً، لكن ماذا لو جرى تفخيخها بالصوت التفضيلي على أساس طائفي أو بنقل هذا المقعد النيابي من هنا وذاك المقعد من هناك، أو التلاعب بعدد المقاعد، وأية وحدة وطنية يتحدّثون عنها في ظلّ دوائر مرسّمة طائفياً؟

المؤكد هو أنّ القانون الانتخابي الذي ينقل لبنان من وضعية دويلات الطوائف والمذاهب والفساد إلى دولة المواطنة والإصلاح، هو الذي يجعل من لبنان كله دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية ومن خارج القيد الطائفي، وإذا لم يصل اللبنانيون إلى هذا القانون، فسيبقى لبنان أسير الصيغ الطائفية المولدة للأزمات.

ما هو واضح أنّ النقاش حول قانون عصري للانتخابات ليس متاحاً في هذه الآونة، فكلّ طرف له حساباته ويقيس مصالحه بالمازورة الطائفية، وبالتالي، إذا كان لا بدّ من صيغة انتخابية، فصيغة الـ 15 دائرة على أساس النسبية قد تمرّ في الظرف الدقيق والاستثنائي المشرّع على الهاوية والمجهول، وتنتظر دورة استثنائية لا بدّ أنها آتية على الطريق.

صحيح أنّ الوقت يدهم الجميع والمهل ضاغطة، لكن ثمة حدثاً بأنّ القوى السياسية في لبنان بارعة في استثمار ما تبقى من وقت لتلعب على حافة الهاوية، وقد يكون هذا اللعب وسيلة لفرض الصيغ المنقوصة…!

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى