رئيس الجمهورية: إنجاز قانون انتخابات خلال الأيام الآتية سيكون بداية استعادة الثقة
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن الهدف الأساسي لهذا العهد هو بناء دولة قوية، واستعادة الثقة كما يقول شعار الحكومة الحالية، فالشعب اللبناني مقتنع أن الدولة فاسدة بجميع إداراتها، وهو لا يوليها أي ثقة.
وشدّد خلال حفل الإفطار الذي أقيم في قاعة 25 أيار في القصر الجمهوري على أن إنجاز قانون الانتخابات، خلال الأيام الآتية، سيكون بداية استعادة الثقة، لأنه سيبرهن عن إرادة تحسين التمثيل الشعبي وجعله أكثر توازناً، أفقياً بين مكونات الشعب اللبناني كافة، وعمودياً داخل كل مكوّن بحدّ ذاته.
ولفت إلى أن الدولة القوية التي تتمتع بثقة المواطن والتي نتطلع إليها هي الدولة الصادقة بوعودها، التي إن وعدت وفت، وإن التزمت نفّذت. الدولة التي تكرّس عملها لشؤون المواطن والوطن فتبني اقتصاده، وتحفظ كيانه وسيادته واستقلاله، وتحمي حريّاته.
وتابع: إن الدولة لا تُبنى بين ليلة وضحاها، ولا تبنى أيضاً بإرادة فردية. الدولة لن تقوم، والثقة لن تستعاد إلا بتضافر الإرادات الطيبة واجتماع النيات الصافية لما فيه مصلحة الوطن. وكل خطوة على هذا الطريق هي نجاح لنا جميعاً، وأي تراجع هو فشل لنا جميعاً. هي دعوة صريحة للجميع، أن تتقدّم مصلحة الوطن على كل المصالح الأخرى، فتسهل عندذاك كل الحلول.
وكان استهلّ كلمته بالقول: يسرني أن نجتمع اليوم امس مع انطلاقة الشهر الفضيل، شهر الخير والبركة، حول مائدة الإفطار الرمضانية، بكل ما تحمل في وجداننا وفي ذاكرتنا من قيم ومحبة وتلاقٍ، تُعيدنا إلى أيام الزمن الجميل، حيث كان تشارك الخبز والملح يربط الناس أكثر مما يربطهم عقد موقّع. فأهلاً بكم في بيتكم. هذا البيت الذي أريدُ له أن يكون جامعاً لكل أبنائه ومفتوحاً لهم ساعة يحتاجونه.
وأضاف رئيس الجمهورية: يقول نابوليون «إن السياسة هي ابنة التاريخ، والتاريخ ابن الجغرافيا، والجغرافيا ثابتة لا تتغيّر»، وقدر وطننا أن يكون جغرافياً وسط منطقة بركانية، إن استكانت حممها لفترة فلتثور لفترات، وما بين استكاناتها وثوراتها يُخطّ تاريخنا، مثقلاً بأحماله، مثخناً بجراحه، وأيضاً فخوراً بإنجازاته.
وتابع: في العام 1967 بدأت موجة قاسية من تلك الحمم، لا نزال نعاني من تداعياتها حتى اليوم، مع الحرب «الإسرائيلية» واحتلال ما تبقّى من فلسطين وتهجير أهلها، ثم الاتفاقيات التي افتقرت إلى بعد النظر فأسّست إلى صدامات مع الفلسطينيين بدأ على إثرها التشلّع يضرب جسم الوطن، وأخذ يتّسع ويتعمّق بدعم من الخارج، حتى سقط لبنان في أتون حرب على مدى 15 عاماً، كلّفته أغلى الأثمان، بشراً وحجراً واقتصاداً، في العام 84، عندما تسلّمت قيادة الجيش كان تشلّع الوطن في ذروته، كان هناك خمسة لبنانات، وكل منها مرتبط بدولة ما، ولا وجود للبناننا بينها، وأي عمل أمني نقوم به كان يصنّفنا في خانة فريق ضد آخر… يومها توجّهت إلى العسكريين بالقول «عليكم أن تختاروا بين أن تكونوا مرتزقة للعبة دولية أو جنوداً للوطن والهوية. خيارنا الوطن والهوية». هذا الخيار هو الذي رسم مسيرة حياتي السياسية، «لبنان اللبناني»، الذي لا «شريك له في أرضه ولا وصي على قراره»، وهو الذي وضعني في موقع المصطدم الدائم مع اللعبة الدولية وملتزميها.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أنه استعاد للحظات هذا التاريخ المؤلم ليقارن اليوم بالأمس، ليس لإثارة المشاعر لكن لأخذ العبر، فجغرافيتنا ثابتة ولا نزال في قلب البركان إياه، إلا أن لبنان هذه المرة استطاع أن يحمي نفسه منه ولم يسقط في أتونه، لأن ذاكرتنا التي حملت أحداث السبعينيات وما تلاها، قد أعطتنا المناعة، وعلّمتنا أن وحدتنا الوطنية هي صمّام أماننا. نختلف في السياسة، نعم، نتجادل، نتنافس، نعم، ولكن سقفنا وحدتنا، ولا يجب أن نسمح لأي حدث أن يهدّدها. ومن غير المقبول ولا المسموح أن نسمع عند كل استحقاق سياسي أصواتاً تهدّد، تصريحاً أو تلميحاً، بالعودة إلى الحرب.
وأشار إلى أن جميعنا جرّبنا الحرب، عشنا مآسيها ونزفنا من جراحها، وبعضها لم يختم حتى اليوم.. وجميعنا نعرف أن لا حلّ يأتي من خلالها سوى المزيد من التدمير. لذلك، يجب على ذاكرتنا أن تبقى حيّة كي لا تتكرّر الأخطاء.
وأعاد رئيس الجمهورية ما سبق أن قاله أول أيام حرب تموز: «سنوات من الحرب مع الخارج ولا ساعات من الاقتتال في الداخل». ولتعزيز هذه الوحدة يجب سدّ الثغرات في نظامنا السياسي، وذلك من خلال إرساء حالة التوازن فيه، فنغنيه بجمع الإيجابي في خصائصنا بدلاً من أن نفقره بطرحنا السلبي منها.
وأكد أنه بعد سقوط الأحاديات المجتمعية، الدينية منها والسياسية والعرقية، وبعد ما نشهده في العالم اليوم من تطرّف متبادل، حيث الغرب يعمّم على الإسلام تهمة الإرهاب والإسلام يتهم الغرب بإطلاق وتغذية الإسلاموفوبيا، يبرز دور لبنان، وأيضاً الحاجة إلى هذا الدور. فلبنان، بمجتمعه التعددي، الذي يجمع كل الأديان والمذاهب، لا يزال محافظاً على توازن النظام وميثاقيته، حتى وإن كانت الانقسامات السياسية فيه تفسد هذه الصورة أحياناً عندما تتموّه بطابع ديني بينما هي سياسية في مضمونها وحقيقتها، ما يسمح له أن يكون النموذج لكل المجتمعات التي تلفظ الأحادية وتتلمّس طريق التعددية.
وشدّد على أن لبنان لم يكن يوماً أرضاً لصراع الحضارات والثقافات والأديان، بل على العكس، كان دائماً أرض لقاء وتفاعل وحوار، لذلك هو الأقدر أن يكون في هذه المرحلة مركزاً لحوار الأديان وأن يلعب دوراً محورياً في إعادة وصل ما انقطع. وكلنا على يقين أنه إذا تشوّه وجه الإسلام ينتهي الشرق، وإذا هُجّر المسيحيون منه تندثر الروح المشرقية القائمة على التعدّدية والانفتاح والتسامح الديني، وتنتصر الأحادية العنصرية المدمّرة. لذلك علينا أن لا نستهين بدورنا أو نتهاون فيه، وهو الأقرب إلى الرسالة منه إلى الدور.
وسبق حفل الإفطار اجتماع ثلاثي بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. واكتفى بري لدى مغادرته بالقول «كل شيء منيح». أما الحريري فقال «لقد اتفقنا على كادر القانون الانتخابي وهناك لجنة ستتولى التفاصيل والأمور النهائية». وأوضح «أن الأجواء بين الرئيسين عون وبري كانت إيجابية».
وأضاف: «اتفقنا على النسبية في 15 دائرة أما الاتفاق على التفاصيل فسينجز قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي».
والتقى رئيس الجمهورية رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي أكد أن «الأجواء إيجابية. لا ستين ولا تمديد وهناك قانون جديد. وهذه الليلة مباركة».
من جهة أخرى عُقد اجتماع بين الوزير جبران باسيل والنواب جورج عدوان، إبراهيم كنعان وألان عون في القصر أيضاً.
وكان الرئيس عون استقبل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي أكد أن أجواء الاتصالات الجارية حول قانون الانتخابات النيابية على أساس النسبية إيجابية وجدية للمرة الأولى، وأن إمكانية الوصول خلال أيام قليلة إلى قانون جديد تعتمد على النسبية أصبحت الأكثر توقّعاً. ولفت المشنوق إلى أنه سلّم الرئيس عون دراسة أجرتها وزارة الداخلية مع الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بوسائل إجراء الانتخابات وفقاً للنسبية كفكرة عامة، إضافة إلى المدّة التي يحتاجها التدريب للقيام بذلك في كل مجالات الإدارة ولرؤساء أقلام الاقتراع ورؤساء اللجان التي ستتولى الفرز. وطبعاً، إن الفرز سيكون إلكترونياً لكن بوجود خبراء في هذا الموضوع، معلناً أن ثلاثة أشهر تعتبر وقتاً قصيراً لإجراء هذه العملية الجديدة على الإدارة ككل.
ونقل المشنوق عن رئيس الجمهورية اهتمامه بالوضع الأمني في بعلبك خصوصاً، والبقاع عموماً، وإجراءه الاتصالات وإعطاءه التوصيات من اجل ضبط هذا الوضع، وقال: «لم يعُد من الممكن الاستمرار في هذا الفلتان الأمني في بعلبك، والذي يعرّض الناس لجرائم قتل غير مبررة، إما عن طريق الصدفة او جرّاء خلاف حول موقف سيارة وغير ذلك»، مؤكداً «اتخاذ إجراءات حاسمة ونهائية في هذا الموضوع.»
واستقبل عون وزير السياحة أواديس كيدانيان مع وفد المنتدى الدولي الأول للسياحة والمؤتمرات الذي عقد في فندق «لو رويال» في ضبيه الأسبوع الماضي، وشارك فيه ممثلون من 150 مؤسسة سياحية وفندقية ووكالة سفر عربية وعالمية، أجروا لقاءات مباشرة مع مؤسسات سياحية لبنانية فندقية وغذائية وشركات للسفريات، بهدف تنظيم نشاطات ورحلات مشتركة تعزّز وضع لبنان على الخارطة السياحية العالمية. ولفت الوفد إلى أن الإقبال كان كثيراً خلال المنتدى والعقود كانت كثيرة، ما يبشّر بموسم سياحي واعد خلال الصيف المقبل، بفعل الاستقرار الذي ينعم به لبنان منذ انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وانتظام الحياة السياسية في لبنان.
وكان عون استقبل سفيرة كندا في لبنان ميشيل كامرون في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء فترة عملها في لبنان، وانتقالها إلى وزارة الخارجية الكندية. وعبّرت السفيرة كامرون عن امتنانها للتعاون الذي لقيته خلال وجودها في لبنان من جميع المسؤولين، مؤكدة أنها ستعمل دائماً من أجل تعزيز العلاقات اللبنانية الكندية.
واستقبل رئيس الجمهورية لاحقاً النائب سيبوه قالباكيان ورئيس اللجنة التنفيذية لحزب الهنشاك في لبنان الدكتور مارديك جامكوجيان وبحث معهما في الأوضاع العامة في البلاد وموقف الحزب من التطورات الداخلية لاسيما النقاش الدائر حول قانون الانتخابات النيابية. وأشار النائب قالباكيان إلى أنه تم طرح عدد من الاقتراحات والأفكار حول الصيغة المقترحة لقانون الانتخابات على اساس النسبية.
واستقبل الرئيس عون الوزير السابق ناجي البستاني الذي أوضح أن البحث تناول قانون الانتخابات النيابية وما يتمّ التداول فيه ومناقشته. وأشار البستاني إلى أن الرئيس عون أكد أنه في الأساس مع قانون على قاعدة النسبية بالتلازم مع ضوابط وطنية من شأنها المحافظة على الميثاق الوطني وتحقيق الثوابت المنصوص عنها في مقدمة الدستور.»
وأشار البستاني إلى أنه جدّد الدعوة لرئيس الجمهورية لتمضية فصل الصيف في المقرّ الرئاسي الصيفي في بيت الدين، كما جدّد دعوته لحضور القداس الاحتفالي الذي يُقام لمناسبة عيد سيدة التلة في دير القمر يوم الأحد 6 آب المقبل.