وبالنظر إلينا وإلى مَن حولنا…؟
بلال شرارة
أنا أزعم أنّ مشروع أو فكرة أو مخطط نقل المقاعد النيابية ليس بداية الفيدرالية أو شرعنة الانقسام، بل هو في الواقع نهاية الخطوات المتّجهة إلى الفيدرالية وشمول مشروع تقسيم المقسم في الشرق الأوسط الجديد للبنان ولو أنه أصغر من أن يقسّم وأكبر من أن يفتّت .
أزعم أننا سكتنا عن مشاريع سابقة كانت تفتح الشهية نحو الفيدرالية بدلاً من صيغة التعايش في لبنان، وهي المشاريع – مفهوم واحد وموحّد للوطن والمواطن والمواطنية والعاصمة والحدود، الاختلاف على عشرات اقتراحات ومشاريع قوانين الانتخابات، وبقي كلّ واحد منا تتقدّم عنده مفاهيمه ومصالحه وطائفته ومذهبه على مصلحة الوطن… بقي نزوح أهالي الجنوب الى بيروت يؤدّي مثلاً الى الإخلال بتركيبة ومذهب العاصمة السني ! وبقيت العروبة مصطلحاً سياسياً ذا بعد سني ! وبقيت مصطلحات المقاومة والحرمان والاستضعاف احتكاراً شيعياً ! وبقي للبنان الصغير والدولة والصلاحيات والمواقع تعريف ماروني، وبقي للبنان الدرزي خصوصيته جنبلاطية ، وكذلك الوطنية التقدّمية عندما يلزم الأمر، وهكذا قطعنا خطوات بعد الحرب الفتنة واتفاق الطائف وإحباط مشروع الجمهورية الثانية نحو الأمن الخاص والشركات الأمنية والأمن الذاتي والكهرباء الخاصة إلى حدّ اعتبار البلديات مسؤولة عن حلّ أزمة الكهرباء، فيما تتحوّل الدولة المركزية بياعاً لـ الخواتم والأماني كهرباء البواخر وجرى على التوالي وضع اليد طائفياً ومذهبياً ومعهما جهوياً على المقدّرات والإمكانيات ومؤسّسات العمل والإنتاج كافة، طبعاً بالإضافة إلى مؤسسات الدولة المركزية.
اليوم، القراءة العربية لدستور فرنساوي لن تنتج تفاهماً. الرئيس مؤتمن على الدستور، طبعاً، ولكن ما هي وظيفة المجلس النيابي؟ وأيضاً ما هي وظيفة الحكومة؟ يعني الحكاية وما فيها هي صرف الوقت وانتظار مصير المنطقة والجوار إذا نظرنا الى واقع الأمر، ورأينا من حولنا كيف يتشكّل الشرق الأوسط الجديد على صورة فيدراليات وكونفدراليات.
– -2
سبحان الله، نحن في الشرق الأوسط هكذا لا نتفق، وحتى نتفق ويقرّر ان يذهب كلّ واحد منا في حالة سبيله نحو الفراغ والعدم… نحتاج إلى موت كامل والانتظار يبقى عندنا تعريفات مختلفة ومصلحية لـ الإرهاب فيما نحن نكاد لا نعرف الصديق من العدو.
نحن لم نعد نهتمّ بأن يجري الاتفاق على قانون انتخابات قبل أو بعد 20 حزيران، ولكننا نريد أن نعرف أين موضوع الخلاف؟ وكذلك موضوع الخلاف بين الكتل السياسية البرلمانية على سلسلة الرتب والرواتب؟ قولوا لنا بأي سلة تغرفون الماء؟ بالنظر من حولنا، المشاورات والاجتماعات الأجنبية عندنا في الشرق ولأجل الشرق تعقد في كلّ الاتجاهات: عمّان، القاهرة، موسكو، واشنطن، وفي أنحاء الدنيا تُرى متى تنتهي الاجتماعات؟ هل سنموت فصلاً إضافياً؟
وبالنظر من حولنا، المعتقلون الفلسطينيون الذين اشتركوا في معركة الأمعاء الخاوية حققوا ثمانين في المئة من مطالبهم، هكذا يُقال… حققوا كلّ شيء إلا شرط الحرية… نحن حققنا ثمانين في المئة من تحرير الموصل، وثمانين في المئة من خط سير الحشد الشعبي والجيش السوري نحو الحدود، وثمانين في المئة من الاستعدادات الغربية العربية في الأردن للتدخل جنوب سورية، وثمانين في المئة من حرب اليمن، ومثلها من الوقائع الليبية و…
الكيان الصهيوني ماضٍ الى الأمام في خطة تهويد القدس، وصولاً الى بناء تلفريك لربط طرفي المدينة وهو الكيان ماضٍ في استعداداته الحربية على طول حدود الجولان والجنوب اللبناني وغزة لقتل أعداء القمم الأخيرة، ونحن متى سيكون موتنا لنصمد حتى ذاك؟
جارتي الحجّة لا تنتبه إلى كلّ تلك الوقائع ولا الاجتماعات التي تعقد من نيويورك الى جنيف الى جميع عواصم القرار، والى ما يحدث عندنا، ولا الى ارتفاع او انخفاض سعر النفط طالما أننا بالنتيجة لا نؤمّن لها حصة غذائية في رمضان.
– -3
هي كلّ ما مرّت سيارة من أمام منزلها النائي تعتقد أن أحداً تذكّرها، ولكنها تصاب بخيبة أمل.
ربما في النهاية لا تكون الحجّة هدفاً لطائرات ما، طالما أصبحنا من المحيط الى الخليج أهدافاً جوية لرمايات بالذخيرة الحية، وطالما أنّ القصف يقتل من المدنيين أكثر مما يقتل من الإرهاب، وطالما أنّ سيارات الإرهاب المفخخة لا تستهدف إلا المدنيين.
جارتنا الحجّة سوف لا تذهب الى الانتخاب ولو حملوها حملاً وفق أيّ قانون كان.
أقول: أسوأ الأنظمة هو النظام الديمقراطي طالما ننتخب ونحن لا نجيد القراءة ولا الكتابة، فقط البصم.