«مشروع الطفل السوري المستثمر» خطوة في مسيرة بناء البشر قبل الحجر
دمشق ـ إنعام خرّوبي
فجأة تغيَّر لون الدنيا… القمر لم يعد كالعرجون القديم والشمس هُجِّرت من مستقرّها.. قطعان ذئاب بشرية لبست لبوس الدين وزرعت الخوف والموت في كلّ حدب وصوب تظللها رايات الحقد الأسود استهدفت سورية بحرب كونية دمّرت البشر والحجر وأغرقت البلاد في بحور من الدم. ورغم ذلك لم ينحنِ قاسيون العزّ من إبراهيم هنانو إلى سلطان باشا الأطرش إلى حافظ الأسد أمام الصعاب والمحن… تاريخ مقاومة لا يُمحى وإرادة شعب لا يُقهر حمل شعلتها ولم ينكفئ، بعزيمة قلّ نظيرها وبصبر وثبات وشموخ قائد قومي مقاوم… هو الوصية والقضية… يتدفّق بردى في عروقه ثورة على الطغاة والظالمين… إنه الرئيس الدكتور بشار الأسد الذي بقي رغم كلّ محاولات التفتيت والتقسيم مؤمناً بعدالة قضيته، ونادى من يحبّون بلادهم سورية أنّ يعودوا إليها من كلّ أصقاع الدنيا ليمدّوا لها يد العون ويبلسموا جراحها ويعيدوا بناء البشر فيها قبل الحجر، بدءاً من الطفل السوري الذي عانى الكثير، فتجسّد الإيمان فعلاً وتعاوناً بين منظمة «طلائع البعث» ورجل أعمال مغترب سوري شاب لبّى النداء ولسان حاله يقول: «بلادي تقبّلي مني هذا القليل»، وتمخّض مشروعاً لرعاية شؤون الأطفال الموهوبين وإعداد رجال أعمال صغار قادرين على تحدّي الصعاب في ميادين الحياة كافة وتنشئة جيل بناء في المستقبل، ليُطلقا معاً «مشروع الطفل السوري المستثمر».
وقد وقعت «منظمة طلائع البعث» مع شركة «سافكو» للهندسة والصناعة مذكرة تفاهم للتعاون والتنسيق في تنفيذ هذا المشروع الذي يقوم على تدريب الأطفال وتنمية مواهبهم وتسويق إبداعاتهم ليكونوا رجال وسيدات أعمال ناجحين وناجحات في المستقبل.
ويتضمّن المشروع إقامة دورات وورشات عمل في مجالات الفنون الجميلة والفنون التطبيقية لصقل المواهب وتنمية الذكاء وتعليم الأطفال المبادئ الأساسية للأعمال والنشاطات التجارية وإقامة دورات متخصّصة لتنمية الوعي الصحي والسلوكي وإحداث مكتبة خاصة بالأطفال ومعارض تسوّق وفتح بازار يكون العارضون فيه من الأطفال لبيع منتجاتهم، إضافة إلى إقامة مشاريع استثمارية بسيطة يتمّ من خلالها تطوير ودعم مشاريع مستقبلية «سوق تجاري.. مركز حلاقة للأطفال.. حديقة أطفال.. عروض للأزياء الشعبية.. وغيرها» ويعود ريعها لأطفال المشروع.
للاطّلاع على تفاصيل المشروع كان لـ»البناء» لقاء مع مدير عام شركة سافكو المهندس علي الصفوك الذي تحدث بداية عن مجالات عمل الشركة، فقال: شركتنا متخصِّصة في مجال الهندسة الصناعية بدءاً من التصميم حتى التنفيذ، ولدينا 6800 موظف موزعين على 14 فرعاً في سورية ودول الخليج والعالم .
ولفت إلى أنّ المشروع يهدف إلى رعاية وتنمية وتطوير مواهب الأطفال من عمر 6 حتى 15 عاماً واستثمار إنتاجاتهم وإبداعاتهم ، مشيراً إلى أنّ الأطفال المشاركين فيه اليوم لديهم نحو 25 اختصاصاً في مجال الفنون والحرف مثل حياكة السجاد على النول، الخط العربي، الضغط على النحاس، الرسم، والرسم على الزجاج وغيرها من الحرف التراثية السورية .
وأضاف: نحن نؤمِّن للطفل المواد الأولية الأساسية للحرفة التي يعمل بها، ثم نؤمّن تصريف المنتجات ليستفيد الطفل من الربح ويستثمره بشراء مواد لتوسيع عمله، ومنتجات الأطفال هي منتجات عفوية لا مبالغة فيها .
ورداً على سؤال حول ابتكار فكرة المشروع، أجاب الصفوك: منذ فترة قمت مع وفد من المغتربين السوريين بزيارة الرئيس الدكتور بشار الأسد والسيدة الأولى أسماء الأسد فكان اللقاء عفوياً وكان سيادته يتحدّث إلينا حديث الأخ لإخوته، وهو شخص قدّم الكثير وصبر على الصعاب. قال لنا: أنتم الشباب.. أنتم الأمل بالمستقبل وسورية في حاجة إليكم، فلبّينا نداء بلدنا وأردنا أن نقف إلى جانبه وإلى جانب سورية كما وقف الشعب والجيش إلى جانبهما على جبهات القتال، وقرّر كلّ منا أن يقدّم لسورية ما يستطيع في مجاله، ومهما قدّمنا لسورية لن نفيها حقها .
وأضاف: انطلقنا في مشروعنا من خطاب السيد الرئيس الذي يؤكد دائماً أنّ بناء البشر قبل بناء الحجر وأنّ سورية لن يبنيها إلا السوريون. أخذنا الدافع منه وتعلّمنا الكثير، وهو مثال للثبات والعزم، فدخلنا في فكرة تأهيل الكوادر لتندمج في عملية إعادة الإعمار وبما أنّ الطفل هو رجل المستقبل وبالتالي هو أساس الإعمار، وقعنا اتفاقية تعاون مع منظمة طلائع البعث وهي اسم كبير أسّسها الرئيس الراحل حافظ الأسد وكلنا تخرّجنا منها، وكان هذا التعاون نوعاً من الوفاء وردّ الجميل لسورية ولهذه المنظمة التي أنشأتنا وأخذت بيدنا صغاراً وها نحن على خطاها نأخذ بيد من هم أصغر منا وبحاجة لتوجيهنا ومساعدتنا .
ولفت إلى أنّ مشروع الطفل السوري المستثمر الذي تمّ إطلاقه منتصف الشهر الماضي في معرض تكنوبيلد لإعادة الإعمار في دمشق يُعتبر أول فعالية من نوعها في العالم العربي . وقال: نحن نخطِّط حالياً لرعاية ألف طفل سوري، وقد بدأنا في دمشق وسننطلق إلى المحافظات السورية كافة، ونعمل على مشروع توفير تأمين صحي لهؤلاء الأطفال للتخفيف عن كاهل عائلاتهم. كما ستقدّم شركة سافكو ستة منح للأطفال ليشاركوا في معارض ومهرجانات خارج القطر ويسوِّقوا لابتكاراتهم ومنتجاتهم .
وفي ختام اللقاء توجّه الصفوك بالتحية لرئيس سورية وأطفالها ومغتربيها ومنظمة طلائع البعث وفريق عمل شركة سافكو . وقال: تحية لسيد الوطن وسيدة الياسمين، لمنظمة طلائع البعث قيادة ومشرفين، لأطفال سورية وأصدقائي المغتربين وفريق عمل شركتنا وكلّ من ساهم في إنجاح هذا العمل. وأحيي أيضاً الجيش العربي السوري الساهر على أمن الوطن والمواطنين .