معركة درعا: إمساك الحدود الأردنية وإنهاء عملية الجنوب وفتح خط الترانزيت مصير التحالفات الانتخابية: كسروان والمتن وطرابلس وزحلة معارك أحجام

كتب المحرّر السياسي

بعد تأقلم واشنطن والجماعات التي درّبتها لخوض معركة التنف مع سقوط الخطوط الحمراء حول الحدود السورية العراقية، والتسليم بالتقدّم النوعي الذي حققه الجيش السوري والحلفاء والثبات في المواقع الذي ظهر بتغطية جوية روسية لافتة، واصل الجيش السوري التقدّم في البادية شرقاً، كما واصل تنظيف جيوب داعش والنصرة في شرق حماة ونجح بتحقيق الإنجاز الأهمّ شرق حلب بدخول مدينة مسكنة آخر نقطة تحت سيطرة داعش غرب الفرات، لكن خرق الجماعات المسلحة المتواصل لمعايير مناطق التهدئة في درعا فرض معركة تحريرها على الجيش السوري وحلفائه بعدما ارتبطت حشود الجماعات المسلحة هناك بتغطية أميركية أردنية تحت شعار عملية الجنوب، وما رافق ذلك من تحسين مواقع في أحياء المدينة، ومع إيقاع المواجهات العنيفة التي شهدتها درعا أمس بتغطية جوية روسية لافتة، كتعبير عن ضوابط مناطق تخفيض التوتر ومعاقبة مَن يخرق قواعدها، صار واضحاً أنّ المعركة قد فُتحت وأنّ حسم درعا للجيش السوري صار مهمة راهنة عبّرت عنها الحشود والنيران معاً، فدرعا بوابة الحدود مع الأردن، ونهاية الجيوب الاستخبارية الواقفة وراء الحدود، وممرّ الترانزيت التجاري، بالتزامن كان الحشد الشعبي يحقق إنجاز نصف المهمة الحدودية التي أخذها على نفسه في شمال العراق بالتزامن مع معركة الموصل، وهي إمساك الحدود مع سورية في مواجهة محافظتي الحسكة ودير الزور، وبعدما تحرّر كامل قضاء البعاج على يد الحشد ووصوله نقطة الحدود جنوب الحسكة بدأت معركة الحدود من جهة دير الزور وصولاً للقائم لتبدأ معركة الأنبار التي يُفترض أن يخوضها الحشد والجيش العراقي معاً بعد نهاية معارك الموصل، بينما يكون الجيش السوري يتقدّم نحو البوكمال لملاقاة وحدات الحشد في القائم.

لبنان الذي واصلت قياداته البحث في تفاصيل قانون الانتخاب الجديد، صعدت على سطح السياسة فيه صورة التحالفات الانتخابية التي بُنيت على معادلات النظام الأكثري في قانون الستين، وبدا أنّ ثنائي حزب الله وحركة أمل وحده قد نجا من تأثيرات الانتقال إلى النسبية فيبدو التوجه لخوض المعارك الانتخابية بتحالف موحّد، ويبدو الحاصل الانتخابي هو نفسه، بينما يعيش تيار المستقبل تحديات مشاركة خصومه المحليين في بيروت والبقاع الغربي وصيدا وعكار، كما يتحضّر لمعارك أحجام في طرابلس خصوصاً، حيث يتراوح حصاده بين مقعدين وثلاثة بعدما كان صاحب اللائحة التي يتراكض الآخرون على حجز مقعد فيها. وفي كسروان والمتن وزحلة تظهر معارك أحجام مشابهة تجعل تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية صعباً بخلاف ثنائي أمل وحزب الله، فوفقاً للنسبية سيحصد حليفا تفاهم معراب بين ثلثي وثلاثة أرباع المقاعد في الدوائر التي يقرّر الناخب المسيحي نوابها، بينما يُطرح في القوات نقاش حول مدى سلامة ترك الشخصيات الحليفة تقليدياً في كسروان والمتن وزحلة وبيروت تذهب للائحة مواجهة سيكون زعميها النائب سليمان فرنجية كأبرز منافس لثنائي التيار والقوات، ويقابلها في التيار الوطني الحر تساؤل حول مدى سلامة منح القوات ثلث المقاعد المرشحة في مناطق يقودها التيار مثل كسروان والمتن؟

يرتقب أن يُنهي المعنيون بالقانون الانتخابي التفاصيل الخلافية المتعلقة بعتبة التمثيل والحاصل الانتخابي لإنجاز الصيغة النهائية لطرح النسبية الكاملة مع تقسيم لبنان 15 دائرة لعرضها على مجلس الوزراء بعد غد الأربعاء لإقرارها، ومن ثم إحالتها كمشروع قانون إلى المجلس النيابي الذي من المفترض أن يعقد جلسة في 12 من حزيران المقبل، بعدما أرجأ الرئيس نبيه بري الجلسة التي كانت مقررة اليوم الإثنين إلى الثانية عشرة من يوم الإثنين المقبل، جراء توقيع الرئيس ميشال عون مرسوم فتح العقد الاستثنائي للمجلس من 7 حزيران إلى 20 منه.

عقدة عتبة التمثيل والفرز

وإذا كانت الأطراف كافة توافقت على النسبية مع 15 دائرة، فإن الاتصالات ناشطة والنقاشات مستمرة، إذ شهد ليل أمس سلسلة لقاءات توزّعت بين بيت الوسط ومنزل الوزير جبران باسيل، حيث عقد اجتماع مطوّل في بيت الوسط ضمّ وزير المال علي حسن خليل، نائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري. فيما غاب خليل عن اجتماع الرابية الذي ضمّ إلى الوزير باسيل عدوان والنائب ابراهيم كنعان ونادر الحريري.

وأكدت مصادر المجتمعين لــ «البناء» أن «البحث مستمر للتوصل إلى تفاهم حول عتبة التمثيل والفرز. وهي أمور تقنية يتطلب إقرارها تأييداً من الكتل كافة»، مشيرة إلى «الحرص على تذليل العقبات قبل جلسة مجلس الوزراء الأربعاء التي ستكون حاسمة».

وشددت مصادر تيار المستقبل لـ «البناء» على أن «التفاهم لا يزال محصوراً بموافقة القوى السياسية على النسبية مع 15 دائرة، في حين أن النقاش في التفاصيل لم يصل إلى نتيجة بعد، فكيفية إدخال الكوتا الجندرية، واقتراع المغتربين، وعتبة التمثيل كلها نقاط لا تزال محل تداول لجهة التعقيد المحيط بها. صحيح إن التفاهم قطع شوطاً بنسبة 95 في المئة، لكن لا تزال نسبة 5 في المئة قادرة على عرقلة الأمور بشكل جدي».

المستقبل وخسارة المقاعد المسيحية

وأشارت المصادر إلى ان «هذه الصيغة ستخسر تيار المستقبل عدد من المقاعد لا سيما المسيحية منها في بيروت وعكار في ظل التقسيمات التي اعتمدت، لكنها تبقى أفضل من قانون الستين، مع رفضنا حصر تمثيل تيار المستقبل بالطائفة السنية».

ورأى النائب كنعان أن «الأسبوع المقبل سيكون حاسماً على صعيد قانون الانتخاب، فإذا حصل تقدّم في التفاصيل، فإن الأولوية ستكون لقانون الانتخاب على طاولة مجلس الوزراء»، مشيراً إلى أن «إقرار قانون الانتخاب سيترافق مع تمديد للمهل لا يجوز أن يتخطّى الأربعة أشهر».

من ناحية أخرى، لفتت مصادر وزارية بارزة إلى أن الخلافات حول عتبة التمثيل، الحاصل الانتخابي، كيفية احتساب الكسور، تثبيت المناصفة، ليست إلا نوعاً من الاستحكامات في القانون لا أكثر ولا أقل، لا سيما أن المبدأ جرى التفاهم عليه وبات إجراء الانتخابات على أساس النسبية تحصيلاً حاصلاً عند الفرقاء السياسيين.

خلط أوراق سياسي

وشددت المصادر نفسها على أن هذه العناوين على اهميتها لن تعيق التوصل إلى اقرار قانون، وربما يتمّ إرجاء البحث في عدد كبير من النقاط إلى ما بعد إجراء الانتخابات، عبر تشكيل لجنة تكون مهمتها التوصل إلى حلّ خلال فترة محددة. وجزمت المصادر أن مَن رعى الاتفاق على النسبية جزم أن هذه التفاصيل مهما عظُمت لن تقف سداً أمام إقرار القانون.

وأكدت أن إعلان التوصل إلى قانون رسمياً سيؤدي إلى خلط أوراق سياسي، وسيضع الجميع أمام وقائع جديدة، معتبرة أن آلية وحركية هذه الوقائع في الفترة الممتدة ما بين إقرار القانون وإجراء الانتخابات هي محكّ لكل قادر على التجسير ولكل قادر على ضبط الأسافين.

مشروع باسيل الرئاسي

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى حالة ترقب لنتائج هذه الاتصالات وكيف ستنعكس على الجلسة العامة للبرلمان الاثنين المقبل التي ستكون امتحاناً للقوى السياسية كافة. ولفتت إلى أن «حزب الله ليس المعني الأول بوضع الأوراق على الطاولة، فهو واضح بطروحاته كلها ويعلم ماذا يريد ويشجّع على إقرار النسبية الكاملة». وقالت المصادر إن «التفاهم على التفاصيل مرهون بأسلوب تعاطي التيار الوطني الحر، فالوزير جبران باسيل لا يكفّ عن طرح أفكار غير قابلة للتطبيق في الوقت الراهن كطرح تخفيض عدد النواب الى 108 نواب، حق المغتربين والعسكريين بالتصويت، وإن كانت هذه العناوين التي يطرحها أشبه بمشروع رئاسي مستقبلي لباسيل سيرفع شعاراته بعد إقرار القانون الانتخابي وفق النسبية و15 دائرة الموافق عليه».

وفي السياق نفسه، أكد باسيل الاقتراب من الاتفاق على قانون انتخابي نسبي، لافتاً إلى ضرورة مشاركة المجتمع المدني في الانتخابات، إضافة إلى إعطاء العسكري والمغترب حق الانتخاب.

وقال «نحن اليوم نعلن أننا دفنّا قانون الستين، وأنهينا الفراغ والأهم دعسنا التمديد. وهذا انتصار للتيار الوطني الحر، ولأن رئيس التيار الذي أصبح رئيساً للبلد استخدم صلاحياته، ورأينا أن رئيس الجمهورية يستطيع استعمال هذه الصلاحيات، وقال للمجلس النيابي إن لديك دورة استثنائية حصراً من 7 إلى 20 حزيران فقط لعمل قانون انتخاب، لأن في هذا البلد توازناً وتعاوناً بين السلطات فقط لخير ولمصلحة الناس».

ولفت إلى أننا لا نريد أن تكون عتبة تمثيل اللائحة مرتفعة، لأن هناك انسحاباً للمكوّنات الصغيرة، والأقليات السياسية الأساسية لو كانت قليلة إنما لها حق التمثيل. لا نريد أن نرفع لها السقف كي نحتكر حق التمثيل بل نريدها أن تشارك.

تبادل الايجابيات بين عون وبري

وبينما اعتبر بعض المراقبين أن كلام باسيل عن «دعس التمديد» موجّه بطريقة أو بأخرى للرئيس نبيه بري، أشارت مصادر بارزة في 8 آذار إلى أن اللقاء الثلاثي في بعبدا قبيل الإفطار سجّل حجم الإيجابيات التي أظهرها الرئيس ميشال عون تجاه الرئيس نبيه بري الذي لاقى هذه الإيجابيات بأحسن منها، ما يؤكد كما تقول المصادر إن المسؤول عن عرقلة هذه الإيجابيات، هو الذي يدير التفاصيل في قصر بعبدا وليس صاحب القرار.

وأشارت المصادر إلى أن لعبة الصراع في لبنان أثبتت أن الأكثرية في المجلس لا تتحكّم بالقرار السياسي والأمثلة على ذلك لا تُحصى..

وذكّرت المصادر بكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من بنت جبيل في 25 أيار من العام 2016 «نحن ـ حزب الله ـ مرشحنا لرئاسة المجلس النيابي الوحيد والأكيد والقديم الجديد هو الرئيس نبيه بري، شريكنا هو وحركة أمل، شريكنا في المعركة، في السياسة، في التفاوض، في القتال، في الميدان، في الآلام، في الجراح، في المعاناة». وأكدت المصادر أن مَن سمع هذا الخطاب يدرك أن مفاعيله لا تزال قائمة وستبقى قائمة، وتسلية بعض الفرقاء بكلام يحاكي أحلامهم من هنا وهناك لن يغير في أصل الحكاية».

الحريري يبدأ التحضير للانتخابات

من ناحية أخرى، بدأ رئيس الحكومة سعد الحريري التحضير للانتخابات في الشمال بالتجييش إعلامياً وإغداق العهود الإنمائية والاقتصادية والاجتماعية لأهالي سير الضنية والمنية وطرابلس. وفي سياق اللعب على الوتر الذي اعتاد عليه سنياً، أكد الرئيس الحريري أنه ما زال «ضد سلاح حزب الله وضد ذهابه إلى سورية»، وأنه «لم يساوم على المحكمة الدولية»، وفي ردّ غير مباشر على الوزير أشرف ريفي، حذّر الحريري من «التشكيك باعتدال تيار المستقبل»، موجّهاً كلامه إلى «مَن يحاول أن يقول إننا تيار نقيم تسويات يميناً ويساراً»، بالقــول: «إننا تيار يقوم بتسويات من أجل البلد، للوطن للبنانيين، وليس لمصلحة سعد الحريري». وكانت لافتة الزيارة التي قام بها الحريري للوزير محمد الصفدي في دارته بالبترون ووصفتها قيادات طرابلسية بأنها اشارة إلى تحالف انتخابــي سيجمعهما في الانتخابات المرتقبة وزيارة النائب أحمد فتفت وتكريسه نائباً في انتخابات 2018 بقوله: «جئت الى هذا المنزل في 2005 وبدأت المعركة الانتخابية منه وسنُكملها من هنا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى