هل تتوقّف قطر عن دعم ائتلاف الدوحة؟

جمال محسن العفلق

صُنع في الدوحة.. وتحديداً في استديوات قناة الجزيره القطريّة، وتلقّى دعماً مالياً وإعلامياً، ليس له مثيل في العصر الحديث. إنّه ائتلاف الدوحة الخائن، الذي تمّ جلب عناصره إلى العاصمة القطرية الدوحة، وهناك بدأت الرحلة لبعض المعارضة السورية أو أكثرهم في المشاركة في سفك دم السوريّين. فالوجه علماني وإسلامي معتدل، أمّا الجوهر فعصابة الإخوان المسلمين هي المسيطر ولها الكلمة العليا والأموال معها، بهذه البساطة تمّ إعلان الحرب على سورية من الدوحة وقناة الجزيرة، وبدأ التكالب الإعلامي على الشعب السوري وتمّ إرسال الأموال والسلاح والمعدّات الحديثة ونقل الإرهابيّين عبر طائرات قطريّة وعربية إلى تركيا، هذه بعض الإضاءات على ما فعلته قطر، ولسنا بصدد تذكّر مواقف قطر أو توثيقها.

ولكن، وعلى حسب العرف، لا عداوه دائمة ولا تحالف دائم في السياسه، فهل ستتوقّف قطر عن دعم ما يسمّى ائتلاف الدوحة الخائن؟ وهل ستقوم بطرد ممثّليه المقيمين في أفخم القصور تكفيراً عن بعض الجرائم التي طالت الشعب السوري؟ وهل تتوقّع قطر من الائتلاف الخائن، والذي صنعته، موقفاً سياسيّاً داعماً؟

الإجابة بسيطة، على قطر أن تعلم أنّ الذين باعوا أوطانهم وغرقوا بمالها وكانوا تابعين صاغرين في يدها، لن يكون صعب عليهم التخلّي عن قطر وغيرها، فهؤلاء مرتبطين بسعر صرف الدولار لا بالمبادئ والقيم، وهؤلاء لن يكون عندهم وفاء لبلد موّلهم وهم الذين أنكروا بلداً ربّاهم وفيه تاريخ أجدادهم.

فهل تفهم قطر هذه المعادلة اليوم؟ وهل يدرك من يدير السياسة القطريّة أنّهم على الطريق الخطأ، وتصويب الأمور لن يكون بالأمر السهل؟ فالطريق الذي بدأت به السياسة القطريّة منذ انقلاب الابن على الأب، ودخول قطر في لعبة الكبار، والدّعم القطري اللامحدود لجماعة الإخوان المسلمين والتحالف مع تركيا البعيدة جغرافيّاً، والتخلّي عن الدول العربية أولاً، ومن ثمّ الدول الخليجية الأقرب إليها، واعتقاد قطر أنّ بيدها مفتاح الحلّ دائماً ولها الأمر والنهي من خلال بوقها الإعلامي قناة الجزيرة، التي طالما كان وزير خارجية قطر السابق يهدّد فيها خصومه!

فإذا نفّذت قطر اليوم مطالب جيرانها بالتوقّف عن دعم حركة الإخوان المسلمين، هذا يعني أنّ عليها التوقّف عن دعم ما يسمّى ائتلاف الدوحة الخائن وطرد موظّفيه منها، فالدور الذي لعبته هذه الجماعه في تدمير الوطن العربي لا يقلّ عن دور الحركة الصهيونيّة بشيء، ولا يمكن أن نتعاطف اليوم مع قطر وندّعي أنّها مظلومة وأنّها معزولة، فالسياسة القطريّة وقبول القطريّين بتنفيذ طلبات مكاتب الاستخبارات هو الذي وضعهم في هذا المكان، ولجوء قطر إلى إيران لن يحلّ المشكلة. لا أعتقد أنّ الإيرانيّين سيقعون في فخّ التحالف مع قطر، وهم ليسوا بحاجة لها أصلاً، وهنا لا بُدّ من التذكير أنّ قطر كانت دولة معادية للاتحاد الروسي واعتمدت اعتماداً كلّياً على الغرب الذي بدأ يبتعد عنها، والبداية كانت من فرنسا التي صرّح مسؤولوها أنّ قطر بلد خطير، وطبعاً الكلمة تعني هنا أنّها مصدر خطر وقلق.

وما يهمّنا هنا الميدان السوري، والأهم أنّ أموراً سوف تتوضّح تثبت لبعض السوريّين الذين صدّقوا تقارير الجزيرة وأفلامها المفبركة، كما يهمّنا في المشهد تعرية التلقين للأموال القطرية، والذين سوف يتقاتلون على الحصص المتوفّرة ومن ثمّ لن يكون غريباً أن نسمع تبادل الاتهامات ولغة التخوين التي يتّبعونها، ولن نبالغ إذا قلنا إنّ قطر كذلك الأمر قد تلجأ إلى سوق البيع، وتبيع ما تملكة من وثائق للحلفاء الجدد إذا لم تصل إلى اتفاق مع البيت الخليجي، وإذا ما فشلت الوساطة الكويتيّة العمانية التي تحاول إعادة ضبط إيقاع منطقة.

واليوم، سوف نشهد تبدّلاً في المشهد العسكري، وخصوصاً أنّ الجماعات التي تموّلها قطر متواجدة في الجنوب السوري، وتحديداً في المناطق القريبة من الجولان المحتلّ والتي يصلها الدعم القطري عبر الكيان الصهيوني والأردن، وإن كنّا نعتقد أنّ الأخير سوف يلتحق بالقرار الخليجي وينضمّ إلى المقاطعة، ولكن بعد ترتيب البيت الداخلي وضمان عدم تحرّك جماعة الإخوان المسلمين في أيّ ردّ فعل.

لقد ضجّت مواقع التواصل بالقضية القطريّة، ولا يمكن أن نلوم أحداً، ولكن هنا أقول لا تتعجّلوا الفرح، القاتل منّا والقتيل منّا، ولكن علينا أن نفهم أنّ التاريخ لن يرحم أحداً، وأنّ ما يضيع على هذه الأمّة ليبس بالقليل، وأنّ الإنسان العربي دُمّر في السنوات السبع الأخيرة مادياً ومعنوياً، فلا الحليف هو الحليف ولا العدو هو العدو، وتبدّلات لا يمكن أن نجد فيها أيّة مصالح حقيقيّة لكلّ المنطقة.

لقد آن الأوان أن يقتنع سكّان المنطقة العربيّة أنّ هذه المنطقة بالنسبة للغرب و«إسرائيل» ليست إلّا حقل رماية وشعوبنا الهدف، ومصدر طاقة مجاّنية. والتخلّص من الجماعات الإرهابيّة لن يكون إلّا بالتخلّص من كتب ومنشورات ومحطّات التحريض الديني، وإعادة الأمور إلى طريق المنطق الذي يحدّد حقيقة من هو القاتل ومن هو الضحيّة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى