تناقض المواقف الأميركية من الصراع السعودي ـ القطري

حميدي العبدالله

أظهرت ردود الفعل الأميركية الرسمية تناقضاً في مواقف المسؤولين الأميركيين من الصراع المتجدّد بين دولة قطر والمملكة العربية السعودية. بداية صدرت تصريحات عن وزير الخارجية وقادة عسكريين تدعو إلى وحدة دول مجلس التعاون الخليجي ما فهم منه أنّ واشنطن تقف على الحياد في الصراع الدائر بين دولتين حليفتين لها. لكن لاحقاً صدرت مواق، وبينها تغريدات الرئيس الأميركي ذاته، تشير بأصابع الاتهام إلى دولة قطر بتقديم الدعم للإرهاب، ما فهم منه أنّ واشنطن تقف إلى جانب المملكة العربية السعودية وحلفائها ضدّ قطر. لكن سرعان ما أعاد البيت الأبيض توضيح موقفه قائلاً إنّ اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي وأمير قطر كان إيجابياً لا سيما لجهة محاربة الإرهاب، وانّ قطر قامت بأعمال إيجابية لقطع تمويل الإرهابيين.

واضح أنّ التناقض في المواقف الأميركية المعلنة لم يكن من دون أسباب، ويمكن الإشارة إلى سببين رئيسيين يفسّران هذا التناقض. السبب الأول أنّ ثمة صراعاً داخل الإدارة الأميركية وقد لوحظ هذا الصراع من خلال اختلاف مواقف المسؤولين. ففي حين كانت تغريدات الرئيس الأميركي واضحة لجهة اتهام قطر بدعم الإرهاب، كانت مواقف الخارجية والبنتاغون تختلف، وبالتالي ربما جرت تسوية هذا الخلاف بين الجهات الأميركية النافذة لاحقاً، ولهذا صدر توضيح على لسان البيت الأبيض حول تغريدات ترامب والتقليل من وقعها. السبب الثاني، وهذا هو الأرجح، أنّ مواقف الإدارة الأميركية التي علقت على الصراع كان مقصوداً أن تبرز انقساماً وتبايناً في وجهات النظر في محاولة من قبل الإدارة الأميركية لاستثمار وتوظيف الصراع بما يخدم مصلحتها الخاصة، فهي من خلال اتهام قطر بالتواطؤ مع الإرهاب تمارس الضغط عليها للحصول على مواقف سياسية أكثر قوة من حماس وإيران لإرضاء الكيان الصهيوني، إضافة إلى سعي ترامب للحصول على أموال واستثمارات قطرية شبيهة بتلك التي حصل عليها من السعودية مقابل تقديم الدعم لها وسحب الضغوط التي تتعرّض لها داخل الولايات المتحدة ومن بين هذه الضغوط «قانون جاستا» لكن في المقابل ليس من مصلحة الولايات المتحدة زعزعة استقرار قطر أو إثارة اضطراب حادّ في منطقة الخليج وهي منطقة مصالح واستثمارات أميركية كبيرة وهامة، ناهيك عن أنّ الانحياز المطلق إلى جانب السعودية ضدّ قطر قد يؤثر على الخطط المشتركة التي تنفذ في ساحات عديدة، لا سيما أنّ قطر تقود وتموّل جماعات وتشكيلات مسلحة في أكثر من بلد في المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى