بعد 3 سنوات: داعش فانية وتتبدّد في الموصل والرقة ولن تتمدّد إلى البادية ودير الزور قانون الانتخاب يختتم 8 سنوات الجلجلة… من أربعاء الإقرار إلى جمعة التصديق
كتب المحرّر السياسي
قبل ثلاث سنوات في العاشر من حزيران عام 2014 سقطت الموصل بيد تنظيم داعش، وقبل سنتين في نهاية شهر أيار 2015 أكمل تنظيم داعش معالم دولته بالسيطرة على المعابر التي تربط سورية بالعراق على الحدود بين البلدين. وقبل ثماني سنوات في العاشر من حزيران عام 2009 ولد للبنانيين برلمان واستعصى إنهاء ولايته بقانون انتخابي جديد، ولأنّ الذكرى تُذكَر بالذكرى في الموعد نفسه تبدو الأبواب مفتوحة لسقوط العلامات السوداء إلى غير رجعة، فداعش يحتضر في الموصل والرقة وأبواب التمدّد مسدودة نحو دير الزور وتلعفر والأنبار والبادية السورية، فانية وتبدّد، كما في فيلم المخرج السوري العالمي نجدت أنزور، ولن تتمدّد، والمجلس النيابي الذي بدأ ولايته بنية أكبر كتله التمديد لرئيس الجمهورية السابق يُنهيها بقانون انتخاب جديد بعد تمديد ولايته لتصير ولايتين كاملتين، لكنه ينجب قانوناً جديداً للانتخاب يبقى بكلّ ما فيه من نقاط ضعف أفضل الممكن باعتماده للمرة الأولى في تاريخ لبنان للنظام النسبي، شوّهته الحسابات الطائفية والفئوية بتصغير الدوائر والصوت التفضيلي وعتبات العبور والفوز للوائح والمرشحين، لكن يبقى الأهمّ سقوط الفيتو الطائفي على النسبية والتلازم بين النظامين الأكثري والنظام الطائفي يسمح بالقول إنّ النسبية بداية طريق الخلاص من الطائفية ولو ارتفعت نبرات الخطاب الطائفي.
كلّ المعلومات الواردة من الموصل والرقة تقول إنّ داعش يعيش آخر أيامه وإنّ الحدود السورية العراقية ستعود سورية عراقية، وإنّ عراب داعش الأول الذي قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حملته الانتخابية إنه أسلافه من حكام البيت الأبيض، لن يرث المولد لا في البادية ولا على الحدود، وإنّ محاولات اللعب بالحرب على داعش لتدحرج قواته من منطقة إلى منطقة تنتج شرعية إدامة الاحتلال الأميركي بذريعة الحرب على الإرهاب تصاب في مقتلها بما أنجز وينجز كلّ من الحشد الشعبي والجيش السوري على طرفَيْ الحدود، وبما يفرضه العزم الإيراني والحزم الروسي من خطوط حمراء هادئة بلا ضجيج تسقط عجيج الكلام الأميركي عن خطوطه الحمراء التي لم يتبق منها شيء إلا ما سيحفظ عبره ماء الوجه الأميركي في اجتماع عمان لضباط وخبراء من روسيا وأميركا قالت «وول تسريت جورنال» إنه سيعزز التنسيق ويمنع التصادم، بعد تحذيرات روسية متكرّرة من أنّ استهداف الجيش السوري وحلفائه سيرفع التوتر ويزيد مخاطر التصادم في المنطقة، وفقاً لما قالت «وول ستريت»، مشيرة إلى انّ تبريد السباق على الحدود السورية العراقية سيكون من مواد البحث بين الدبلوماسيين والضباط والخبراء من موسكو وواشنطن.
لبنانياً، كشف كلام النائب سليمان فرنجية عن الاستعداد للمنازلة الانتخابية على مساحة أوسع من قضاء زغرتا بالتعاون مع حلفاء وأصدقاء، أنّ السجال حول ولادة القانون الجديد قد تخطّى مرحلة الخطر، فبدا أنّ صدور القانون الجديد يوم الجمعة عن المجلس النيابي بعد إقراره الأربعاء في الحكومة قد صار محسوماً، ولو أنّ كلام فرنجية أوحى بأنّ القانون قد فصّل في بعض جوانبه على مقاسات مَن قال إنهم يريدون تحجيمه. والمقصود التيار الوطني الحرّ الذي لم يسمّه فرنجية في خطابه، إلا أنّ كلام فرنجية المنطلق من اعتبار أنّ الانتخابات هي المحطة المقبلة رغم كلّ الملاحظات التي أوردها، يتقاطع مع المعلومات المتواترة من الأطراف المعنية بالتفاوض على ما تبقى من نقاط خلافية في مواد القانون، بالإشارة إلى أنّ كلّ شيء سينتهي عشية الأربعاء لتحسم الحكومة القانون في جلسة الأربعاء وتحيله جاهزاً للتصديق والإقرار بمادة وحيدة يوم الجمعة في المجلس النيابي.
هل تقر الحكومة «القانون» الأربعاء؟
رغم تمادي الأطراف المفاوضة في لعبة شدّ الحبال ورفع البعض سقف المطالب والشروط حول تفاصيل قانون الانتخاب لأهداف سياسية وانتخابية وشعبوية، غير أن مشاورات اليومين الماضيين اتخذت مساراً إيجابياً وجدياً وأحرزت تقدماً ملموساً تمثل في حسم نقاط خلافية عدة، والعمل جارٍ بحسب ما علمت «البناء» لحل النقاط المتبقية ليسلك القانون طريقه نحو الإقرار خلال الأسبوع المقبل وسط إصرار وضغط من الرؤساء الثلاثة على ولادة القانون قبل نهاية ولاية المجلس النيابي، حيث أكد رئيس الحكومة سعد الحريري بعد زيارته لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا أمس، أن «الأجواء إيجابية ويجب الإسراع في إنجاز قانون جديد للانتخابات في أسرع وقتٍ ممكن»، مشدّداً على أنّه يجب الانتهاء من قانون الانتخاب قبل جلسة مجلس الوزراء».
وأشارت مصادر إعلامية إلى أن «البحث بين الرئيسين دار حول الصعوبات التي تُعيق إقرار قانون الانتخاب واتفق على أن يتابع الرئيس الحريري الإتصالات لإيجاد حل»، بينما توقّع نائب رئيس حزب القوات اللبنانية جورج عدوان أنّ يُقرّ قانون الانتخاب في جلسة الأربعاء، مشيراً الى أن لا خلاف على جوهر القانون وبقي بعض النقاط سيتمّ حلها خلال هذا الأسبوع. ولفت عدوان الى «أنّ إحدى النقاط العالقة بالصوت التفضيلي، تتعلّق بإذا كان على أساس الدائرة أو القضاء»، لافتاً إلى أنّه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فلا خيار إلا بالتصويت على هذه النقطة».
ووسط ارتفاع موجة التفاؤل الحذر وتأرجح القانون على حافة المهل الدستورية، أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة التشريعية الاثنين المقبل، الى ظهر الجمعة 16 حزيران الحالي، إفساحاً في المجال امام مزيد من التشاور بين المعنيين.
وقالت مصادر سياسية لـ«البناء» إن «الأسبوع الحالي سيكون الحاسم لجهة حل عقدة مقاعد المغتربين بعد أن حلّت عقدة الصوت التفضيلي وطنياً على أساس القضاء، وعلم أن الرئيس بري تواصل مع الرئيس الحريري واستعجله إرسال مشروع قانون الانتخاب الى المجلس النيابي قبل الجلسة المقبلة المقرّرة الجمعة المقبل. ونقل زوار بري عنه لـ«البناء» أنه «يرفض تمثيل المغتربين عبر اقتطاع 6 نواب من 128 نائباً وأنه لا يمانع إضافة النواب الستة الى 128، قائلاً: «لا يزايدنّ أحد عليّ باهتمامي بشؤون المغتربين ولا سيما أنني أول من دعا الى تشكيل وزارة للمغتربين، وأكد زوار بري أن «رئيس المجلس غير راضٍ عن نقل مقعد الأقليات من بيروت الأولى الى الثانية».
وأشارت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» الى أن «الملامح النهائية رسمت لاحتمال من اثنين: إما التوصل الى قانون وهذا هو الخيار الراجح ثم يسلك طريقه ويوضع على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الأربعاء المقبل ويقرّ ويُحال الى المجلس النيابي في جلسة الجمعة وإما الفشل ونذهب الى سيناريو قانون الستين وانتخابات في أيلول المقبل».
ولفتت المصادر الى أن «فرصة التوافق لا زالت الأكثر ترجيحاً وما نشهده من عرقلة يوضع في إطار لعبة عض الأصابع لتحسين الشروط»، موضحة أن «الخلاف لا يزال حول فترة التمديد المرافق للقانون، مرجحة التوصل الى 7 أشهر كحل وسط»، كما رجحت أن «يُحسم الصوت التفضيلي على مستوى القضاء، لكن ليس على أساس طائفي أما الإشكالية الأهم التي لا زالت تستحوذ أغلب النقاشات هي كيفية احتساب عتبة التمثيل لكن سيتمّ تجاوزها خلال اليومين المقبلين».
وعن مسألة المناصفة، قالت المصادر: «كل ما يتضمن تعديلات دستورية، تم تأجيله الى ما بعد الانتخابات النيابية على أن يبحث بها المجلس النيابي الجديد كإلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلسي النواب والشيوخ واللامركزية الادارية».
وتحدثت المصادر عن «جهودٍ كبيرة بذلها حزب الله في الفترة القليلة الماضية للمساعدة في تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر على خط بعبدا عين التينة الرابية ولا يزال يعمل على قاعدة اتفاق الرؤساء في حفل الإفطار في بعبدا وضمن هذا التفاهم، رغم كل ما يثار في موضوع التفاصيل».
ودعا وزير المال علي حسن خليل إلى الابتعاد عن وضع أثقال على هذا القانون تقيّده بحسابات مذهبية أو طائفية وتعطل الوصول الى النتائج المرجوّة منه»، ولفت خلال احتفال في كيفون الى أن «البعض مازال في خطابه السياسي وفي نقاشه الداخلي حول القانون يحاول أن يرمي بعضاً من العقد أمام الوصول الى تفاهم حقيقي سلس يُنجز ما اتفقنا عليه من مبادئ حول هذا القانون بأسهل ما يكون، وحذر من أن «الوقت أصبح ضيقاً والمسألة على المحك ولا يمكن المخاطرة ومن غير المسموح ولن نصل الى الفراغ، الذي لن يكون في المجلس النيابي بل على مستوى الدولة ومؤسساتها من الحكومة الى كل المواقع، بما يعيق انطلاقة المرحلة السياسية الجديدة».
في المقابل، جدّد رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل إصرار التيار على الضوابط والإصلاحات في قانون الانتخاب».
وخلال تمثيله رئيس الجمهورية في حفل تدشين سدّ القيسماني، أشار الى أن «مشروع قانون الانتخاب هو ملك كل اللبنانيين، فعندما يوافق اللبنانيون عليه يصبح لهم جميعهم، حتى اتفاق الطائف الذي فرض على بعض اللبنانيين بالقوة، عندما أصبح دستوراً ارتضى به الجميع، وفي بلد تعددي مثل لبنان، النسبية بحاجة الى ضوابط وإصلاحات كي تؤمن الديمومة ولا تخلق سبباً للمطالبة اللاحقة بتغيير قانون مرة أخرى، وكل سعينا اليوم هو تأمين الاستقرار السياسي».
فرنجية: نمدّ اليد للحلفاء وللأخصام
وفيما بدأت القوى السياسية تعدّ العدة لخوض غمار الاستحقاق النيابي لا سيما في الدوائر التي ستشهد معارك انتخابية حامية كطرابلس وعكار والضنية وزغرتا والبترون وصيدا والبقاع، برز موقف لرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية أمس، خلال إحياء الذكرى السنوية الـ 39 لمجزرة أهدن، معلناً مد اليد للحلفاء وللأخصام. واعتبر فرنجية أنه «من 39 سنة حاولوا إلغاءنا وكانوا أقوياء»، مضيفاً «تثبتون اليوم انه لا يمكن لأحد أن يلغينا ومَن يحاولون إلغاءنا اليوم «كتير صغار»».
وقال فرنجية: «نؤمن بلبنان حر موحد وسنبقى على المبادئ نفسها والوجود المسيحي يكون بالانفتاح والانصهار وعدم المتاجرة بالمسيحيين». وتابع: «نمدّ أيدينا للجميع للحلفاء وللأخصام ومَن لديه جمهور وفيّ يكون مرتاحاً دائماً وحلفاؤنا ثابتون كقناعاتنا».