الانتخابات التونسية هل تكرّس بقاء ثنائي الغنوشي ــ المرزوقي؟
حميدي العبدالله
الانتخابات الرئاسية في تونس والتي ستليها الانتخابات النيابية تشكل منعطفاً هاماً في الوضع السياسي في هذا البلد الذي اشتهر بعلمانيته واستقراره وابتعاده عن القضايا العربية، ولا سيما تلك القضايا الخلافية.
من المعروف أنّ «ثورات الربيع العربي» جاءت إلى الحكم في تونس بمكوّنين حزبيّين، هما حزب النهضة بزعامة راشد الغنوشي المنتمي رسمياً إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية بزعامة المنصف المرزوقي الرئيس الحالي لتونس. ومعروف أنّ هذين الحزبين يتلقّيان الدعم المالي من قطر والدعم السياسي من الولايات المتحدة والحكومات الغربية، ومن المعروف أنّ البرلمان التونسي الذي يهيمن عليه هذان الحزبان رفض تجريم التطبيع مع الكيان «الإسرائيلي»، وعندما زار راشد الغنوشي الولايات المتحدة، كان ضيفاً دائماً على جماعة الضغط الصهيونية المؤيدة للكيان الصهيوني ومراكز الأبحاث المؤيدة لسياسات الولايات المتحدة القائمة على الهيمنة العسكرية.
السؤال هل يجدّد الناخب التونسي، أو بالأحرى غالبية الناخبين، لعودة هذين التشكيلين الحزبيّين إلى حكم تونس لأربع سنوات أخرى؟
إذا أخذت نتائج حكم تحالف النهضة وحزب المؤتمر في السنوات الأربع الماضية بعين الاعتبار، فمن الطبيعي الاستنتاج أنّ الناخب التونسي لن يجدّد لهذا الثنائي ولن يعطيه الأغلبية في البرلمان ولن ينتخب مرشح حزب المؤتمر المنصف المرزوقي لولاية رئاسية ثانية، إلا إذا تدخل المال القطري وأثر على نزاهة الانتخابات. فتجربة حكم ثنائي النهضة – المؤتمر شكلت فشلاً من جميع النواحي، فالاستقرار مفقود في تونس، والاضطراب السياسي يشمل البلاد من أقصاها إلى أقصاها، والاضطراب الأمني والاغتيالات اجتاحت أكثر من منطقة، والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة أقامت قواعد راسخة لها في أكثر من منطقة من مناطق تونس، وثمة اتهامات توجه إلى حزب النهضة على وجه الخصوص، بأنّه عطّل أية سياسات جدية لمواجهة خطر توطن الإرهاب داخل تونس.
أما الوضع الاقتصادي فقد تدهور بشكل حادّ، لا سيما أنّ تونس كانت تعتمد في السابق على السياحة، والسياحة لا يمكنها أن تزدهر في ظلّ عدم الاستقرار وانتشار الإرهاب، وتعاظم نفوذ الجماعات المتزمتة دينياً، وانتشارها في كلّ أنحاء تونس.
في ضوء هذه الحصيلة السلبية لتجربة حكم ثنائي النهضة المؤتمر من البديهي توقع أن تتجه الغالبية باتجاه التغيير، أي إدارة الظهر للثنائي الذي حكم تونس طيلة السنوات الأربع الماضية، وإذا لم يحدث ذلك فإنّ المال يكون قد فعل فعله في هذه الانتخابات، كما كان له الدور المرجح في الانتخابات السابقة.
لكن ليس المال وحده هو الذي سيحدّد هذه النتيجة، بل أيضاً الكثير من العوامل والاعتبارات السياسية، إذ من الواضح أنه على الرغم من تعاظم وجود التنظيمات الإرهابية في تونس في ظلّ حكم ثنائي النهضة المؤتمر، إلا أنّ الولايات المتحدة والحكومات الغربية، لا تزال تقدم الدعم لهذا الثنائي، وبديهي أنّ تضافر عنصر المال مع الدعم السياسي، إضافة إلى المرونة التي يتمتع بها حزب النهضة بالمقارنة مع أشقائه من جماعة «الإخوان» في أقطار أخرى، عوامل تجعل من احتمال فوز تحالف النهضة المؤتمر بولاية ثانية في البرلمان والرئاسة احتمالاً قائماً.