علي عبد الكريم: لمعالجة حقيقية لأوضاع السوريين في لبنان بعيداً عن المكابرة أو الاستجابة لضغوط دول وقوى لم يعد خافياً أنها راعية للإرهاب
بدعوة من السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، أُقيم حفل إفطار في دار السفارة السورية حضره رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلاً بوزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلاً بوزير المالية علي حسن خليل، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ممثلاً برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو وعضو المجلس الأعلى في الحزب النائب أسعد حردان، البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي ممثلاً بالأب نادر نادر، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي ممثلاً بالأرشمندريت رومانوف حنات، الرئيس الأعلى لكنيسة السريان الأرثوذكس في العالم البطريرك اغناطيوس افرام الثاني ممثلاً بالمطران دانيال كورية، رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان ممثلاً بالمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نصر الدين الغريب ممثلاً بالقاضي الشيخ نزيه أبو ابراهيم، قائد الجيش العماد جوزيف عون ممثلاً بالعميد حسن فقيه، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ممثلاً بالعقيد مرشد سليمان، وزراء ونواب حاليون وسابقون وسفراء وممثلو الأحزاب الوطنية، رئيس تحرير جريدة «البناء» النائب السابق ناصر قنديل، رئيس اتحاد علماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، رئيس تجمُّع العلماء المسلمين القاضي الشيخ أحمد الزين، وحشد من الشخصيات الروحية والأمنية والاجتماعية والفكرية والإعلامية.
وألقى السفير علي عبد الكريم كلمة قال فيها: «يشرّفني ويسعدني في رحاب هذا الشهر المبارك أن أرحب بكم في سفارة الجمهورية العربية السورية في بيروت والآمال تكبر كلّ يوم أن يحمل هذا الشهر الفضيل بشائر انتصارات حاسمة على الإرهاب في سورية والعراق ولبنان والمنطقة، وأن يترافق مع هذه البشائر تصويب ومراجعة في غير مكان من هذا العالم المضطرب بما ينعكس استقراراً تحتاجه البلدان التي رعت الإرهاب وحاولت الاستثمار فيه فاكتشفت أنها غامرت بأمنها وأمن شعوبها، جراء خيبات ولّدتها رهانات خاسرة».
وأضاف: «أمام كلّ ذلك أيها الأعزاء الكرام نحمد الله أننا أمام منعطف تبرزُ فيه علامات الصحو والتوازن وكشف الحقائق وابتدار المصالحات، وصولاً إلى انتصار الكرامة التي للجميع حقّ فيها ورمضان هو البيئة الأكثر ملاءمة لولادة صورة العيش الواحد العادل الذي نخشى فيه الله فنحفظ حقّ الله وكرامة الناس».
وتابع السفير السوري: «يحسن بنا في شهر العبادة وامتحان الذات أن نقف أمام أنفسنا ونحمل مرآة كاشفة نطلّ فيها على ذواتنا وصولاً إلى مراجعة عميقة واقعية شجاعة نحدّد فيها أمراضنا ونقاط ضعفنا والثغرات التي استغلها أعداؤنا والمتربّصون بنا لضرب مواقع القوة والثروة والجاه لدينا.
أيها الأعزاء… حريّ بنا أن نتصارح ويشجع كلّ منا إخوته على وضع الإصبع على الجرح وأكبر الجراح هي الطمع والفساد والأنانية والجشع والعصبية بأنواعها لأنها كلها رأيناها أسلحة يستقوي بها أعداؤنا لضرب وحدتنا واغتصاب حقوقنا، ومحاولة الإجهاز على دولنا وأوطاننا. مثل هذه المراجعة التي نحتاجها جميعاً تظهر لنا بوضوح لا يحتمل الشك أنّ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يدّعي محاربة الإرهاب لم يستهدف بناء ديمقراطيات لبلداننا ولم يتقصّد أبداً تقوية قدراتنا ودفاعاتنا، بل وباعتراف قادته المتنافسين على السلطة والمغانم أنهم هم من أوجدوا القاعدة واستثمروا فيها قبل أن تصبح عبئاً على صانعيها وهم من اخترع داعش والنصرة وكلّ التنظيمات تحت كلّ المسمّيات لغايات، يُفترض أننا وصلنا إلى القناعة اليقينية أنها ليست من الإسلام ولا من المسيحية ولا تمتُّ بصلة إلى النواميس والقيم الإنسانية جميعاً».
ورأى السفير السوري «أننا أحوج ما نكون إلى القيم التي تهاونّا في التفريط بعقد بنيانها، فهي ضمانة المناعة لمجتمعاتنا وأجيالنا ولأننا في شهر رمضان المبارك يحسن بنا أن نعمل ما يرضي الله، فأحبّ عباد الله إليه أنفعهم لعياله، وعياله لم يحدّدهم مسلمين أم مسيحيين سنةً أم شيعة أم موارنة أم دروزاً، فالسيد المسيح عليه السلام يقول: لا تعبدوا ربين الله والمال، وإذا ضربك أخوك على خدك الأيمن فأدِر له الأيسر. ويقول خاتم النبيين محمد إنما بُعثتُ لأتمِّم مكارم الأخلاق، وأقربكم مني يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً، ورفض المثلة ولو في الكلب العقور. فأيّ دين يستند إليه وحوش الزمن الرديء الذي وصلنا إليه».
وقال: «أيها السادة.. لبنان الذي أعتزّ بعلاقات مديدة متنوّعة تعلمتُ منها وسمحَت لي باكتشاف مكامن قوة وعلامات ضعفٍ في هذا البلد الشقيق العزيز، أسمح لنفسي بتذكير جميع الإخوة والأخوات أنّ كباراً من لبنان تتلمذتُ عليهم في مكتبة والدي رحمه الله، فعشقت اللغة العربية وتعرّفت إلى الإسلام الحقيقي البريء من أيّ انغلاق أو تعصُّب ولدى الكبيرين الراحلين الإمامين الشيخ عبد الله العلايلي والسيد محمد حسين فضل الله أحسن الله إليهما وأسعدتني صحبتي لمؤلفات المبدعين الكبار جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وبولس سلامة وجورج جرداق فوجدت أنهم أكثر عمقاً في قراءة المسيحية وفي قراءة الإسلام وشخصياته الكبيرة. فلم أشعر مرةً أنني أمام مسيحي أو مسلم، بل أمام قامات كبيرة تعمِّق السلام الداخلي للمسلم والمسيحي، وسورية ولبنان تجمعهما أخوة الأرض والتاريخ والمصير، فلا نستطيع إلا أن نتعاون بمنطق الأخوّة لمواجهة المخاطر التي تتهدّدنا معاً، فعدونا الإسرائيلي واحد ويتربّص بنا معاً، والإرهاب الذي نواجهه واحد، لكننا أقوياء بحمد الله بجيشينا وشعبنا ومقاومتنا وحلفائنا وما يتحقّق من انتصارات متوالية على الإرهاب في كلّ الأرض السورية وما ينجزه الجيش والقوى الأمنية اللبنانية في عرسال والبقاع وكلّ لبنان مؤشران يتلاقيان على هدف واحد هو عافية البلدين، والمصالحات التي تتّسع في المدن والبلدات والقرى على امتداد سورية مترافقة مع متابعة من الحكومة في سورية وبرعاية مباشرة من السيد الرئيس بشار الأسد تستدعي تعاوناً مسؤولاً بين كلّ المؤسّسات في البلدين وصولاً إلى معالجات حقيقية لأوضاع السوريين في لبنان بعيداً عن المكابرة أو الاستجابة لضغوط أو إغراءات من دول وقوى لم يعد خافياً على أحد أنها راعية للإرهاب ومستثمرة فيه. وتقديري أنّ الوضع الإقليمي والدولي اليوم كشف دور رعاة الإرهاب وجعلهم في خانة المذعور من ارتداداته، فضلاً عن التناقضات المستجدّة فيما بينهم، الأمر الذي يعزّز من يقيننا بصوابية موقفنا وحتمية انتصارنا».
وختم السفير السوري متمنياً للبنان «التوافق على خطوات تعزّز دوره واستقراره في العهد الجديد برئاسة فخامة الرئيس ميشال عون آملين أن يكون هذا الشهر حافلاً بالإنجازات للبنان ولسورية وللبلدين معاً».