قطر… التوظيف الأميركي مستمرّ

معن حمية

في العام 1995، اغتنم حمد بن خليفة آل ثاني، فرصة وجود والده في سويسرا ونفّذ ضدّه «انقلاباً أبيض»، واستولى على حكم الإمارة، علماً أنّ خليفة آل ثاني لم يكن خارجاً على طاعة الأميركيين، وكان سبّاقاً في السماح للقوات الأميركية وغيرها باستخدام القواعد القطرية للأعمال القتالية، خصوصاً ضدّ العراق.

انقلاب الابن على أبيه، لم يكن أبيض على الإطلاق، فإلى «جينات» الغدر الموروثة، حيث سبق للأب أن انقلب على آخرين من العائلة، كان الهدف التأسيس لمرحلة سوداء. ففي أولى سنوات حكمه انطلقت قناة «الجزيرة» وصارت محلّ متابعة من قبل الشعوب العربية، لما تقدّمه من أخبار وتقارير وبرامج قريبة من نبض الناس واهتماماتهم ومعاناتهم، وصاغ هو علاقات مع دول إقليمية وعربية تدعم المقاومة نهجاً وخياراً، وحين أعلنت السعودية انحيازاً واضحاً إلى جانب العدو الصهيوني في حرب تموز 2006 ووصفت المقاومين بالمغامرين، قدّمت قطر مساهمات مالية بملايين الدولارات لإعادة إعمار عدد من البلدات اللبنانية.

ما تكشف لاحقاً أنّ قطر أسست للعب دور كبير في المنطقة، وظهرت طبيعة هذا الدور وأهدافه مع انطلاقة ما يسمّى «الربيع العربي»، حيث تحوّلت قطر إلى داعية ديمقراطية وحرية، واستخدمت قناة «الجزيرة» للحضّ على الفتن الداخلية في البلدان العربية، تحت ذريعة مناصرة الشعوب، أما الهدف الأساس فلم يكن إسقاط أنظمة عربية تهاوت بسرعة، بل إسقاط الدولة السورية بوصفها حاضنة المقاومة ضدّ العدو الصهيوني.

قطر اليوم على خلاف حادّ مع السعودية والإمارات والبحرين، لكنها بحسب المسؤولين فيها ليست مضطرة لتقديم أدلة تثبت ولاءها للولايات المتحدة الأميركية وضمناً «إسرائيل»، ويكفي أن توقع صفقة بالمليارات لشراء طائرات «أف 15» من واشنطن وأن تعلن عن وصول سفن أميركية لإجراء مناورات مشتركة لتؤكد من خلالها، بحسب مسؤول قطري أنّ «دعم أميركا لقطر متأصّل ولا يتأثر بسهولة بالتغيّرات السياسية».

في قطر أكبر قاعدة أميركية، قاعدة «العديد» ويستخدمها الجيش الأميركي، لتنفيذ عمليات في العراق وسورية وأفغانستان وغيرها، وفي قطر رئيس وزراء سابق هو حمد بن جاسم آل ثاني يظهر عند الضرورة على شاشة قناة «بي بي إس» الأميركية ليقول: «لقد هيّأنا أمننا كاملاً لتلك القوات الأميركية واستضفناها كلّ تلك الأعوام وقد فوجئنا لدى سماعنا أننا ندعم الإرهاب، فأيّ إرهاب هذا الذي ندعمه؟». ويغمز بن جاسم من قناة دعم الدوحة لقطاع غزة، فيشير إلى أنّ مساعدة حركة حماس ساعدت «على تقليل العداء في غزة»! والمقصود هنا رشوة حماس للنأي عن مقاومة «إسرائيل»، وكاشفاً عن أنّ واشنطن طلبت من قطر «تشجيع حركة حماس على المشاركة في الانتخابات الفلسطينية وبالفعل شاركت فيها». وأنّ وجود قيادات من حركة طالبان الأفغانية على الأراضي القطرية، هو «بطلب من الولايات المتحدة».

في المحصلة، أياً كان حاكم قطر، خليفة المغدور به، أو الابن الغادر او الحفيد المتربّع على عرش والده المعزول، وسواء دعمت قطر هذا الفصيل الإرهابي أو ذاك، فإنّها ستظلّ قاعدة أميركية لا تهزّها مئات المليارات السعودية، وهذا التميم لا يدفع أرواحاً شريرة إنما يتمّم ما بدأه أسلافه لخدمة مشروع الشرّ بالتفتيت والتدمير.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى