الشاعر والإعلاميّ محمد خالد الخضر لـ«البناء»: الإعلاميّ المقاوم هو الذي يساهم في الدفاع عن الوطن وصون الكرامة
سامر منصور
لا شك في أنّ الإعلام السوري يواجه تحدّيات على أكثر من صعيد ولذلك وجب أن يُرمّم كلّ خللٍ فيه كي يتمكّن من أداء الدور المأمول منه.
وفي هذا السياق التقينا الشاعر والإعلامي العريق محمد خالد الخضر عضو هيئة التحرير الاستقصائي في وكالة الأنباء السورية «سانا»، وعضو اتحاد الكتّاب العرب، صاحب أحد عشر مؤلفاً شعرياً والرئيس السابق لفرع اتحاد الكتّاب العرب في إدلب، وعضو لجان القراءة في وزارة الثقافة السورية واتحاد الكتّاب العرب، وهو يكتب زوايا أسبوعية في عددٍ من الصحف السورية العريقة.
ما هي أبرز سمات الإعلام المقاوم وما الفرق بين الإعلام المقاوم والإعلام الذي يدّعي أنه مقاوم؟
ـ سأتحدث عن الإعلاميّ المقاوم، فهو العمود الفقري للإعلام المقاوم. الإعلاميّ المقاوم هو الذي يتصدّى للمخاطر التي تهدّد مجتمعه بأدواته الإعلامية بما يخدم الأرض والجيش، الوطن. ويساهم في الحماية والدفاع وصون الكرامة. ولا يفاوض ولا يساوم ولا يقبل رشوة، ولا يختلس ولا يستكين إلى دعوات الولائم والحانات. فهو يحمل همّاً وطنياً، وهو من الأعين الساهرة على نقل الحقيقة إلى الآخرين.
لماذا دائماً تغادر وجوه إعلامية كثيرة اعتدنا عليها في قنواتنا التلفزيونية لصالح شبكات إعلامية عربية. وهذا ملاحظ منذ قبل الأحداث؟ هل الإعلامي السوري بحاجة إلى المزيد من الانصاف؟
ـ المسألة هي مسألة ضعف في الأساس. هناك من يضعف أمام بعض المغريات المقدّمة له. ومهما أعطيته ستبقى هناك مغريات أخرى. وهناك من خاف على نفسه في هذه الأحداث الدموية، فقصد بلداناً باتت أكثر أمناً. ولا بدَّ لنا أن نتخلّى عن ثقافة الانهزام. وهناك ممّن غادر خلال هذه الحرب وانقلب ضدّ مؤسّساته الوطنية التي عمل فيها. هناك منهم أشخاص كثر تمّ إعدادهم في الخارج وهم في الأساس ليسوا مع الوطن، وانقلابهم ضدّ مؤسساتهم انقلاب ظاهريّ فهم في دواخلهم أنانيون جشعون، حوّلوا أنفسهم إلى سلعة. ومن جهة أخرى هناك من يحتاج إلى إنصاف. وهناك إعلاميون على درجة عالية من الكفاءة يصلون إلى أماكن مهمة وفعّالة في المؤسسات الإعلامية، لكنهم لا يستمرّون فيها طويلاً حيث يتم إبعادهم من قبل الفاسدين وغير الأكفّاء، خوفاً من حضورهم الثقافي والإعلامي القويّ.
يرى البعض أننا نمارس الإعلان أكثر من الإعلام. حيث نركّز على نقل المناسبات والإعلان عن افتتاح مسؤول منشأة ما أو مشروع ما وتتخذ التغطيات الطابع الاحتفائي، خصوصاً تلك المتعلقة بالشأن الثقافي. ما هو جوهر الاختلاف بين الإعلام والإعلان؟
ـ أصبح العربيّ يغطّي كل ما يفعله، ما يندرج في نطاق الاندفاع نحو مصالحه الشخصية. وهناك في المقابل تخاذل واضح في الإعلام العربي أمام مشاريع الصهيونية بـ«الإعلان الإعلامي». وكم من حكّامٍ عرب تروّج لهم وسائل إعلام أنهم من أصحاب المواقف المشرّفة والنضال بينما هم في الواقع سادة ميليشيات تابعة للغرب وليسوا حكّاماً أصحاب قرار.
أما الإعلام فهو أداة عظيمة يمكننا أن نقدّم من خلالها جلّ الأشياء التي تساهم في تعزيز وتكريس الهوية الوطنية بمعنى بناء الشخصية الوطنية الأبية الصامدة المتحدّية التي يصعب اختراقها.
ولو كنّا نمتلك إعلاماً حقيقياً لما أخذت شخصيات كثيرة تنسب نفسها إلى الفنّ أو الفكر والأدب. لما أخذت هذا الحجم. فإن تابَعَ رجل أجنبيّ على سبيل المثال المحطات العربية ستقدّم له تلك المحطات هيفاء وهبي على أنها أيقونة الفن العربي. وتلك المحطات نفسها تمنح هيفاء وأمثالها الجوائز والدروع في حفلات ضخمة لا يُقام مثلها إلا لفنانين عالميين. وحتى في الشقّين الأدبي والثقافي في وسائل الإعلام وفي وسائل الإعلام الثقافية هناك حالة مشابهة.
وحتى المؤسّسات الثقافية التابعة للأحزاب العربية التي أقيمت بناءً على تيارات فكرية وافدة من المشارق والمغارب، تُلمّع كثيرين ممّن لا يستحقون أن تطبع لهم صفحة واحدة. وتدعم بقوة الكتّاب والأدباء أنصار أيديولوجيتها حتى لو لم يكن بينهم من يتمتّع بموهبة حقيقية. فهي تصرّ على تصديرهم إلى الرأي العام على أنهم الأدباء الأهم والأقدر. وتتغافل عمّن هم أكثر موهبة واجتهاداً وإبداعاً ممن لا يعتنقون أفكارها.
من خلال عملك كمحاور لصالح مجلة «المعرفة» السورية العريقة وعددٍ من الصحف الرائدة. كيف هي معنويات المثقّفين والأدباء والفنانين؟ وكيف يرون مستقبل سورية؟
ـ معنوياتهم مرتفعة ولم يتوقفوا ولن يتوقفوا عن الكتابة والعطاء. وحتى لو لم يملكوا ثمن الخبز سيشترون الأقلام والأوراق ويكتبون ويوثّقون. ولطالما كان المثقف السوري الحقيقي بطلاً شجاعاً، فأمهُ سورية هي حصن الثقافة والإعلام وهو المستقبل الباقي.
كاتب فلسطينيّ سوريّ