غرفة أمنية مشتركة بين إيران والسعودية في الرياض
جهاد أيوب
فاجأ النائب ورئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري مناصريه ومستشاريه ومَن يدور في فلكه بانتقاده المباشر بيان الائتلاف السوري الذي تطاول فيه على الجيش اللبناني، واعتُبر هذا الردّ الواضح بمثابة فك ارتباط مع الائتلاف في الداخل اللبناني، فهو معه في سورية، لكنه لا يجاريه في الداخل اللبناني، ولا يتغاضى عن تطاوله على الجيش، أو يسكت عنه في هذه المرحلة بالذات بعد أن كلفته المملكة السعودية بالعمل على صرف مليار دولار كهبة داعمة لتسليح الجيش اللبناني!
من هنا كان لا بدّ لسعد أن يردّ بلغة حاسمة وبعيداً من رأي مستشاريه، ومن دون الالتفات إلى ردّ فعل نوابه ووزرائه المتطرفين الذين يهاجمون الجيش اللبناني ليلاً ونهاراً، وكان لهم الفضل في نعت جيش الوطن بأسوأ الصفات وتحجيم دوره واتهامه بـ «الجيش الصليبي»، وعملوا في شكل واضح في إعلامهم على زرع الفتنة ضدّه. الردّ من قبل الحريري جاء كأمر مباشر من السعودية ومن دون الرجوع إلى واقع حال من يسير خلف خطاب تيار المستقبل وجماعات 14 شباط، فالسعودية جراء هذا الردّ تعتبر أنها أصابت أكثر من هدف، وأرسلت رسائل واضحة المعالم إلى الإعلام الغربي وساسته، وحدّدت موقع سعد في الداخل السعودي واللبناني، وبذلك ومن منظورها الأمني تكون قد أكدت حرصها على محاربة الإرهاب كما تدّعي بعد ان اتهمت مع دولة قطر وبالأدلة من قبل الإعلام الغربي بتمويل هذا الإرهاب، ولكونها شكلت جزءاًً من التحالف الغربي والعربي الذي يدور في الفلك الأميركي لضرب «داعش» و«جبهة النصرة» ولا بدّ من ترميم صورتها، ولن تسمح لمن يمثلها في لبنان ـ سعد الحريري ـ أن يكون ازدواجي الموقف تجاه الجيش اللبناني الذي يقاتل الإرهاب في عرسال وجرودها، وسيعاود مقاتلته في الأيام المقبلة في الشمال والبقاع الأوسط كما تشير بعض المعلومات الأمنية.
وأيضاً ردّ سعد الحريري على الائتلاف الآن يعني إشارة إلى الداخل اللبناني بأنّ سعد هو من يمثل سياسة المملكة في لبنان، وهو ردّ يحسم صراع الأجنحة داخل المملكة، وأنّ الحريري الابن قد حسم أمره بالانحياز إلى جناح الملك ومن يمثله في السلطة السعودية، فالائتلاف وبطلب وتشجيع من وزير خارجية السعودية سعود الفيصل قدم ورقة تطالب مجلس الأمن بإصدار قرار يدين الجيش اللبناني على خلفية المداهمات التي نفذت في عرسال على مخيم للنازحين السوريين، مع العلم أنّ الجيش الوطني اضطر إلى دخول المخيم بعدما أطلق 3 سوريين النار على دورية تابعة له وفرّوا في اتجاه المخيم، مما دفع الجيش إلى دخوله وتنفيذ عملية المداهمة من اجل توقيف مطلقي النار، والغريب أنّ الإعلام اللبناني لم يركز على هذا التفصيل، وتحديداً المرئي منه، فقط بالغ بعملية المداهمة، لا بل عمد بعض الإعلام إلى إظهار مشاهد تعمل على التأجيج ضدّ الجيش، فيما جرى التغاضي عن السبب الرئيسي الذي دفع الجيش إلى دخول المخيم!
وتماهياً مع إدانة سعد الحريري لبيان الائتلاف السوري أتت تصريحات نارية غير مسبوقة لوزير الداخلية نهاد المشنوق ناقض فيها كلام وزير العدل أشرف ريفي حينما اعتبر أنّ راية «داعش» تمثل الإسلام والذي هو منها براء… فكان تصريح المشنوق في إطار رفض نسب هذه الراية إلى الإسلام على رغم أنّ العبارات الواردة فيها هي ركن أساسي للإسلام، والأهمّ في كلام المشنوق أنه يتقاطع مع التعاون الأمني بين طهران والرياض، والمتمثل باجتماعات الغرفة الأمنية المشتركة بينهما والمنعقدة في شكل دوري في الرياض، والتي لم تتوقف اجتماعاتها والتنسيق في ما بينها على رغم التصريحات الحادّة المتبادلة بين الطرفين، وتحديداً بين جماعات الطرف السعودي والإعلام الذي يمون عليه، وهذه الغرفة الأمنية المشتركة هي التي نصحت باللقاء السريع الذي جمع وزيري خارجية البلدين في نيويورك محمد جواد ظريف وسعود الفيصل، وليخرج الطرفان بعد اللقاء الذي استمرّ لأكثر من ساعتين إلى توافق تامّ بين البلدين على أهمية محاربة الإرهاب مع تسجيل طهران ملاحظاتها على صيغة التحالف الدولي الذي يؤمّن مصالح واشنطن والغرب على حساب جميع دول المنطقة، كما ذكر لنا أحد المصادر المقرّبة من الفريق السعودي.