لا النفير ولا البعير حققا مؤامرة التغيير البطولة المؤيدة بصحة العقيدة حفظت المصير

اياد موصللي

مشهد وتتابع الأحداث التي تجري على الساحة السورية هذه الأيام سواء في الشام او العراق يكرّر صفحات من التاريخ مرّت بها هذه الأمة وهذه البلاد..

المؤامرات كانت تتكرّر فصولاً في كلّ مرحلة من مراحل التاريخ ووقفات العز والبطولة المؤيدة بصحة العقيدة كانت الردّ الفاعل الحاسم..

ما يحصل اليوم نهاية فصل المؤامرة الكبرى التي وضع خطوطها العريضة المايسترو الصهيوني مستمداً عناصرها من فكر إرهابي تكفيري مدمّر.. وأهمّ أهدافها تفتيت المنطقة وبعثرة قواها كأحد أهمّ عناصر المشروع الاسرائيلي. فما نشاهده من فتن في العالم العربي ومن حروب واقتتال قسّم البلاد وزاد من ويلات ما تعانيه رسم خطوطه قبل قيام «إسرائيل» وحدّد هذه العناصر لضمان أمن وسلامة وديمومة هذه الدولة ورسم خطوطه ومعالمه بن غوريون.

« 1 علاقات متينة مع الدول القوية التي تؤمّن الحماية الدائمة لإسرائيل مقابل أن تضمن إسرائيل مصالح هذه الدول. 2 تكوين جيش قوي يضمن الحماية لدولة إسرائيل من أيّ خطر يتهدّدها. 3 العمل على وتفتيت الدول المجاورة وخلق دويلات طائفية صغيرة حول إسرائيل وإذا ما حققنا ذلك نضمن أمننا وسلامنا إلى الأبد».

وقد تمّ تحقيق كلّ ذلك وتنفيذه.

وتوضح معالم الأحداث التي نشهدها الآن على أرضنا في سورية وبقية الدول العربية هذه النوايا والمخططات وفق المنهج الذي ذكره بن غوريون انّ معظم قادة كيانات هذه الأمة ضالعون بغباء أو عمالة في تنفيذ هذا المخطط ولعله قدرنا ان تكون الحجاز او السعودية مفتاح الأذى والنكبات لأمتنا.

انّ الأحداث المرعية التي جرت في سورية من قتل وذبح وتدمير وهدر للقيم وقلب للمفاهيم الدينية والقومية والأعمال الإجرامية بإسم الدين هي جزء من هذه المخططات.

خططت «إسرائيل» ونفذت مخططاتها عبر مشاركة أنظمة كوّنت وصنعت لدور تؤدّيه وحان الآن أوانه..

«إسرائيل» لا تعتبر مشروعها أنجز بقيام دولة لها على أرض فلسطين إذا لم تتمكن من تحقيق الأجزاء الأخرى وفق إيمانها ومعتقدها التوراتي الذي يقول:

«سيأتي من نسلك ملوك يحكمون حيث تطأ قدم الإنسان إلى تلك الارض التي تحت السماء وسوف يحكمون كلّ الأمم حسب رغبتهم وبعد ذلك سوف يسحبون الأرض كلها اليهم ويرثونها الى الابد…»

لذلك تستمرّ المؤامرات بحق دولنا وشعوبنا في مسعى «لتحقيق ما وعد به رب إسرائيل…» وأدوات هذه المؤامرات وعناصرها واضحة معروفة، فأميركا هيأت إمارات ومشيخات وحكومات لتكون قاعدة الارتكاز من أجل إتمام المشروع الاسرائيلي.. فأموال البترول واستراتيجيات المؤامرة سارت فيها قطر والسعودية بكلّ دقة…

الهدف الأول سورية بامتداد الشام لبنان العراق، واذا لم تحقق «إسرائيل» مشروعها في تفتيت سورية فلا أمل ولا رجاء لتحقيق غير الذي حققته حتى الآن وهو مهتزّ غير ثابت..

ونكرّر ما قاله سعاده تأكيداً لهذا: «لم يتسلط اليهود على جنوبي بلادنا ويستولوا على مدن وقرى لنا الا بفضل يهودنا الحقيرين في ماديتهم الحقيرين في عيشهم الذليلين في عظمة الباطل.

انّ الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن ان يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمة بفضة من اليهود، انّ مصيبتنا بيهودنا الداخليين أعظم من ويلاتنا باليهود الأجانب».

فالذي جرى في العراق والشام ولبنان هو المحاولة التي بدأتها الصهيونية لإتمام مشروعها وأفشله شعبنا بقواه السياسية والشعبية والعسكرية أموال الخليج جنّدت المقاتلين من المرتزقة وجلبت الأسلحة بكلّ أنواعها وأشعلت المنطقة تحت الشعار الذي أطلقته أميركا هدفاً وستاراً باسم الديمقراطية و«الشرق الأوسط الجديد»…

ويوضح تفاصيل هذه الأهداف الاستاذان الجامعيان الاميركيان جون ميرشايمر وستيفن والت في مقالة نشراها في مجلة «لندن ريفيو اوف اكس»، والتي ذكرا فيها انّ اللوبي الموالي لـ«إسرائيل» في الولايات المتحدة، نجح في دفع السياسة الخارجية الأميركية في اتجاه مدمّر للذات تماماً، وجعلها تضع المصالح «الإسرائيلية» فوق مصالح واشنطن، وتسعى لتحقيق الأهداف «الإسرائيلية» متخطية الأهداف الأميركية». وكما قال هذان الأستاذان: «لقد عملت الحكومة «الإسرائيلية» والجماعات الموالية لـ«إسرائيل» في الولايات المتحدة معاً لتشكيل سياسة الإدارة الأميركية إزاء العراق، وسورية وإيران، وكذلك تشكيل خطتها الكبرى الرامية إلى إعادة ترتيب الشرق الأوسط». وما جعل ذلك ممكناً هو النفوذ الطاغي الذي يمارسه اللوبي الموالي لـ«إسرائيل» على السياسة الأميركية».

فقد بدأت المؤسسة العسكرية «الإسرائيلية» تطوير رؤية طموحة لـ«إسرائيل»، تقوم على اعتبارها امبراطورية صغيرة في الشرق الأوسط، قبل أكثر من عقدين من الزمن. وبعد ذلك سعت إلى العثور على راعٍ لذلك في واشنطن ليساعدها في تحقيق رؤيتها، ووجدت ذلك الراعي، متمثلاً في المحافظين الجدد.

وربما كان المحافظون الجدد اليهود، الذين تربط الكثيرين منهم روابط عاطفية قوية مع «إسرائيل»، الأكثر استعداداً للإصغاء إلى الرسالة الآتية من تل أبيب، ولكن تلك الرسالة كانت مقنعة حتى للمحافظين الجدد غير اليهود، لأنها وضعت المصالح الأميركية، وبخاصة الهيمنة الدولية، والسيطرة على النفط، في قلب رؤيتها.

وأفكار «إسرائيل» عن كيفية تحقيق هذه الأهداف تستمدّ نسغها من النظرية الصهيونية، التي تملك ميراثاً قديماً في هذا المجال، فالمؤسسة الأمنية «الإسرائيلية» تؤمن بأنّ هيمنة «إسرائيل» الإقليمية، وسيطرة الولايات المتحدة على النفط، يمكن تحقيقهما بالطريقة ذاتها، أيّ من خلال إحداث كارثة في الشرق الأوسط، على هيئة انهيار اجتماعي، وسلسلة من الحروب الأهلية وتجزئة الدول العربية.

وعلى نحوٍ ما، كان هذا هو الهدف الحقيقي للاستراتيجية «الإسرائيلية». فعن طريق ربط مصيرَيْ الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين، والاحتلال الأميركي للعراق معاً، وبتوريط القوات الأميركية في وحل الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، التي ترتكبها القوات «الإسرائيلية» يومياً في الضفة الغربية وقطاع غزة، يصمد المشروعان معاً، أو يسقطان معاً، ويغدو مستقبل الاحتلالين «الإسرائيلي» والأميركي متشابكين معاً على نحو لا فكاك منه.

من كلّ هذا تتوضح صورة التخبّط الذي نشاهده اليوم في السعودية ودول الخليج وقطر.. والمعارضة التي أبدتها مؤخراً أميركا ضدّ ما يجري ويتخذ من إجراءات تقودها السعودية ضدّ قطر.. يوماً تشجع ويوماً تندّد.. تخبّط سياسي عسكري ناجم عن ثبات الموقف ووضوح الرؤية لدى شعب وقادة سورية في الشام والعراق ولبنان، رؤية واضحة وموقف ثابت مؤطر بدعم إيراني روسي شكل جداراً صلباً في وجه زحف جهيض فاشِل جوبه بوقفة عز وتنسيق متكامل بين الشام والعراق وتضافر القوى الرديفة من أبناء البلاد والمقاومة اليقظة التي سدّت المنافذ ودمّرت المعابر والعابرين..

المشروع الأميركي الاسرائيلي الخليجي على رأس المنحدر والتحركات العسكرية في الشام هي عناوين لما هو آت.. العمليات العسكرية في درعا مقدّمة لإنهاء الأعمال المسلحة التكفيرية وهي رسالة للأردن كي يلتزم حدوده ويوقف تآمره الصامت الذي يستمدّ زخمه من الوحي السعودي والتشجيع الأميركي والإسرائيلي ورديف هذه الرسالة التحركات العسكرية في الغوطة الشرقية.. تطهير الحدود الجنوبية وربطها بالغوطة الغربية التي تسيطر عليها الدولة ثم تنظيف الغوطة الشرقية هو الفعل النهائي الذي بدأت مراحله.. ورصاصة الرحمة هي في دير الزور وعبر تنسيق شامي عراقي..

لذلك تغيّر السيناريو وبدأ التحوّل في المخطط الاستعماري باتجاه الخليج وترتيب الولاء ورفع الراية باتفاقيات وتسويات ومعاهدات تؤدّي الى امتداد السيطرة على النفظ والمواقع الاستراتيجية في خطة تهدف الى محاصرة إيران عبر تصوّر واهم بالسيطرة عليها وإثارة القلاقل العنصرية والطائفية فيها.. امل لا يبدّد ضيق صدمة الفشل التي أصيب بها المتآمرون في سورية..

تبعثر المتآمرون وفشلت خططهم وأدواتهم والموقف الافرنسي الأخير كان القشة التي قصمت ظهر البعير، ففرنسا اليوم تحكمها عقلانية واقعية تنطلق من فهم ودراسة للواقع على الأرض بدون همجية اتصف بها الرؤساء الذين تولوا السلطة قبل الرئيس الجديد ماكرون الذي قيّم الأمور بميزان يتطابق مع واقع ومصالح فرنسا حيث قال بوضوح:

«لا بديل عن الرئيس السوري حالياً إلا الفوضى والتقسيم وفشل الدولة مع ما ينتج عن ذلك كله من سلبيات، وتابع: ليس الرئيس السوري عدونا وانّ حربنا هي على الإرهاب وهذا يعني أننا شركاء معه في هذه الحرب، وهذا أحد شروط الفوز.. هذا الموقف مزق كلّ المشاريع وجاء مترافقاً مع نجاحات ميدانية..

تقابل ذلك المحاولات التي تقوم بها أميركا لفرض عقوبات عبر المصارف على حزب الله لإضعاف الجبهة الحدودية مع «إسرائيل» ولو كانت هذه الإجراءات مفيدة لنجحت قرارات كلّ هذه الدول العربية وحربها الاقتصادية والمقاطعة لإسرائيل. المشاريع فشلت سواء منها المناطق الآمنة او العازلة.. والتي كانت من صنع إسرائيلي وتنفيذ تركي أو أميركي بتمويل خليجي وأثبتت الوقائع ومجريات الأمور انتصار سورية ولم يعد لأميركا ايّ مجال للمناورة وتغيير الخطط ولم يعد بمقدور اية قوة حاضرة او محضرّة ان تغيّر الواقع على الأرض، الواقع الذي جسّدته سورية حكومة وجيشاً وشعباً… ومعها كلّ حلفائها المقاومين…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى