في انتظار البرابرة

مصطفى بدوي

خارج الوقت أو على غفلة من الورد

يكبر «الخرتيت» 1 في الغرف المغلقة.

كانت «الرَقّة» تسبح مفتونة في لازورد الفرات

وتنقش عشقها وشماً على أنساغ قلعتها

مأخوذة بدبيب مَن مرّوا ومَن وقفوا

مَن جاؤوا ومَن سقطوا

على أعتاب الرصافة والرافقة!

كانت تناجي ـ فيما تنادي ـ مفردات الغيم

وتهيّئ للعشاق دبكتها

مكتظّة بما يؤهّلها لاقتراف الحياة

الحياة التي يليق بها أن تُسمّى الحياة!

على سجيّة جدّها «سيرجيوس»

كانت ترمّم شرقنا المتهالك مثلنا

في ليل الجزيرة

والقناديل معطّلة منذ الأزل

ثمّة عدم ركيك يلوّن تاريخنا

أو ثمّة ما يهشّم ظلّنا في مرآة هذا التيه

تيه ثمّ تيه فتيه

والصحراء واقفة لا يزمجر فيها سوى الليل

ليل من طنين

وليل تمشّطه لعنة الحكمة النازفة

من رأس غيلان الدمشقيّ حتى إيلان

كانت الصحراء ترشقنا بما تيبّس في أحشائها من ظلام

وبرابرة من كهوف التاريخ جاؤوا

بايعوا الخرتيت على ملّة الذبح أميراً

هكذا… خارج الوقت

صارت «الرقّة» شقّة موت

وبرابرة وصلوا اليوم على متن فرات من دماء!

1 الخرتيت: حيوان وحيد القرن

شاعر من المغرب

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى