تايوان وبيونغ يانغ تثيران توتراً بين واشنطن وبكين
توترت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة أمس، بعد أن أعربت بكين عن غضبها «إزاء بيع أسلحة أميركية إلى تايوان، وفرض واشنطن عقوبات على بنك صيني تتهمه بالتعامل مع كوريا الشمالية».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ للصحافيين «إنّ القرارات الأميركية مخالفة لروحية لقاء مارا لاغو في فلوريدا وغير متّسقة مع الاتجاه العام للعلاقات الأميركية الصينية».
وأضاف في إيجاز صحافي اعتيادي «نأمل أن تعدل الإدارة الأميركية تصرفاتها الخاطئة حتى تعود العلاقات الأميركية الصينية إلى مسارها الصحيح، وكي لا يتأثر تعاوننا المهم في المجالات الأخرى سلباً».
ودعا المتحدث واشنطن إلى «وقف تصرفاتها الخاطئة»، بعد أن فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مصرف بنك أوف داندونغ ومنعه من التعامل مع المنظومة المالية الأميركية، بتهمة «تبييض أموال لحساب كوريا الشمالية».
وعبر كانغ عن «معارضة بكين الحازمة لبيع أسلحة أميركية بقيمة 1.3 مليار دولار إلى تايوان التي تعتبرها بكين جزءاً منها».
ولا تزال هذه الصفقة بحاجة لموافقة الكونغرس الذي لم يسبق له أن عرقل عمليات بيع السلاح إلى تايوان. وتعود آخر صفقة أسلحة أميركية إلى تايوان لكانون الأول 2015.
وتأتي العقوبات الأميركية المفاجئة والرد الصيني الغاضب في أعقاب مرحلة من تحسن العلاقات، بعدما استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الصيني شي جين بنغ في منتجعه الفخم في فلوريدا في نيسان الماضي.
وانتقد المتحدث الصيني التعليقات «غير المسؤولة» بعد أن أعربت واشنطن عن «قلقها حيال الحريات الأساسية في هونغ كونغ»، حيث يقوم الرئيس الصيني بزيارة تاريخية للاحتفال بالذكرى العشرين لعودة هذه المستعمرة البريطانية السابقة إلى بكين.
بدورها، قالت رئيسة تايوان تساي إينغ وين «إنّ السلام يمكن الحفاظ عليه فقط عبر تحسين فعلي لاستعداداتنا وقدراتنا للدفاع عن النفس».
وأضافت تساي أمس، خلال حضورها حفل تخرّج في جامعة تايوان الوطنية للدفاع «حتى أثناء السلام لا ينبغي أن ننسى أبداً أنّ تايوان تظل عرضة لتهديد ضخم. لا ينبغي اعتبار السلام أمراً مسلماً به، كما أنه لا يجب تهميش الدفاع الوطني بسبب السلام».
فيما قال الخبير السياسي في جامعة الصين في هونغ كونغ ويلي لام: «يبدو أنّ شهر العسل الناجم عن وعود بكين بخصوص كوريا الشمالية قد انتهى».
وتابع «أعتقد أنّ ترامب يلعب بطاقة تايوان لممارسة ضغوط على الصين لتفعل المزيد في ملف كوريا الشمالية وربما أيضاً ملف التجارة».
كما أعرب الأستاذ المساعد المتخصص في العلاقات الدولية في جامعة سيدني جيمس رايلي عن «اعتقاده بأنّ من المحتمل ألا تبذل الصين أيّ جهود حيال كوريا الشمالية بسبب العقوبات وبيع الأسلحة».
وخفف ترامب من لهجته الحادة تجاه سياسات الصين التجارية خلال حملته الانتخابية بعد لقائه بينغ، إذ سعى للحصول على مساعدة الصين للضغط على حليفها الكوري الشمالي لوقف برامجه للتسلح النووي والبالستي.
لكن ترامب أثار الدهشة الأسبوع الماضي، حين كتب على تويتر «أنّ جهود الصين في ملف كوريا الشمالية لم تنجح».
وتتهم وزارة الخزانة الأميركية بنك «داندونغ الصيني» بأنه «يعمل وسيطاً لنشاط مالي غير قانوني من جانب كوريا الشمالية» عبر تسهيل تحويل ملايين الدولارات لحساب شركات تعمل في تطوير صواريخ بالستية».
وبموجب العقوبات، لم يعُد يحق للمصرف الصيني التعامل مع المنظومة المالية الأميركية.
وأوضح وزير الخزانة ستيفن منوتشين أنّ «هذه العقوبات لا تستهدف الصين بأيّ طريقة من الطرق. إنها موجّهة لبنك إضافة لأشخاص وكيانات في الصين. سنواصل العمل مع الصينيين».
لكنه قال «إذا اكتشفنا أنشطة أخرى، فسنفرض عقوبات على كيانات أخرى. لا أحد آمناً من العقوبات».
وتقول الصين التي تجاور كوريا الشمالية وتعد من أبرز حلفائها إنّ «المفاوضات هي أفضل سبيل لإقناع بيونغ يانغ وقف أنشطتها النووية والبالستية».
على صعيد آخر، استقبل ترامب الرئيس الكوري الجنوبي الجديد مون جاي إن، في البيت الأبيض على مأدبة عشاء رسمي أعقبتها محادثات تناولت الخطوات الواجب اتخاذها في ما يتعلق بالمواجهة مع الشمال والدرع الصاروخية الأميركية التي نصبتها واشنطن في كوريا الجنوبية لحمايتها من أي هجوم صاروخي من جارتها الشمالية.
وتحدّث مون على متن الطائرة خلال توجّهه إلى الولايات المتحدة عن «أهمية تقديم واشنطن وسيول تنازلات لبيونغ يانغ في حال تجاوبت مع مطالبهما»، حسب تقارير صحافية عدة في كوريا الجنوبية.
وقال مون وفق هذه التقارير «بعيداً عن منح كوريا الشمالية مكافآت على أفعالها السيئة، على كوريا الجنوبية والولايات المتحدة التشاور بشأن ما يمكن أن تعرضاه على الشمال مقابل تعليق البرنامج النووي».
كذلك تطرقت المباحثات إلى مناقشة المنظومة الصاروخية الأميركية ثاد التي أقامتها واشنطن في كوريا الجنوبية لحمايتها من أيّ هجوم صاروخي من جارتها الشمالية.
ويطلق نظام «ثاد» صواريخ صُمّمت لاعتراض صواريخ بالستيّة وتدميرها عند إطلاقها أو دخولها الأجواء في آخر مراحل تحليقها.
وتعتبر بكين أنّ «نظام ثاد وراداراته المتطورة يهدّد أنظمتها الصاروخية ويقوّض الاستقرار في المنطقة».