«داعش»… بداية النهاية
تطرّقت صحف غربية وروسية عدّة إلى الخسائر التي مُني بها تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق وسورية، متحدّثة عن بداية نهاية التنظيم.
صحيفة «كومرسانت» الروسية نشرت مقالاً لبافل تاراسينكو عن انتهاء عملية تحرير الموصل من سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي. ويقول تاراسينكو: أعلنت القيادة العسكرية العراقية عن تحرير مدينة الموصل تماماً من سيطرة «داعش». وتتجلّى أهمية هذا الانتصار ليس فقط من الناحية الاستراتيجية، لا بل من وجهة النظر الرمزية، وخاصة أن أبا بكر البغدادي أعلن من الموصل بالذات عن إنشاء «دولة الخلافة» عام 2014، على منبر مسجد النوري الكبير، الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر، والذي فجّره «داعش» الأسبوع الماضي.
أما صحيفة «إيزفيستيا» الروسية فنشرت مقالاً كتبه أندريه أونتيكوف وآلكسي رام وغيورغي أساتريان عن الوضع في الرقة، ويشيرون فيه إلى فرار قادة «داعش» منها باتجاه دير الزور. وقال الكتّاب الثلاثة: قريباً ستسقط الرقة، هذا ما صرح به لـ«إيزفستيا» زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم، الذي تهاجم تشكيلاته المسلحة المدينة. وبحسب قوله، لا يعد الكرد حالياً عمليات واسعة جديدة ضدّ «داعش»، أو خططاً للتقدم باتجاه دير الزور. من جانبه، صرّح مصدر في وزارة الدفاع الروسية للصحيفة بأن قوات الحكومة السورية ستقوم بتحرير دير الزور بدعم من القوة الجو ـ فضائية الروسية، وأن القيادة السورية ترحب بأيّ مساعدة في هذا الشأن. هذا، وقال صالح مسلم إن الرقة، التي تعدُّ عاصمة «داعش» في سورية، ستحرر قريباً من الإرهابيين. وأضاف أنّ الوضع في المدينة هو بالطبع صعب ومعقد، لكن النجاحات التي تم إحرازها في محاربة الإرهاب ستساعد على تحريرها مشيراً إلى أن تحديد تاريخ تحريرها مرتبط بسير المعارك على الأرض وعوامل أخرى.
وفي ما يلي، جولة على أهم التقارير المنشورة في عدد من الصحف الروسية والأوروبية والأميركية خلال اليومين الماضيين.
كومرسانت
نشرت صحيفة «كومرسانت» الروسية مقالاً لبافل تاراسينكو عن انتهاء عملية تحرير الموصل من سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي.
كتب تاراسينكو: أعلنت القيادة العسكرية العراقية عن تحرير مدينة الموصل تماماً من سيطرة «داعش». وتتجلى أهمية هذا الانتصار ليس فقط من الناحية الاستراتيجية، بل ومن وجهة النظر الرمزية، وخاصة أن أبا بكر البغدادي أعلن من الموصل بالذات عن إنشاء «دولة الخلافة» عام 2014، على منبر مسجد النوري الكبير، الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر، والذي فجّره «داعش» الأسبوع الماضي.
وجاء في بيان القيادة العسكرية العراقية: لم يبق أي حي تحت سيطرة «داعش» في الموصل. وليس أمام مسلحيه أيّ خيار سوى الاستسلام. لقد انتهى وجود «داعش» في العراق إلى الأبد، بحسب قناة «سكاي نيوز عربية».
ويذكر أن عملية تحرير الموصل انطلقت في تشرين الأول عام 2016، حيث شارك فيها إلى جانب الجيش العراقي تشكيلات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة والتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
يقول كبير الباحثين العلميين في معهد الاستشراق فلاديمير سوتنيكوف إن تحرير الموصل نجاح كبير. وستكون لتحرير الرقة أهمية كبرى. ولكن هذا لا يعني القضاء على «داعش» نهائياً. وبحسب سوتنيكوف، فقد احتفظ «داعش» بمفارز قتالية انتشرت وتفرقت بعد حصار الموصل، وإن هذه المفارز تنتقل إلى سورية. وستنتقل بعد تحرير الرقة إلى منطقة أخرى ـ الأردن مثلاً.
وأضاف أن في صفوف التنظيم سيبقى ما بين 15 و50 ألف مسلح، وإذا أخذنا بالاعتبار أنصاره أيضاً، فقد يصل العدد إلى 100 ألف شخص، بحسب سوتنيكوف.
هذا، ولقد كانت الموصل المعقل الأخير للتنظيم الإرهابي في العراق. أما في سورية، فلا يزال يسيطر «داعش» على مدينة الرقة التي بدأت عملية تحريرها أيضاً في مطلع حزيران 2017.
وتجدر الإشارة إلى أن وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية كانت قد ذكرت، يوم 16 حزيران 2016، استناداً إلى مسؤولين أميركيين ونشطاء سوريين أن قادة «داعش» فرّوا بعد محاصرة الموصل والرقة من المدينتين إلى مدينة الميادين الواقعة في محافظة دير الزور، ومن هناك يقودون «دولتهم».
وتشير الوكالة إلى أنّ التحالف الغربي كان يهاجمهم جواً خوفاً من انتقال مسلحي «داعش» إلى الميادين، ولكن هدفه الرئيس، كان تحرير الموصل والرقة. وبحسب مصادر الوكالة قد يكون التنظيم قد حول الميادين إلى «عاصمة» جديدة له ومنها ينسق هجماته، لا سيما أن موقع المدينة ملائم جداً، لأنها تقع على الطريق الواصل بين الرقة والحدود العراقية، الذي يسيطر عليه التنظيم. وعلاوة على ذلك، فإن سكان المدينة من السنة ويتعاطفون مع التنظيم.
وبالطبع، لا تذكر الوكالة اسم أيّ من قادة التنظيم، الذين فروا إلى الميادين مع عائلاتهم، كما ليس معلوماً إن كان أبو بكر البغدادي موجوداً هناك.
هذا، ووفق معلومات وزارة الدفاع الروسية، فقد تم القضاء على عدد من قادة التنظيم بمن فيهم البغدادي يوم 28 أيار الماضي عندما كانوا مجتمعين في الضاحية الجنوبية لمدينة الرقة. وذلك بغارة جوية شنتها طائرات القوة الجو ـ فضائية الروسية.
إيزفستيا
نشرت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية مقالاً كتبه أندريه أونتيكوف وآلكسي رام وغيورغي أساتريان عن الوضع في الرقة، ويشيرون فيه إلى فرار قادة «داعش» منها باتجاه دير الزور.
كتب أونتيكوف ورام وأساتريان: قريباً ستسقط الرقة، هذا ما صرح به لـ«إيزفستيا» زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم، الذي تهاجم تشكيلاته المسلحة المدينة. وبحسب قوله، لا يعد الكرد حالياً عمليات واسعة جديدة ضدّ «داعش»، أو خططاً للتقدم باتجاه دير الزور.
من جانبه، صرّح مصدر في وزارة الدفاع الروسية للصحيفة بأن قوات الحكومة السورية ستقوم بتحرير دير الزور بدعم من القوة الجو ـ فضائية الروسية، وأن القيادة السورية ترحب بأيّ مساعدة في هذا الشأن.
هذا، وقال صالح مسلم إن الرقة، التي تعدُّ عاصمة «داعش» في سورية، ستحرر قريباً من الإرهابيين. وأضاف أنّ الوضع في المدينة هو بالطبع صعب ومعقد، لكن النجاحات التي تم إحرازها في محاربة الإرهاب ستساعد على تحريرها مشيراً إلى أن تحديد تاريخ تحريرها مرتبط بسير المعارك على الأرض وعوامل أخرى.
وفي هذا الصدد، أوضح ممثل الحزب في روسيا عبد السلام علي للصحيفة أن قادة «داعش» يدركون عدم جدوى مقاومة تقدم التشكيلات الكردية، لذلك بدأوا بالفرار من المدينة. وأضاف أنّ عدداً كبيراً من قادة «داعش» تم إجلاؤهم قبل انطلاق الهجوم على المدينة، وأن الذين بقوا فيها هم في الواقع انتحاريون. لذلك يمكن الافتراض بأن هؤلاء القادة والمسلحين الذين معهم ليسوا من المرغوب بهم في قيادة «داعش»، كما أوضح عبد السلام علي.
يجب القول إنه لن يبقى في سورية لدى «داعش» بعد تحرير الرقة سوى معقله في دير الزور، التي يسيطر على 60 في المئة منها، فيما تسيطر القوات الحكومية السورية على الجزء الآخر من المدينة، التي يشكل العرب غالبية سكانها خلافاً للرقة التي تسكنها مجموعات كردية صغيرة. لذلك، فإن عدم رغبة تشكيلات حزب الاتحاد الديمقراطي بالتقدم نحو جنوب شرق البلاد واضح على الأقل لعدم وجود دعم لها، من جانب، والمقاومة التي ستواجه بها من السكان المحليين، من جانب آخر.
بدوره، أكد مصدر في الدفاع الروسية للصحيفة ألا حاجة إلى تحرير دير الزور، بل يجب كسر الحصار المفروض عليها. مضيفاً أن هناك معسكراً للقوات الحكومية السورية يقاوم الإرهابيين منذ عدة سنوات.
أرغومينتي إي فاكتي
نشرت صحيفة «أرغومينتي إي فاكتي» الروسية نص اللقاء الذي أجرته مع الخبير في السياسة الدولية ياكوف كيدمي حول العلاقات الأميركية الروسية.
جاء في المقابلة: يتحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب دائماً عن ضرورة تحسين العلاقات مع روسيا، ولكن وزارة المالية الأميركية وسعت قائمة العقوبات الأميركية المفروضة على شخصيات وشركات روسية.
الجميع يعترف بأن العلاقات الروسية ـ الأميركية في الحضيض، وواشنطن توسع العقوبات. أي هل تحول الانفراج الذي كان منتظراً بعد انتخاب ترامب إلى صقيع؟
يقول كيدمي: كان تقييم وزير خارجية الولايات المتحدة ريكس تيلرسون قبل فترة لهذه العلاقات صحيحاً، عندما قال إنها الأسوأ خلال السنوات الأخيرة، ويمكن أن تتحسن أو تسوء أكثر. بيد أن توسيع قائمة العقوبات يدل على أن الرئيس ترامب لا يستطيع انتهاج السياسة الخارجية التي يريدها. كما أن وضعه في الداخل ليس أفضل، حتى أنه لم يتمكن حتى الآن من تشكيل فريقه للعمل. فالخارجية الأميركية عملياً لا يمكن التحكم بها، ووزيرها جديد وجهازها قديم وهما يعملان بالتوازي. البنتاغون قائم في حد ذاته، وهكذا. أي في هذه الظروف نلاحظ استمرار السياسة التي انتهجها أوباما.
أما كيف ستتغير العلاقات بين البلدين، هذا ما سيكون واضحاً في ما يجري داخل الولايات المتحدة نفسها. كما أن لقاء بوتين وترامب في قمة العشرين قد يصبح أحد المؤشرات المهمة.
ولكن هل سيحصل هذا اللقاء؟
التحضير للقاء القادة تقوم به مجموعة مساعدين، حيث سيكون عليهم في البداية الاتفاق على جميع القضايا التي ستطرح. وهذه العملية جارية حالياً. لذلك، على واشنطن، لكي يكون الحوار مثمراً، صوغ المتطلبات وتوضيح التنازلات التي تريدها من روسيا، والشيء نفسه مطلوب من موسكو.
فإذا تم اللقاء، فإن الكثير من الأمور ستعتمد على مساره. ولكن إذا اكتُشف خلال التحضير له أن مناقشة القضايا الجدية غير ممكن بسبب اختلاف المواقف، فإن اللقاء يصبح بروتوكولياً فقط، وعندها كل طرف يخرج باستنتاجاته.
ولكن لقاء ترامب وبوروشينكو قد جرى، فهل يعني هذا أن ترامب قد حدد موقفه من المسالة الأوكرانية؟
كان اللقاء مع بوروشينكو شكلياً ولم تناقش فيه مسائل جدية. كما أننا لا نعلم شيئاً عن النتائج الفعلية لهذا اللقاء. ولدي إحساس بأن واشنطن لا تعلم ماذا تفعل مع أوكرانيا. ولذا، تحاول الولايات المتحدة انتهاج السياسة السابقة، إلى حين صياغة سياستها الجديدة.
وإنني أؤكد أن كل شيء سيتضح بعد قمة العشرين، حيث إنه إما أن يتفق الرئيسان أو لا يتفقان. كما أن هناك عاملاً مهماً يرتبط بنتيجة التحقيق بعلاقة ترامب المزعومة بموسكو.
إنهم يفرضون العقوبات بغض النظر عما يجري في أوكرانيا وسورية. وأنا واثق من عدم وجود علاقة بين العقوبات ضد روسيا والواقع في البلدان الأخرى. لأن هدف العقوبات هو إضعاف روسيا اقتصادياً وسياسياً.
كيف ينظرون في الولايات المتحدة إلى روسيا، كعدو أم كمنافس؟
توجد في الولايات المتحدة مجموعات مختلفة، وهذه المجموعات تختلف نظرتها إلى روسيا. منها ما ترى روسيا منافسة ومنها ما تعدها عدواً. كل شيء مرتبط بثبات روسيا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ومدى تقييم هذا الوضع في الولايات المتحدة. وحالياً هناك من يعتقد في واشنطن بضرورة تشديد العقوبات لخنق روسيا اقتصادياً، حيث يريدون التأثير في مسألة توريد الغاز الروسي إلى أوروبا. لأن النظام الاقتصادي المالي الأميركي يريد أن يسيطر على بلدان العالم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويعتقدون أنه ليس بمقدور روسيا مقاومة ذلك.
إنهم يدركون أهمية النفط والغاز للاقتصاد الروسي. لذلك فإن مهمة واشنطن وأوروبا، التي تعمل وفق توجيهات واشنطن، إضعاف روسيا وتقسيمها إلى دويلات صغيرة يسهل السيطرة عليها، كما يحصل مع دول البلطيق وجورجيا وأوكرانيا وغيرها.
برافدا
تناول المحلل السياسي دميتري نيرسيسوف قرار واشنطن إلغاء منصب المبعوث الخاص إلى أفغانستان وباكستان، وفسّر ذلك بسعيها إلى الإبقاء على الفلتان الأمني هناك.
ويؤكد الكاتب في مقاله، الذي نشر في الصحيفة الإلكترونية «برافدا» الروسية، أن ذلك سيؤدي، في ظروف تفاقم الوضع السياسي والأمني وتزايد نشاط الحركات الإرهابية في أفغانستان، إلى تحويل البلاد مرة أخرى إلى بؤرة توتر، تهدد روسيا ودولاً أخرى في المنطقة، لا سيما أن الولايات المتحدة تريد الاستفادة من الوضع القائم للضغط معنوياً وعسكرياً على إيران ودول الجوار الأخرى.
ويوضح الكاتب أن ما يدفع إلى هذا الاستنتاج هو قرار البيت الأبيض مؤخراً، والذي يسمح للبنتاغون بنفسه بتحديد العديد المطلوب للقوات ومن دون إذن من رئيس البلاد. وإن كل هذا، بحسب رؤية المحلل، يكشف عن رغبة الولايات المتحدة في إطلاق يدها بالكامل بهدف القيام بأعمال عسكرية على الأراضي الأفغانية، من دون الالتفات إلى ديناميكية المفاوضات السياسية، التي تدار بمشاركة دول كبرى مثل روسيا والصين.
ويلفت نيرسيسوف الانتباه إلى أن موسكو أشرفت منذ عدة أشهر على المفاوضات بين أطراف النزاع الأفغاني ـ الحكومة في كابول وتنظيم «طالبان». وكان المبدأ الأساس لهذه المفاوضات بحسب نيرسيسوف، الإقرار بواقع أن الحكومة ليست متجانسة، ولا تملك القوة للقضاء على «طالبان»، وأنّ «طالبان» عاجزة عن الاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها، وخاصة أنها مدرجة في قائمة الإرهاب الدولي الأمر الذي يصعِّب أكثر عملية الاعتراف والتطبيع.
وعلى خلفية ما يحدث في البلاد، يشير الكاتب إلى دور «داعش» المتصاعد ومخاطر انتشارها في البلاد، لا سيما أن «داعش» ترى في سلطة كابول و«طالبان» عدوّتين لدودتين لها على حدّ سواء.
وفي ظل هذا الوضع، ترى روسيا، وفقاً للمحلل السياسي دميتري نيرسيسوف، أن من الحكمة العمل على تقريب المواقف بين كابول و«طالبان»، التي هي ليست حركة سياسية ودينية بقدر ما هي حركة قائمة على أساس عرقي، وتمثل مصالح قبائل البشتون.
كما يشير الكاتب إلى دور إيران والصين في البحث عن تسوية سلمية في أفغانستان، حيث توصلت الصين مع كابول وإسلام آباد إلى اتفاق على آلية مشتركة لإدارة الأزمات. وذلك قبل يوم واحد من إغلاق مكتب المبعوث الأميركي الخاص بأفغانستان.
ويؤكد الكاتب أن ما أنجز حتى الآن على صعيد العملية التفاوضية يعدُّ تقدماً كبيراً، ولو شاركت الولايات المتحدة في هذه المفاوضات بشكل بناء لأصبح هذا النجاح أكثر واقعية.
لكن واشنطن فضلت النأي بنفسها عن هذا المسار. ووقفت مراراً ضد الجهود الروسية الرامية إلى مشاركة «طالبان» في العملية التفاوضية، ووصل الأمر إلى حد اتهام الأميركيين موسكو بتسليحها، وهم الذين صنعوا «طالبان».
ويختم دميتري نيرسيسوف مقاله بالقول إن واشنطن بدلاً من ذلك، راهنت على أدوات زعزعة الاستقرار واحتفظت لنفسها بزمام المبادرة لتخريب أيّ عملية سلمية في أفغانستان بموجب رؤيتها، وهذا ما يفسّر إلغاءها مهمة المبعوث الخاص، وإن المستهدف الأساس من الإبقاء على الفلتان الأمني في أفغانستان هو إيران. وإن موقع أفغانستان جغرافياً ملائم جداً كقاعدة عسكرية تعمل ضد بلدان إيران، روسيا وبلدان آسيا الوسطى وضد منطقة شين جيانغ المسلمة في الصين.
نيزافيسيمايا غازيتا
كتب فلاديمير سكوسيريف مقالاً، نشرته صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية عن التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأميركية، يشير فيه إلى فزع أستراليا من التدخل الصيني.
كتب سكوسيريف: أعرب رئيس الحكومة الأسترالية مالكولم تيرنبول عن مخاوفه من تعرض بلاده لنفس ما تعرضت له الولايات المتحدة، التي يقال أنها كانت ضحية للهاكرز الروس في أثناء الحملة الانتخابية. بيد أنه لا يتهم روسيا، بل الصين، حيث يشتري رجال الأعمال المتحدرون من الأصول الصينية ذمم السياسيين المحليين. في حين أن الصين أعلنت أن مبنى سفارتها في العاصمة الأسترالية كانبيرا محشو بأجهزة التنصت.
من جانبها، أوصت اللجنة المشتركة لمشكلات الانتخابات البرلمانية بمنع الشركات والشخصيات الأجنبية من تقديم مساعدات مالية إلى الأحزاب السياسية والمنظمات التابعة لها. وقد جاءت هذه التوصية بعد تصريحات رئيس الحكومة بأن على الشعب الأسترالي أن يكون واثقاً من أن عملية الانتخابات لن تتعرض لتدخل أجنبي. وبحسب وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية، فقد استند في ذلك إلى ما حصل في الانتخابات الأميركية، بحسب الوكالة.
هذا، ولقد أصبح رائجاً اتهام روسيا بكل الخطايا المميتة. بيد أن المشكلة تكمن في أن العلاقات الاقتصادية بين أستراليا والصين محدودة جداً، فكيف يمكن الحديث عن النفوذ السياسي للصين في أستراليا.
تشير صحيفة «غلوب آند ميل» الكندية إلى أن أستراليا كانت في مقدمة الدول، التي ارتبطت بعلاقات اقتصادية مع الصين. فخلال عشر سنوات من بينها عام 2015، احتلت أستراليا المرتبة الثانية في قائمة الاستثمارات الصينية الموظفة في الخارج. كما أن الصين تحتل المرتبة الثالثة في قائمة الدول المستوردة للبضائع الأسترالية.
والآن بدأ الأستراليون يفكرون بثمن العلاقة مع الصين، إذ إنها تسيطر على المواقع الأساسية للبنى التحتية، بما فيها ميناء وحصة كبيرة في الكهرباء، وهي تستثمر في بناء المساكن والقطاع الزراعي. غير أن سبب الضجة الحالية هو ما نشر عن استخدام الصين الأموال للتأثير في الدوائر الحاكمة في البلاد، حيث بينت نتائج التحقيقات الصحافية أن اثنين من مليارديرات الصين والتابعين لهما، تبرعا للأحزاب السياسية الرائدة بـ6.7 ملايين دولار خلال 10 سنوات.
وقد حذرت الأجهزة الأمنية الأحزاب السياسية من عواقب تلقي مساعدات مالية من الأجانب، لأن هدفهم قد يكون نشر نفوذ الحزب الشيوعي الصيني. وهذا التحذير لم يكن له تأثير، حيث في المقابل هدد رجلا الأعمال خوان سيانمو وتشاو تشاكفين بأنهما لن يتبرعا بمبلغ 400 ألف دولار للحزب الليبرالي، ما جعل أحد أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الليبرالي يؤيد سياسة الصين في بحر الصين الجنوبي. وإضافة إلى هذا، بيّنت التحقيقات الصحافية أن بعض الأستراليين عبر صلاتهم ساعدوا الأغنياء الصينيين في الحصول على الجنسية الأسترالية.
يقول عميد كلية الأمن القومي في الجامعة الوطنية، بوري ميدكاف، وهو رجل استخبارات سابق: لقد اتفقت الطبقة السياسية في البلاد تقريباً على أنه على استراليا مقاومة الصين.
ومع ظهور هذه الاتهامات ضد الصين، أعلن سفيرها لدى أستراليا شين جينغ عن هيستيريا تؤجج ضد الصين، وأن ما تنشره الصحف عن التبرعات للأحزاب السياسية لا أساس له من الصحة، وأن الأمر ليس جديداً، وأنه يشبه كما لو أنه تم تسخين الأرز المطبوخ يوم أمس وتقديمه على أنه طازج.
من جانبها، تتهم الأجهزة الأمنية الصينية أجهزة الاستخبارات الأسترالية بمحاولة تجنيد الصينيين المقيمين في الخارج للقيام بأعمال تخريبية داخل الصين.
فورين بوليسي
تحت عنوان «دسائس القصر في قلب أزمة قطر»، كشفت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، الحاكم الفعلي لدولة قطر، مؤكدة أن قصر الحكم في الدوحة يشهد الآن ترتيبات تآمرية ترجح بأنها ستحكم تداعيات الأزمة الراهنة.
واعتبرت المجلة، أن الحاكم الآن هو الأميرك الوالد، حمد بن خليفة آل ثاني، الذي عاد إلى واجهة القرار وهو الذي يتولى الآن إدارة تداعيات الأزمة الراهنة مع الخليج، وليس ابنه تميم.
وأوضحت المجلة، أن تميم يميل إلى الرضوخ والاستجابة للمطالب الخليجية والعربية، لكن حمد متشدد في التعنت، مؤكدة أنه شخص غير محبوب في قبيلته، لأنه لا ينتمي كلياً لقبيلة آل ثاني من ناحية أمه، مشيرة إلى أن الشيخ حمد يكره السعوديين والإماراتيين والبحرينيين ويتهمهم بالقيام بمحاولة انقلاب مضاد ضده بعد أن أطاح بوالده الشيخ خليفة عام 1995.
ونقلت عن دبلوماسي غربي عاش في الدوحة لفترة طويلة قوله إن الشيخ حمد لا يحب الإماراتيين والبحرينيين ويكره السعوديين بشدة، هذا الشيخ لا يزال هو الحاكم الفعلي في قطر على الرغم من تنازله لابنه الشيخ تميم.
ولفت التقرير، الذي عرضه الباحث المتخصص في الشؤون الخليجية سايمون هندرسون، إلى أن قبيلة آل ثاني تعتبر من أصغر القبائل في منطقة الخليج، إذ يصل عدد أفرادها إلى بضعة آلاف فقط، لكنها أشارت إلى أنها تسيطر على ثالث أكبر احتياط من الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا وإيران.
وأضافت المجلة، أن اثنتين من زوجات حمد الثلاث تتنميان لقبيلة آل ثاني، لكن زوجته الأكثر شعبية، موزة، هي من قبيلة «آل مسند»، أي أن وضع تميم داخل قبيلة آل ثاني لا يعتبر قوياً وهو أقل أماناً من وضع والده، مؤكجدة أنه من هذا المنطلق قد تسعى السعودية والإمارات إلى البحث عن بديل أكثر مرونة وواقعية من آل ثاني لحكم قطر.
تلغراف
دعا مسؤول في الحكومة البريطانية رؤساء الشركات إلى الاستعداد لاحتمال انسحاب حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي من محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي هذه السنة.
وذكرت صحيفة «تلغراف» البريطانية، أن مساعداً كبيراً لرئيسة الوزراء البريطانية، لم تذكر اسمه، قال إن هذه الخطوة مصممة للاستهلاك المحلي، لإظهار أن الحكومة تتفاوض بشكل صارم مع الاتحاد الأوروبي.
وقالت الصحيفة إن المسؤول أخطر قادة الشركات بذلك، بعد الانتخابات العامة، الشهر الماضي، وإن هذا الشخص غادر منصبه بعد التعديلات الحكومية الأخيرة.
وكان وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ديفيد ديفيز، قد قال قبل نحو شهرين إن بريطانيا لن تدفع 100 مليار يورو 114 مليار دولار لمغادرة الاتحاد، وذلك عقب تقارير ذكرت أن الاتحاد يستعد للمطالبة بذلك.
ويريد الاتحاد الاتفاق مع بريطانيا حول ما سيتعين على لندن دفعه للاتحاد بعد خروجها، وذلك قبل بدء محادثات في شأن العلاقات التجارية في المستقبل.
وكان زعماء الاتحاد الأوروبي قد عبروا عن خشيتهم من أن ذلك قد يؤدي إلى تأجيل محادثات انسحاب بريطانيا، وإلى زيادة احتمال فشل المفاوضات.
فورين أفيرز
كتبت الصحافية بينيديتا بيرتي، من مجلة «فورين أفيرز» تقريراً لخصت فيه الوضع الإنساني الكارثي لقطاع غزة، وقالت إنَّ أزمة الكهرباء المستمرة تفرض ضغوطاً هائلة على القطاع، وحذرت من أنه إذا لم يجر التعامل مع هذه الأزمة، فقد تنتهي بانهيار سياسي، وكارثة إنسانية كاملة، وجولة أخرى من العنف بين حماس و«إسرائيل».
وقالت إنه مما زاد من حدة الورطة المريرة لغزة واحتمالية نشوب صراع، هذا الخليط الخطير من التنافس الفلسطيني ـ الفلسطيني، والافتقار لاستراتيجية «إسرائيلية» طويلة للتعامل مع حماس، والقصور الدولي، وغياب عملية سياسية. ومما يزيد الأمور سوءاً، أنَّ هذه العوامل ذاتها تغرق القطاع في أعمق أزمة إنسانية شهدها منذ عقود. باختصار، فإنَّ غزة على أعتاب نقطة اللاعودة إنسانياً، وربما سياسياً.
مع دفع الاستراتيجية الحالية غزة إلى نقطة اللاعودة من المنظور الإنساني، فإنَّها تزيد كذلك من استقطاب المشهد السياسي الفلسطيني، وتقلل من فرص المصالحة.
وقالت بيرتي إنَّ حلقات التصعيد بين حماس و«إسرائيل»، خلال السنوات العشر الماضية تتبع نمطاً مشابهاً بشكل ملحوظ. وعلى رغم أنَّ «إسرائيل» قد حاولت مراراً وتكراراً، دون نجاح، إزاحة حركة حماس من السلطة عن طريق عزل غزة، فإنها تستمر في الاعتماد على هذا النظام ذاته من القيود لإبقاء حماس بعيدة عنها.
الافتراض الموجه لهذا السلوك أنَّ حماس، الحريصة على الاستمرار في حكم قطاع غزة، يمكن منعها من بدء العداوة العسكرية من خلال التهديد باستمرار العقوبات الاقتصادية والعمل العسكري. ينطوي هذا المنطق على الاعتقاد بأنَّ من الممكن ممارسة ضغوط كافية على حماس لإبقائها ضعيفة من دون المبالغة في هذا الضغط إلى حد جعلها يائسة، أي إلى درجة ألا يصبح لدى الحركة ما تخسره، ومن ثم تصبح عصية على الردع.
وقالت بيرتي إنَّ هذا الافتراض قد أثبت خطأه مرة تلو الأخرى. إذ يرتفع الضغط على غزة دورياً حتى تلجأ حماس إلى القوة في محاولة لتغيير قواعد اللعبة. ومن ثم، فإنَّ الصراعات العسكرية قصيرة المدى، يعقبها فترات تخفيف مؤقتة من سياسة العزل. بمرور الوقت، ينعكس الاتجاه مؤدياً، في نهاية المطاف، إلى جولات عنف إضافية. هذا النمط نفسه وقع بعد أحدث حرب، تلك التي جرت عام 2014. تخفيف مؤقت للقوانين لدخول وخروج البضائع والأشخاص، تبعه زيادة كبيرة في الضغوط السياسية والاقتصادية على غزة، ليزيد في النهاية من فرص جولة أخرى من الحرب.
من الممكن ممارسة ضغوط كافية على حماس لإبقائها ضعيفة من دون المبالغة في هذا الضغط إلى حد جعلها يائسة، أي إلى درجة ألا يصبح لدى الحركة ما تخسره، ومن ثم تصبح عصية على الردع.
وقالت بيرتي إنَّ «إسرائيل» قد تصرفت، في مرحلة ما بعد معركة «عمود السحاب»، طبقاً لمنطقين متعارضين. فمن ناحية، تبنّت «إسرائيل» المفهوم القائل بأنَّ الضغط الكثير على غزة قد يكون ذا نتائج عكسية. واعترفت بأنَّ إعادة البناء من الممكن أن تؤدي دوراً محورياً في توفير قدر من الاستقرار. ومن ناحية أخرى، فإنَّ أفعال «إسرائيل» لم تكن متسقة مع هذه السياسة من الناحية العملية. إذ وضعت «إسرائيل» قيوداً متزايدة على حرية حركة الناس والبضائع منذ أواخر عام 2016.
وعلى رغم أنَّ هذا النمط من القيود المتزايدة مألوف، فإنَّ قدر الضغط الموضوع على غزة في الشهور القليلة الماضية غير مسبوق، بما يدفع القطاع إلى نقطة اللاعودة. فإضافة إلى السياسة «الإسرائيلية»، وعلاقة مصر المعقدة بحماس، فإنَّ السلطة الفلسطينية في رام الله تطبق، بعدوانية، سياسات ترمي إلى إضعاف حماس. تشمل هذه السياسات، من بين أشياء كثيرة، تخفيض رواتب موظفي الخدمة المدنية المدرجين في كشوف رواتب السلطة في غزة، وإعلان خطة للتقاعد المبكر لعدد كبير من أفراد الأمن في غزة، الذين تدفع السلطة رواتبهم، وتقليل شحنة الأدوية والمعدات الطبية الواردة إلى غزة.
ينبغي على «إسرائيل» الرجوع عن القطع الأخير في الكهرباء المفروض على القطاع، لو أرادت إيقاف كارثة إنسانية، ومنع حرب جديدة في الصيف بينها وبين حماس.
ولكن أكثر التطورات إثارة للقلق، بحسب بيرتي، أنّ حصول غزة على الكهرباء قد أصبح هو الآخر سلاحاً سياسياً في الصراع المستمر بين حماس والسلطة الفلسطينية. وحتى قبل وصول الأزمة الأخيرة في الكهرباء إلى ذروتها في منتصف حزيران، لم يكن باستطاعة القطاع تلبية أكثر من نصف احتياجاته من الطاقة، معظمها من خلال شحنات قادمة من «إسرائيل». ومع ذلك، فقد ساءت الأمور بسرعة في الشهور القليلة الماضية. إذ توقفت محطة توليد الكهرباء الأساسية في غزة خلال نيسان لعدم تمكن المحطة من شراء مدخلات الوقود، الذي تضخم سعره بسبب الضرائب المفروضة من السلطة الفلسطينية.
تصاعدت الأمور مع إعلان السلطة الفلسطينية أنها لا تنوي الاستمرار في دفع فاتورة الكهرباء كاملة لغزة، وهو التطور الذي تبعه قرار «إسرائيل» بتطبيق طلبات السلطة الفلسطينية بتخفيض 40 في المئة من إمدادات غزة من الكهرباء. أُجلت الكارثة، لأمد محدود، بعد قرار مصر، في اللحظة الأخيرة، بإمداد محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع بالكهرباء. ومع ذلك، فما لم ينته هذا التخفيض، فإنَّ إمدادات غزة من الكهرباء معرضة لخطر الوصول لمستويات أقل بكثير من المعدل الحالي المتاح حالياً، الضئيل بالفعل، والبالغ قدره من 4 إلى 6 ساعات يومياً.
وقالت بيرتي إنَّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أعلنت بالفعل أنَّ نقص الكهرباء يعرض للخطر «خدمات أساسية تشمل الرعاية الصحية، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وإمدادات المياه». يعني هذا، بشكل ملموس، تفاقم الحالة المتردية بالفعل للموقف الصحي في غزة، ويعيق هذا النقص في الكهرباء بشدة مرافق المياه والصرف الصحي التي تعاني بالفعل من ضغوط شديدة، ما ينتج عنه محدودية الوصول للمياه النظيفة، ومشكلات محتملة في الصرف الصحي، بما في ذلك الأمراض المنقولة عن طريق الماء.
إنَّ معالجة الوضع الإنساني المتردي في غزة يتطلب، على المدى الطويل، توقف كل الأطراف، بما في ذلك حماس وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، عن تسييس البضائع والخدمات العامة الأساسية مثل المياه والكهرباء.
وبعيداً عن تدهور الوضع الإنساني في غزة، فإنَّ نقص الطاقة يقلل من حظوظها المستقبلية، وربما يؤدي إلى ضرر بيئي دائم وشامل من شأنه أن يجعلها غير قابلة للسكنى في المستقبل القريب. فعلى سبيل المثال، تتعرض سواحل المنطقة للتلوث بشكل متزايد، وتتعرض مياهها للخطر بسبب المياه المعالجة جزئياً، وغير المعالجة التي تصب في البحر.
وقالت بيرتي إنه مع دفع الاستراتيجية الحالية غزة إلى نقطة اللاعودة من المنظور الإنساني، فإنَّها تزيد كذلك من استقطاب المشهد السياسي الفلسطيني، وتقلل من فرص المصالحة. وعلاوة على ذلك، وعلى رغم أنَّ حماس قد تحاول حل أزمة الكهرباء مع مصر، فإنَّ فرص المواجهة العنيفة بين حماس و«إسرائيل» سوف تتزايد حتماً ما لم تتراجع الضغوط.
وقالت بيرتي إنه ينبغي لـ«إسرائيل» الرجوع عن قرار قطع الكهرباء الأخير عن القطاع لو أرادت إيقاف كارثة إنسانية، ومنع حرب جديدة في الصيف بينها وبين حماس. إنَّ تنفيذ طلب السلطة الفلسطينية بمنع إمدادات الكهرباء ليس مجرد إشكالية كبيرة فحسب من وجهة نظر القانون الدولي، وإنما تعارض مصالح «إسرائيل» أيضاً.