خلافاً للنهج الأميركي.. الاتحاد الأوروبي يُنجز تقاربه «التاريخي» مع كوبا
صدّق البرلمان الأوروبي أمس، بدء تطبيق أول اتفاق «للحوار السياسي والتعاون» بين الاتحاد الأوروبي وكوبا في وقت تعيد الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب النظر ببدء تقاربها مع الجزيرة الشيوعية.
وبعد أن بدأت المفاوضات حول هذا الاتفاق منذ عام 2014، وقّعه الجانبان بالأحرف الاولى في كانون الأول الماضي، إلا أن موافقة النواب الأوروبيين كانت ضرورية لدخول الاتفاق الإطار حيّز التنفيذ.
وحصل الاتفاق على غالبية الأصوات 567 صوتاً مؤيداً و65 معارضاً و31 امتناعاً عن التصويت خلال جلسة التصويت بحضور كامل الأعضاء في ستراسبورغ.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني خلال النقاش الذي سبق تصويت البرلمان، «لدينا شعور واضح وصريح بأننا طوينا صفحة تاريخية».
ووسط توترات بشأن مسألة حقوق الإنسان في جزيرة كاسترو، كانت كوبا الدولة الوحيدة في أميركا اللاتينية التي ليس لديها اتفاق تعاون دولي مع الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن معظم البلدان الأوروبية قد أقامت علاقات ثنائية.
وأشارت النائبة الإسبانية الإشتراكية في البرلمان الأوروبي إيلينا فالنسيانو المكلّفة متابعة الملف إلى أن «كوبا لم تعد استثناء. وهذا خبر سار، وستضاف إلى لائحة دول الكاريبي وأميركا اللاتينية التي سيتعاون معها الاتحاد الأوروبي».
بدأ تطبيع العلاقات مع كوبا التي كان الاتحاد الاوروبي أحد أبرز شركائها التجاريين في سياق التقارب مع هافانا الذي قرره الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. وقد وضع هذا الأخير حداً في تموز/يوليو 2016 لـ 60 عاماً من انقطاع العلاقات بين البلدين، قبل القيام بزيارة تاريخية الى كوبا عام 2016.
لكن خلفه الجمهوري دونالد ترامب قرر إعادة النظر في الفترة الأخيرة ببعض نقاط هذا التقارب. منتقداً «النظام الوحشي» في هافانا، قال إنه يريد العودة عن سلسلة إجراءات لتخفيف الحصار الأميركي ممنوحة من سلفه.
وأكدت موغيريني أن «الاتحاد الأوروبي لا يغير سياسته» وأن الأوروبيين ظلوا متمسكين بطي صفحة العلاقات السيئة مع كوبا نهائياً.
هذا الاتفاق السياسي – التجاري سيحلّ محل «موقف مشترك» لدول الاتحاد الأوروبي يعود إلى العام 1996 وحدّد شروطاً مسبقة للتطبيع، خصوصاً في ما يخص حقوق الإنسان. وقد ألغت دول الاتحاد الأوروبي الـ28 هذا النص في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعد 10 أيام على وفاة فيدل كاسترو.
ولفتت موغيريني في كلمة أمام البرلمان الأوروبي إلى أن «هناك قسماً أساسياً في الاتفاق متعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان».
وقالت إنّ «المجتمع المدني الكوبي يدعم هذا الاتفاق»، رغم طلب المنشق الكوبي غييرمو فاريناس من أعضاء البرلمان الأوروبي في تشرين الأول الماضي، معارضة هذا الاتفاق الذي يشرّع بالنسبة إليه، النظام الاشتراكي.
وينصّ الاتفاق مع كوبا على «إمكانية تعليقه في حال انتهاك حقوق الإنسان»، إلا أنّ المسألة أثارت غضب البرلمان، خصوصاً في صفوف النواب الأوروبيين، المحافظين والليبراليين، الذين أرادوا استخدام لهجة أكثر حزماً مع النظام الكوبي.
وبموازاة تصويتهم الإيجابي، تبنّى النواب الأوروبيون قراراً يدعون فيه الطرفين إلى «تقديم ضمانات تسهّل عمل المدافعين عن حقوق الإنسان ومشاركة ناشطي المجتمع المدني الفعالة والمعارضة السياسية من دون استثناء في هذه العملية».
وتحث الوثيقة الحكومة الكوبية على «تصويب سياستها في ما يخص حقوق الإنسان لتصبح مطابقة مع المعايير الدولية» مطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين.
وسمحت موافقة البرلمان الأوروبي أمس، بتطبيق موقت للاتفاق، ولكن تصديق جميع الدول الأعضاء في الاتحاد ضرورية من أجل تطبيق كامل ونهائي.
يُذكر أنّ الاتفاق السياسي التجاري يحتوي على ثلاثة فصول كبرى مخصصة للحوار السياسي والتعاون والتبادل التجاري، وهي بمثابة إطار قضائي للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وكوبا.