استنسابيّة الاختيار والتوقيت والمناخ الحار وراء الغياب الجماهيري عن مباراة «عنتر»

إبراهيم وزنه

الصورة لم تكن جميلة في يوم اعتزال اللاعب رضا عنتر التي أُقيمت على ملعب صيدا البلدي عصر الثلاثاء الماضي، ففي وداع القائد السابق لمنتخب لبنان وصاحب التاريخ الاحترافي الكبير في الخارج، حضر الأوفياء من معارفه وصحبه وبعض من نجوم اللعبة الشعبيّة في لبنان ليشاركونه في مباراته الأخيرة، وزاد في الحدث الكرويّ رونقاً وأهمّية مشاركة «ثلاثي» برشلونة الحالي بيكيه وبوسكيتس وألبا في العرس الوداعي، «البانويات» ملأت الطرقات قبل شهر، وشاشة الـ «LBC» ذكّرتنا مراراً عبر «فلاشاتها» اليوميّة بالموعد والمضمون، الشركة المنظّمة طرقت جميع الأبواب الإعلانية والرعائية والسياسية متجاوزة عقبة صغر سنّها في هذا المجال، الرئيس الحريري رحّب بعنتر واللاعبين الضيوف على طريقته الخاصة وصار بينهم «خبز وملح». وبصراحة، أجواء ما قبل انطلاق المباراة جعلت من المنظّمين يمعنون في تقدير نجاحها على كافّة المستويات، وربما انسحبت نفس المشاعر عند المعنيّين والمعلنين والمشاركين وأصدقاء عنتر وأقاربه.

لكن، ومع اقتراب صافرة الاعتزال دقّت ساعة الحقيقة، فغابت الجماهير بشكل لافت. مضت نصف ساعة على الموعد المحدّد ولم يتجاوز عدد الحاضرين الألف، في تلك اللحظة تحامل الجميع على جرح الغياب، وتعدّدت الآراء في وصف المشهد المخيّب وغير المتوقّع، البعض لفتَ إلى أنّ في الأمر رسالة شديدة اللهجة من بعض جماهير اللعبة الشعبيّة وخصوصاً النجماوية منها، خصوصاً وأنّ حملات دعت إلى مقاطعة المباراة كانت قد انطلقت قبل موعدها، وإلى جانب هذه الحملات تضافرت جملة من المعطيات السلبيّة سقطت من حسابات المنظّمين، أبرزها غياب معايير الاختيار واللجوء إلى الاستنساب ومراعاة الخواطر، فمن يصدّق أنّ يوسف محمد توأم رضا عنتر الكرويّ يغيب عن المباراة! حتى جاء الحصاد غياباً مؤلماً ومشهداً ناقصاً، لماذا؟ لأنّ التوقيت غير مناسب تماماً، فلا اليوم الثلاثاء ولا الساعة 17.30 تبشّران بالنجاج، ناهيكم عن غياب المحتفى به عن الساحة المحلّية الكرويّة منذ سنوات طويلة، حتى أنّ عودته إلى صفوف فريقه الأول التضامن صور في الموسم الماضي لم تشفع له، علماً بأنّ عملية اختيار اللاعبين للمباراة الوداعيّة انعكست مواقف ثأريّة من قِبل لاعبين آخرين ومناصرين لهم، وهذا ما شوّه في شخصيّة المعتزل وفي عمل المنظّمين.

وماذا بعد؟ شمس ساطعة وحرارة لاهبة وعجقة سير دائمة على خط الجنوب ومدرّجات غير مسقوفة، وعشرة الآف ليرة مرفقة بمصاريف إضافيّة، بعد شهر رمضان وعطلة الأعياد سترهق جيوب الطبقة المتوسّطة، فكيف بالفقراء؟ تلك المعطيات وغيرها، لم تشجّع على الجمهور على الحضور، خصوصاً وأنّ محطة الـ»أل بي سي» ستنقل الوقائع مباشرة، وللأسف لم يتعامل المنظّمون مع قضية التفاعل الإعلامي والتواصل «الفايسبوكي» بخبرة، لا بل إنّ تجاهلهم لتلك الأمور أسهم في حصول «النكسة» وتصاعد نبرة المواقف المعادية لفكرة إنجاح المباراة.

بعد هدوء العاصفة وموجة الحرّ اللاهبة وترجّل «عنتر» عن فرس اللعبة، ما عسانا إلّا أن ندعو بالتوفيق لفارسنا الكرويّ في مسيرته التدريبيّة، على أمل أن تدرس كافّة المعطيات المحيطة بتنظيم مثل هكذا احتفالات في المستقبل، فعندما تكون الأرض قاحلة والأجواء صفراء مكفهرّة لا يمكنك أن تزرع وتقطف … ولو نبتة صغيرة. إنّه درس للمستقبل يستحقّ القراءة بتمعّن، وكلمتي الأخيرة في هذا السياق لجميع المعنيّين بالكرة اللبنانية وخصوصاً الجماهير، اعلموا بأنّ حضوركم ومواكبتكم سيشجّعان على حضور نجوم آخرين إلى بلادنا، على أمل أن ننتبه جميعاً للمقبل من الأحداث، فالتعاون مطلوب لنمضي قُدُماً في طريق التطوّر والارتقاء والنجاح.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى