ترامب يؤكد دعمه الأطلسي محذّراً من خطر محدق بالعالم الغربي
وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد ظهر أمس إلى هامبورغ بألمانيا للمشاركة في قمة مجموعة العشرين التي تعقد في أجواء من التوتر. ومن المقرّر أن يجتمع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم على هامش القمة.
وتُعقد قمة مجموعة العشرين اليوم وغداً وسط أجواء متوترة بسبب العديد من الأزمات الدبلوماسية والخلافات العميقة بين واشنطن وأعضاء في المجموعة وبسبب تظاهرات ضخمة متوقعة وربما عنيفة في المدينة التي تخضع لإجراءات أمنية مشدّدة.
وكثيرة هي القضايا الساخنة التي ستُطرح خلال القمة وبينها بالخصوص ملفا كوريا الشمالية وسوريا والتوتر في منطقة الخليج.
كما يُتوقع أن يكون الانقسام واضحاً في المجموعة بشأن قضيتين أساسيتين، وهما «مكافحة التغيّر المناخي بعد قرار واشنطن الانسحاب من اتفاق باريس وملف التبادل الحر الذي تريد إدارة ترامب ضبطه للحفاظ على الوظائف الأميركية».
ومن المتوقّع أن يُصدر قادة الدول والحكومات في دول مجموعة العشرين بعد ظهر الغد بياناً مشتركاً عن المسائل التي سيتفقون بشأنها.
في سياق آخر، تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس، دعم حلف شمال الأطلسي في مستهلّ جولة في أوروبا، حيث حذّر من أنّ مستقبل العالم الغربي معرّض للخطر.
وقبل توجّهه إلى ألمانيا، عشية قمة قد تكون صعبة لمجموعة العشرين بسبب المواقف المشكّكة في ترامب من حلفاء بلاده التقليديين، اغتنم الرئيس الأميركي خطابه في وارسو للتحذير من أنّ «غياب العزم الجماعي يمكن أن يؤدي إلى نهاية تحالف تخطى الحرب الباردة».
واعتبر أنّ «مستقبل الغرب مهدّد إذا لم تتحلّ شعوبه ودوله بالعزيمة قائلاً إنّ «الدفاع عن الغرب لا يعتمد على الوسائل فحسب، بل على إرادة شعوبه للانتصار».
وقال: «إنّ خبرة بولندا تذكّرنا بأنّ الدفاع عن الغرب يستند في نهاية المطاف ليس فقط على الإمكانات، وإنما أيضاً على عزيمة شعبه».
وأضاف الرئيس الأميركي أنّ «المسألة الأساسية في عصرنا تكمن في معرفة ما إذا كانت لدى الغرب الرغبة في البقاء».
وسعياً منه إلى تبديد مخاوف الحلفاء حيال التزام الولايات المتحدة بحلف شمال الأطلسي، أكد ترامب تأييده ميثاق الدفاع المتبادل بين جميع الدول الأعضاء في الحلف.
وأوضح في هذا السياق، «أنّ بلاده أظهرت ليس فقط بالكلمات، إنما بالأفعال أنها تقف بقوة وراء المادة الخامسة»، إلا أنه دعا إلى «مزيد من الإنفاق الدفاعي على الجبهة الشرقية للأطلسي».
وتابع أنّ «الروابط الأطلسية بين الولايات المتحدة وأوروبا قوية، مثلما كانت سابقاً، وربما ما تزال أكثر قوة في نواح كثيرة».
ويرغب البيت الأبيض في استخدام خطاب ترامب في وارسو، بما يتضمّنه من ترداد لأصداء الخطابات التاريخية للرئيسين رونالد ريغان وجون كينيدي في الخارج، بهدف إبرازه كرجل دولة عالمي، والتصدّي لمقولة «إنه يريد جعل الولايات المتحدة دولة منبوذة».
وأشار ترامب، في ساحة كراسينسكي حيث اندلعت انتفاضة وارسو ضدّ الاحتلال النازي، إلى «بولندا كمثال على العزم في الدفاع عن التقاليد الغربية». وقال: «إنّ شعب بولندا والشعب الأميركي وشعوب أوروبا ما تزال متمسكة بإيمانها بالله».
وأضاف أنّ «مواطنينا لم ينالوا الحرية معاً، ولم ينجوا من الفظائع معاً، ولم يواجهوا الشر معاً لكي نفقد حريتنا، بسبب انعدام الفخر والثقة في منظومة قيمنا».
وشارك في التجمّع أمام الساحة نحو عشرة آلاف شخص وصل الكثيرون منهم مجاناً بواسطة حافلات وضعها الحزب الحاكم المحافظ في بولندا بتصرفهم حرصاً منه على أن ينال ترامب الترحيب الذي يتوخّاه.
لكن من المرجّح أن يواجه ترامب استقبالاً بارداً في مكان آخر.
ويعتبر ترامب نفسه زعيماً صاحب رؤية، إلا أنه أثار شكوك العديد من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وخارجها، رغم دعوته إلى قرن من القيادة العالمية الأميركية.
وقال ديمتري ترينين مدير مركز كارنيغي موسكو «إنّ قرارات ترامب الانسحاب من الشراكة عبر المحيط الهادئ واتفاقية المناخ في باريس وجّهت ضربة للتوافق العالمي».
ويقول مسؤولون أوروبيون في العلن «إنّ الشراكة عبر ضفتي الأطلسي المستمرة منذ عقود لا يمكن كسرها»، لكنهم يتساءلون في الخفاء «عما إذا كان بإمكانها البقاء مدة أربع أو ثماني سنوات مع رئيس أميركي متهوّر ومتقلّب».
وسيواجه ترامب في مدينة هامبورغ مسائل شائكة بدءاً من الخلاف عبر الأطلسي حول الدفاع وتغير المناخ إلى علاقات تزداد صعوبة مع الصين.
وسيتم التركيز اليوم على اللقاء بين ترامب وبوتين – بين أمور أخرى – نظراً لأهميته بالنسبة للسياسة الداخلية الأميركية.
وأكد أنّ الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها للتصدّي «لأعمال روسيا المزعزعة للاستقرار».
وأقرّ الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي أيضاً بإنّ روسيا ربما تدخّلت في انتخابات الرئاسة 2016 التي أوصلته إلى السلطة، إلا أنه قال «إنّ دولاً أخرى ربما تدخلت أيضاً».
وتابع «لقد قلتُ ببساطة شديدة. أعتقد أنّ روسيا ربما تكون تدخّلت. وأعتقد أنّ دولاً أخرى ربما تدخّلت. لا أستطيع التحديد. ولكنني أعتقد أنّ الكثير من الناس تدخّلوا».
وقال «في الحقيقة لا أحد يعلم. ولا أحد يعرف بالتأكيد»، في تصريحات تناقض ما قالته أجهزة الاستخبارات الأميركية التي تشتبه في أنّ الرئيس الروسي نظّم حملة واسعة لترجيح كفة الانتخابات لصالح ترامب».
اكتفى ترامب حتى الآن بالتنديد بـ«أخبار زائفة» من دون التمكن من وضع حد للتكهنات حول تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية عبر قراصنة معلوماتيين أضعفوا فرص منافسته هيلاري كلينتون».
وتخيّم على جولته التي تستغرق أربعة أيام التجربة التي أجرتها كوريا الشمالية على صاروخ عابر للقارات يمكن تزويده برأس نووية قادر على الوصول إلى ألاسكا.
وانتقد ترامب أمس تصرفات كوريا الشمالية ودعا المجتمع الدولي إلى ضمان أن تلقى بيونغ يانغ «عواقب» عدوانيتها، محذراً من أنه يدرس اتخاذ رد «شديد».