قمة ترامب وبوتين: محاولة صفقة تاريخية أم ربط نزاع أم قواعد اشتباك؟ عودة النازحين مؤجَّلة بقرار أميركي كخزان انتخابي لما بعد التسوية… ولبنان رهينة
كتب المحرّر السياسي
يلتقي الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين للمرة الأولى في هامبورغ اليوم، عشية انعقاد قمة العشرين، ولن يحضر اللقاء معهما إلا وزيرا الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون والروسي سيرغي لافروف، ما يضفي على اللقاء الذي لعب وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر دوراً في ترتيبه بلقاءات جمعته بالرئيسين ترامب وبوتين قدّم لهما خلالها المشورة لما يمكن التفاهم حوله، وما يمكن ربط النزاع عليه، وما يمكن وضع قواعد اشتباك حوله. والقمة ستكون اختباراً لأيّ من الفرضيات التي ستطبع اللقاء بين الرئيسين. فالصفقة التاريخية ليست نيات رومانسية تحت شعار الأمن والسلم الدوليين، كما تحدّث الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف عن خفض السلاح النووي، بقدر ما هي استجابة للأولوية التي يرغب كلّ من الفريقين تحقيقها مقابل تجنّب المحاذير الأهمّ التي لا يرغب كلّ من الفريقين من الآخر الوقوع فيها، وهنا تحضر الأولويات المتعاكسة في سوق الغاز، وانتشار القوات العسكرية، ومحورها أوروبا، والقدرة على تنظيمها بتقاسم سوقين أوروبيّين، تقليدياً كانا روسياً وأميركياً في السياسة بين أوروبا الشرقية والغربية، وفي المقابل الأولويات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، والتي يتقدّمها عند روسيا تكريس وحدة الدولة السورية في ظلّ الرئيس بشار الأسد، مع ضمان حلّ سياسي يتّسع للمعارضة. وهذا يستدعي التخلي الأميركي عن الأوهام التي منحوها للأكراد بدويلة شمال سورية، وعن القواعد العسكرية التي يقومون ببنائها هناك، مقابل الأولوية الأميركية التي ترتبط بأمن «إسرائيل» ووجود حزب الله وحلفائه جنوب سورية. والسؤال عن فرصة التوصل لحلّ في منتصف الطريق عنوانه العودة لاتفاق فك الاشتباك الموقع عام 1974 والذي رعاه كيسنجر نفسه على حدود الجولان المحتلّ وبقي معمولاً به حتى انتهكته «إسرائيل» بدخولها على خط دعم الجماعات المسلحة أما في الشرق الأقصى فالأولوية الأميركية كورية، حيث يمكن للمبادرة الروسية الصينية رسم مسار لحلّ الأزمة الكورية تنتهي بسلة حوافز أمنية واقتصادية لكوريا مقابل نزع السلاح النووي، لكن شرط نزع الخطر الاستفزازي لأمن الصين من قبل واشنطن وحلفائها.
لا تبدو بنظر الخبراء فرص الصفقة التاريخية ناضجة، لاعتبارات تتصل بشخصية الرئيس ترامب وضعف مكانته الأميركية الداخلية، خصوصاً في ملف العلاقات بروسيا، لكن فرص ربط النزاع في ملفات ووضع قواعد اشتباك في ملفات أخرى يبدو ممكناً من خلال قراءة المواقف التي استبق بها وزير الخارجية الأميركي انعقاد القمة، فتنال واشنطن جائزة معنوية بالإعلان عن التعاون لمنع أيّ استخدام للسلاح الكيميائي، مقابل إعلان التمسك بحلّ سياسي يتّسع للجميع من دون شروط مسبقة يحفظ وحدة سورية وبقاء مؤسساتها، وفقاً لما يقوله كيسنجر في نصائحه لترامب بعدم الاستثمار على الفوضى في سورية، لأنّ العواقب ستكون وخيمة، وربط الحرب على داعش بالتّيقن من عدم وراثتها من جماعات مدعومة من إيران يشكل فشلاً أميركياً وتدعيماً لمخاطر بقاء داعش، بينما الاستثمار ليكون البديل قيام الدولة السورية واستردادها كامل الجغرافيا السورية والتعامل معها كدولة مسؤولة عن حفظ الأمن والحدود، كما يقول الرئيس بوتين، وهذا يُضعف الشهية التركية و«الإسرائيلية» على اللعب بالجغرافيا السورية، لكنه يخفّف هواجسَهما الأمنية من مرحلة ما بعد داعش.
كلمة السرّ ستكون قطر والحلّ السلمي التفاوضي لأزمتها، لأنها تقع في قلب سوق الغاز وحروبه، وتحييدها يعني قبولاً أميركياً بعدم خوض حرب أسعار منهكة للفريقين، ومثلها تخفيض التوتر في بحر الصين ووقف التجارب النووية الكورية، والتعهّد بالعمل لحلّ سياسي يحفظ وحدة سورية ويمنع تجذّر الإرهاب في جغرافيتها.
لجان التنسيق العسكرية والسياسية وافقتصادية ستكون تعبيراً عن وضع قواعد اشتباك وليس عن بلوغ التفاهمات، التي ستترتّب على نضوجها سلسلة لقاءات مكوكية بين تيلرسون ولافروف وخبراء يكتبون تفاهماً مفصلاً لكلّ ملف، توضع معه روزنامة موازية لإلغاء العقوبات الأميركية على روسيا.
الفشل والذهاب لمواجهة مفتوحة يبدو مستبعداً برأي الخبراء وإلا كان الخيار المشترك لفريقي الرئيسين الاكتفاء بالمصافحة والتشارك في جلسات وحوارات ومجاملات وبروتوكول «قمة العشرين».
لبنانياً، حيث ملف النازحين السوري قنبلة موقوتة سياسياً بانقسام حادّ بين الفريقين المتقابلين في الحكومة حول التواصل مع الحكومة السورية للتنسيق في آليات العودة، وأمنياً حيث الفقر والفوضى بيئة صالحة للإرهاب، واقتصادياً حيث طاقة لبنان الخدمية وقدرة أسواقه وقطاعاته على استيعاب العمالة السورية وتأمين حاجات النازحين الأساسية باتت تهدّد بالانفجار، يبدو أنّ الملف خارج إطار الحلّ في ظلّ قرار أميركي سعودي، بالاحتفاظ بكتلة النازحين التي تزيد عن خمسة ملايين سوري خارج سورية كرصيد لا يُفرج عن عودته إلى سورية قبل التسوية السياسية، لاستخدامهم في العمليات الانتخابية التي ستنتج عن أيّ تسوية، بينما ستجعل العودة من العائدين رصيداً لدولتهمز وهذا يُفسّر برأي مصادر دبلوماسية مطلعة الأدوار التي تلتقي على أدائها كلّ الوفود الدولية التي زارت لبنان تحت عنوان النزوح والتي تركزت نصائحها على استيعاب النازحين لمدة طويلة، كما يفسّر تخلي المنظمات الأممية عن أيّ جهد جدّي لطرح مبادرات لعودة النازحين من المناطق التي انتهت فيها الحرب، واستعداد الدولة السورية لإجراءات وتسهيلات تطال كلّ الذين تعوق عودتهم مشاكل قانونية وسياسية، خصوصاً أنّ للعودة أكلافاً مالية هائلة تحتاج مساهمات تقودها المنظمات الدولية التي تربط علناً قيامها بأيّ مسعى على هذا الصعيد بنهاية الحرب وإنجاز الحلّ السياسي وبالتالي يُفهم وفقاً لهذه المصادر الرفض السياسي لبعض الأطراف اللبنانية للتواصل مع الحكومة السورية، كترجمة لبقاء لبنان رهينة لملف النازحين، وفقاً لهذا القرار الأميركي السعودي، بما لا تفسّره شعارات صارت من الماضي عن شرعية الدولة السورية أو عن رفض التعاطي مع هذه الحكومة بخلفية مواقف عدائية تورّطت بالحرب عليها. وتختم المصادر، لو قبلت المقاومة في نهاية حرب تموز الصيغة التي تفاهم عليها رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة مع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة غونداليسا رايس على ربط عودة النازحين من جنوب لبنان بتطبيق القرار 1701، لكان الجنوب لا يزال فارغاً من أهله، فالسياسات الأميركية لها خبرات مع هذا النوع من الحروب وكيفية استغلال وتوظيف الملفات الإنسانية، وتحويلها قنابل موقوتة قابلة للتوظيف في أكثر من اتجاه.
سورية: التفاوض المباشر هو الحل
لا تزال أزمة النزوح السوري والهاجس الأمني، يتصدّران المشهد المحلي مع تصاعد الخلاف السياسي الذي طفا على طاولة مجلس الوزراء حيال مقاربة ملف النازحين.
وفي ظل الحديث عن تكليف رئيس الجمهورية المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم التنسيق مع الحكومة السورية لمعالجة أزمة النزوح، رفضت الدولة السورية على لسان سفيرها في لبنان علي عبد الكريم علي، التفاوض عبر ممثل رئاسي غير رسمي، بل طالبت بتفاوضٍ مباشر بين الحكومتين. وأشار السفير السوري في تصريح أمس الى أن «هناك مسؤولية تفرضها أعداد السوريين في لبنان وتفرضها مصلحة لبنان قبل سورية بالتواصل بين الحكومتين السورية واللبنانية لمعالجة ملف النازحين»، مشيراً الى «أننا نتعاون مع رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، وهناك تنسيق بين الجيشين والأجهزة الأمنية ويجب أن تفعل أكثر من ذلك».
..والأزمة مستمرّة وتتفاقم…
وأوضحت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن «الرئيس عون لم يكلّف اللواء إبراهيم بشكلٍ رسمي للتواصل مع الحكومة السورية بملف النازحين، كما أشيع، بل أن إبراهيم يتحرك بشكلٍ دائم على خط بيروت دمشق، بناءً على تكليف مسبق من رئيس الجمهورية التنسيق في ملفات ترتبط بالعلاقات اللبنانية السورية، لكن لا يمكن معالجة ملفات ضخمة كملف النازحين من دون قرار واضح ورسمي من الحكومة».
ولفتت المصادر إلى أنه «لا يمكن للحكومة أن تتعاطى بمواربة مع سورية في هذا الملف بالذات، بل يجب أن تقاربه بروح المصلحة الوطنية بعيداً عن الحسابات السياسية الداخلية والالتزامات والاعتبارات الخارجية»، وأشارت الى أن «تكليف اللواء إبراهيم التنسيق في الملفات المشتركة بين البلدين يشكل أرضية صالحة لأي تكليف بموضوع النازحين، وبالتالي كلام السفير السوري يتكامل مع حركة إبراهيم لمصلحة الحكومتين، وإن كانت مصلحة لبنان تتقدم على مصلحة سورية في هذا الملف».
وعن موقف فريق المستقبل الوزاري والرئيس سعد الحريري كرئيس للسلطة التنفيذية المعارض للتواصل الرسمي مع سورية، توقعت المصادر استمرار أزمة النازحين وتفاقمها إذا استمرت مقاربة الملف بهذا المنطق، وبالتالي لم نصل حتى الآن الى مرحلة توضع فيها الأمور على سكة الحل الأمر الذي يعرّض الاستقرار الحكومي إلى الخطر».
وتتحدّث المصادر عن اتفاق حصل بين الأطراف السياسية منذ تشكيل الحكومة على وضع الملفات الخلافية خارج طاولة مجلس الوزراء وعدم اتخاذ أي قرار بشأنها يهدّد وحدة الحكومة، لكن المصادر شددت على أن «المصلحة الوطنية تقتضي أحياناً وتفرض تجاوز تفاهمات معينة نتيجة تغير وقائع على الأرض والشروع بإقامة نوع من التنسيق مع سورية لحل معضلة النزوح».
وعن موقف رئيس الجمهورية وفريق التيار الوطني الحر و8 آذار أوضحت أن «هذه الأطراف لا تريد تفجير الحكومة وتعمل للحفاظ على التجانس الحكومي وأولية استقرار الحكومة ومعالجة الملفات في إطار التفاهمات المرعية الإجراء التي تعبر عنها حركة اللواء إبراهيم».
وأكد رئيس الحكومة سعد الحريري أننا «لن ندفع بالنازحين الى مصير مجهول. ولكن في الوقت ذاته، لن نتهاون مع أي محاولة لجعل أماكن النزوح بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف. والأشقاء النازحون هم شركاء معنا بمكافحة الإرهاب وكشف أوكار التنظيمات التي تستهدفهم وتستهدف لبنان». ولفت الى أن «الجيش اللبناني، وكل القوى الأمنية الشرعية تعمل بهذه الروحية، ومسؤوليتها توفير السلامة والأمان لكل المقيمين في لبنان، وملاحقة أي شخص، من أي جنسية، ينتمي الى التنظيمات الإرهابية ويشارك باستهداف أمن لبنان واللبنانيين»، بينما أكد رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل الى أن «عودة النازحين الى سورية تتم أو بالتنسيق مع سورية أو لا، والأمر ليس بحاجة للامم المتحدة ولا ضمانات دولية»، مضيفاً أنه «إذا كانت مصلحة لبنان تقضي بعودة النازحين فيجب القيام بما يلزم لتحقيقه من دون عقد، وعدد النازحين يرتفع، على عكس ما يقولون». وشدّد باسيل على أن «هناك علاقات دبلوماسية وعسكرية وأمنية ومالية اليوم مع سورية، فنحن ندفع لهم شهرياً مقابل الكهرباء».
وأكدت كتلة «الوفاء للمقاومة» خلال اجتماعها الأسبوعي أن «التفاهم المباشر مع الحكومة السورية من شأنه تسريع الخطوات واختصار الكثير من الوقت والجهد والنفقات، والحؤول دون الاستغلال السياسي والتوظيف الرخيص على حساب معاناة النازحين».
وفي سياق ذلك، أكدت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين «أننا مع أن يكون هناك تنسيق بين الحكومتين السورية واللبنانية في ملف النازحين»، مشيرةً الى أن «ما قلناه في جلسة الحكومة هو لمصلحة لبنان، وكنّا نفكر في مصلحة لبنان وإذا تواصلنا مع السوريين فلن ننقص أو نزيد من شرعية النظام السوري». ودعت عز الدين إلى «وضع الشق السياسي من باب المصلحة، والتنسيق من مصلحة اللبنانيين والسوريين».
هل قُتِل «التلي»؟
أمنياً، يسود الحذر والترقب الجبهة العرسالية بعد التفجير الذي تعرّض له المسؤول الأول في تنظيم «سراي أهل الشام» أبو خالد التلي في محيط الملاهي قرب أحد مناشر الحجر على طريق جرد عرسال البقاعية شمال شرق وادي البقاع اللبناني، بينما كان على دراجة نارية زرعها تنظيم داعش انتقاماً لمقتل عناصر إرهابية تابعة للتنظيم من آل العبد، وفق مصادر أمنية لـ «البناء»، التي أكدت أن التلي «أصيب إصابة مباشرة وحرجة»، لكنها «لم تؤكد أو تنفي مقتله».
وأكد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري لـ «البناء»، «أن التلي أصيب بعبوة ناسفة نتيجة صراع بين ثلاثة تنظيمات إرهابية في المنطقة «داعش»، «النصرة» و«سراي أهل الشام»، مشيراً إلى أن «استهداف التلي يقف وراءه تنظيم داعش».
وعما تركته مداهمة الجيش الأخيرة في عرسال لفت الحجيري إلى «أنها تركت ارتياحاً لدى العراسلة»، لكنها «تركت آثاراً سلبية بين مخيمات النازحين وبين المسلحين»، إذ أعقبتها «إشكالات» بينهم. ولفت الحجيري إلى «أن الجو العام في عرسال شبه طبيعي، إنما المخفي منه وما يحضّر في الخفاء غير معلوم»، وبالتالي فإن «عيون الأجهزة الأمنية كفيلة بضبط الأمور»، لافتاً الى «أن العراسلة لا دخل لهم بكل ما جرى ويجري وما قد يجري. فالصراع محصور بين المسلحين وبين المخيمات».
وعن صحة «تسلل وتغلغل الإرهابيين» من داعش والنصرة وسرايا أهل الشام بين المخيمات، لم ينفِ الحجيري ذلك، في الوقت نفسه «لم يستبعد تسلل إرهابيين داخل المخيمات في عرسال»، مشيراً إلى أن ذلك من «مسؤولية الأجهزة الأمنية اللبنانية».
الحجيري أكد لـ «البناء»، «أن الجثث الثلاث التي دفنت أمس في محيط عرسال تعود لثلاثة سوريين تسلمهم أهلهم، وكانوا قتلوا خلال مداهمات الجيش اللبناني مؤخراً»، جازماً «أن الجثث الثلاث تعود للانتحاريين الذين فجّروا أنفسهم لحظة مداهمات الجيش الأخيرة».
يُشار إلى أن عملية الدفن جرت وسط إطلاق نار كثيف وحضور لافت لمسلحي «سراي أهل الشام».
عملية للجيش تنتظر القرار!
وحذّر خبراء عسكريون من «احتمال انتقال آلاف المقاتلين من تنظيم داعش من سورية إلى لبنان بعد تحرير الرقة المتوقع خلال الشهرين المقبلين، وذلك كي يصبحوا بمنأى عن الضربات الجوية للتحالف الدولي وغارات الجيشين السوري والروسي».
وأوضح الخبراء لـ «البناء» أن «المقاتلين سينتقلون من الرقة بعد تحريرها نحو جبهة الجنوب، وإما الى الحدود مع لبنان، ما يرفع عدد المسلحين في جرود عرسال إلى 5000 عنصر ما يستدعي منذ الآن شن عملية عسكرية للقضاء عليهم»، وكشفوا أن «الجيش أعدّ عملية عسكرية شاملة وواسعة، لكنها تنتظر التنسيق مع سورية والقرار السياسي الحكومي».
ورأى الخبراء أن «رغم إمكانات الجيش المحدودة غير أنه يستطيع شن عملية استباقية شاملة لاقتلاع المسلحين من الجرود اللبنانية والعماد جوزيف عون كان قائداً لجبهة عرسال ويدرك طبيعة الأرض والمعركة، لكن ما يمنعه حتى الآن هو القرار السياسي»، معتبرة أن «التنسيق مع سورية في الامن وملف النازحين ليس خياراً بل ضرورة للمصلحة الوطنية اللبنانية».
لكن مصادر تساءلت: هل تسمح الدول العربية لا سيما تلك التي تدعم التنظيمات الإرهابية من السعودية وقطر للحكومة اللبنانية تغطية الجيش للقيام بهذه العملية؟
وأكد رئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملاك أن «ما قام به الجيش في المواجهة الأخيرة هو مقدمة للقضاء على الإرهاب ودحره نهائياً عن الوطن»، لافتاً إلى «أن الدماء السخية التي يبذلها العسكريون لتحقيق هذا الهدف، هي فداء للبنان ولكل اللبنانيين والمقيمين على أرضه». ونوّه خلال تفقده العسكريين الجرحى في مستشفيي رزق والروم، الذين أصيبوا خلال عمليات عرسال بـ«جرأتهم وشجاعتهم ونكرانهم للذات في سبيل إنجاح المهمة ودرء الأخطار الوشيكة عن المواطنين والنازحين الأبرياء».
على صعيد آخر، استمرّت حملات التشكيك بالجيش اللبناني وتشويه إنجازاته في حربه الاستباقية على الإرهاب تحت ذريعة وفاة عدد من الموقوفين الذي كان الجيش قد اعتقلهم خلال عمليته النوعية في عرسال الأسبوع الماضي. والتي أثبتت التحقيقات انتماءهم لتنظيم «داعش» الإرهابي.
وكشفت مصادر أمنية لقناة «المنار»، نقلاً عن التحقيقات مع الموقوفين نتيجة العملية العسكرية الأخيرة للجيش، أنّ «الموقوف «م.ن.» ينتمي إلى «داعش» وعمِل على نقل حاجيات من عرسال إلى الإرهابيّين في جرودها»، مشيرةً إلى أنّ «الموقوف «خ.خ.» الملقّب بـ «أبو معتز» اعترف بمشاركته في معركة عرسال ضدّ الجيش اللبناني».
ورفض الخبراء العسكريون الاتهامات السياسية التي طاولت الجيش ومهماته في مكافحة الإرهاب، مشيرين الى أن «الجيش اللبناني هو الطرف الوحيد الذي يتعامل مع الإرهابيين بحضارة غير موجودة في أوروبا والولايات المتحدة»، ولفتت إلى أن «المنظمات الدولية التي تقف خلفها الولايات المتحدة، تعمد الى ممارسة الضغوط والحرب الإعلامية على جيوش المنطقة اللبناني والسوري والعراقي عندما يتقدّمون ويحققون الانتصارات ضد المجموعات الإرهابية».
المصارف حليفة العهد
على صعيد آخر، أكد رئيس الجمهورية استمرار العمل لتعزيز الاقتصاد اللبناني لمواجهة انعكاسات تراكم الأزمات الإقليمية والدولية، لافتاً خلال استقباله رئيس جمعية المصارف في لبنان جوزف طربيه مع وفد مجلس الإدارة الجديد المنتخب الاسبوع الماضي، إلى التحسّن الذي طرأ على ميزان المدفوعات خلال الأشهر الستة الماضية، ما يمكن أن يرفع نسبة النمو وفق تقديرات البنك الدولي. من جهته، أوضح طربيه أن القطاع المصرفي هو حليف العهد وشريك في نجاحه، مؤكداً دوره الإيجابي في تعزيز الاقتصاد اللبناني وقطاعات الإنتاج. وركّز رئيس جمعية المصارف على المميزات التي يتمتع بها لبنان، ولاسيما في مجال التنافسية، نظراً إلى وجود مبادئ وقوانين توفّر مقوّمات النجاح للقطاع المصرفي اللبناني، معرباً عن أمله في أن يتحقق في عهد الرئيس عون تقدّم في الملف الاقتصادي بعد النجاحات التي تحققت أمنياً وسياسياً.