معرض «أثر» في سورية… قصّة أملٍ وصمودٍ بعيون اللجنة الدولية للصليب الأحمر
لورا محمود
نؤمن أنّ الحاجات الإنسانية يجب أن تأتي في المقدّمة، وبوصلتنا هي احتياجات الناس، والحكومات لا تؤثّرعلى أنشطتنا وليس لدينا أيّ ارتباط بمنظّمات دولية أخرى، وهكذا نضمن استقلاليتنا، ولا ندعم أيّ طرف في العمليات القتالية.
هذه بعض الشعارات التي تلتزم بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ولمناسبة مرور خمسين سنة على اضطلاع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالعمل الإنساني في سورية، أطلقت اللجنة الدولية، بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري، معرضاً بعنوان «أثر»، وهو قصّة أملٍ وصمودٍ بعيون اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية وذلك في القاعة الكبرى في التكيّة السليمانية في دمشق، بحضور نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، وبمشاركة ممثلين عن وزارات سوريّة ومؤسّسات أكاديمية ومنظّمات دولية وهيئات دبلوماسية مختلفة. وسيجوب المعرض في الأشهر المقبلة محافظات سوريّة أخرى، منها طرطوس وحمص وحلب.
رئيسة بعثة اللجنة الدولية في سورية ماريان غاسر قالت: يرجع وجودنا في سورية إلى عام 1967. و«أثر»، هو عنوان معرضنا الذي نتحدّث فيه عن الأثر الذي تركناه على الناس من خلال عملنا الإنساني، والأثر الذي تركه السوريون في اللجنة الدولية وموظّفيها العاملين هناك، من خلال قصصهم وأحزانهم وأفراحهم وآمالهم.
يهدف المعرض إلى اصطحاب الزوّار في رحلة إنسانية عبر الزمن، تبدأ في مرتفعات الجولان المحتلة، عندما قدّمت اللجنة الدولية المساعدة لآلاف الناس كي يتمكّنوا من التأقلم مع تبعات الاحتلال، وتعود بهم إلى الزمن الحاضر حيث ما تزال اللجنة الدولية تعمل مع الهلال الأحمر السوري يداً بيد للوصول إلى أشدّ الفئات ضعفاً في أرجاء سورية.
وأشارت غاسر إلى أنّ معرض «أثر» يستمد مادته من أرشيف المنظّمة الخاص، والقصص التي ينفطر لها القلب، على لسان من قُدِّمت لهم المساعدة. وهو بذلك تجربة تفاعلية تعرض مهمة اللجنة الدولية والهلال الأحمر السوري، ومبادئهما وأنشطتهما التي أحدثت فارقاً في حياة كثيرين.
وأضافت غاسر قائلةً: هذا المعرض هو تعبير عن تكريمنا وتقديرنا للناس في سورية، الذين أَوْدَعونا ثقتهم خلال السنوات الخمسين الماضية. فلم تكن اللجنة الدولية لتتواجد في سورية لولا أهلها، وهذا المعرض هو لهم وعنهم.
وفي حديث إلى «البناء»، قالت المتحدّثة الرسمية بِاسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية إنجي صدقي: إن هدف اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية تقديم المساعدات الإنسانية خلال أوقات النزاع. وهذا هو الفارق بين اللجنة الدوليه للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري الذي يعمل داخل نطاق الدولة السورية سواء في أوقات الحرب أو السلم، لكن مهمة اللجنة يكون خلال أوقات النزاع لتقديم المساعدات في معظم دول العالم.
ولفتت صدقي إلى أن المعرض كان عبارة عن أجزاء، كالجزء التاريخي من عمل اللجنة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وجزء آخر متعلّق بالأنشطة التي ندعمها ومن ضمنها وبالتعاون مع الهلال الأحمر افتتاح مركزين للأطراف الاصطناعية، أحدهما في دمشق والآخر في حلب. وأيّ شخص فقد أحد اطرافه نتيجة النزاع تقدّم له المساعدة مجاناً.
وقد تم التعريف بالمبادئ الأساسية لعمل الصليب الأحمر والهلال الأحمر خلال المعرض. وأشارت صدقي إلى أنه ومع بداية الأزمة، أصبح التغيير واجباً، فغيّرنا الأولويات ووسّعنا نطاق عملنا، لأنّ الاحتياجات الإنسانية زادت وكان هناك تعاون وثيق مع الهلال الأحمر السوري، فنحن نقدّم مجموعة مساعدات لا يعرفها الناس، فاللجنة لديها فريق كبير من المهندسين الذين يعملون على إصلاح البنى التحتية وإعادة تأهيل مراكز الإيواء، لتكون بوضع يسمح بالسكن. ولدينا متخصّصون بالزراعة والاقتصاد.
ومن ضمن المشاريع التي ندعمها برامج سبل العيش، وتهدف إلى تقديم مساعدات بسيطة للأسر الأكثر ضعفاً، كبعض الأسر في حمص وحلب، لتتمكّن من العمل ضمن مشاريع صغيرة. وبلغ عدد الأسر في السنة الماضية أكثر من 300، وفي السنة الحالية أكثر من 50.
واعتبرت صدقي أن النزاع في سورية معقّد جدّاً، فهناك حالات نزوح تحصل ربما ونحن نتكلم الآن، فالوضع صعب وهناك عمليات تشكّل لنا تحدّياً كبيراً في إيصال المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس. واستطعنا تحقيق نجاح كبير في هذا المجال.
وقال بافل كشيشك، مسؤول البرنامج العام للتواصل الاجتماعي في اللجنة الدولية للصليب ا حمر مكتب سورية : إن اللجنة الدولية للصليب ا حمر تكون في عام 2017 قد أمضت 50 سنة من العمل ا نساني على ا راضي السورية، وهذا يعتبر وقتاً طويلاً جدّاً. والمعرض اليوم كاسمه، يتحدّث عن أثر اللجنة الدولية للصليب ا حمر في سورية، وما تركته من أثر في المجتمع السوري، وما ترك السوريون من أثر على اللجنة الدولية. فالناس يعرفون اللجنة الدولية للصليب الأحمر كلجنة تساعد في تقديم السلال الغذائية والخدمات الطبّية، لكن هذا ليس كل شيء. فنحن نعمل في سورية منذ احتلال الجولان، ومنذ سبع سنوات إلى اليوم ونحن نعمل في المناطق الساخنة. وكنا نريد أن نعرّف المواطن السوري بنا ونجلب بعض الأمل والتحسين لحياتهم.
وعن التنظيم وفكرة المعرض واسمه، قالت مديرة شركة «big Idea» والمسؤولة عن تنظيم المعرض لمى لطفي لـ«البناء»: نحن شركة تهتم بتنظيم الفعاليات الخاصة بإدارة الأعمال، وقد تم التواصل معنا من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ودُرِسَت فكرة كيف نتحدّث عن تاريخ وجود اللجنة الدولة للصليب الأحمر على الأراضي السورية، والتي مضى على تواجدها في سورية حوالى خمسين سنة.
وقالت لطفيك: نحن بشكل عام كشركة نعتمد على الحواس الخمس بكلّ الفعاليات التي ننظّمها. وكانت فكرتنا أن نشارك جمهورنا بذلك. ومن هنا انطلقنا بِاسم المعرض «أثر». فبعد دراسة لتاريخ الصليب الأحمر وتواجده في سورية لم يكن لنا إلا أن نقول إن وجود الصليب الأحمر ترك أثراً كبيراً على الأرض، وقرّرنا أن يكون كل قسم من المعرض له أثر ينطبع في ذاكرة ومشاعر الجمهور عندما يأتي ليشاهد المعرض. لذا عملنا على جمع الحواس الخمسة حتى أننا في أقسام المعرض وضعنا مواد غذائية يستطيع الحضور تذوقها وأكلها. كل هذا كان بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبأفكارنا وتنظيمنا نفّذنا على ا رض.
وتحدّث أحد المساعدين في تنفيذ المعرض المهندس بشار رمضان قائلاً، إن الرؤية لهذا المعرض وضعتها المهندسة لمى لطفي، ونحن ساعدنا في التنفيذ على أرض الواقع. وكان هناك حضور رسميّ على مستوى سورية من وزراء وشخصيات مهمة، وأيضاً حضور دبلوماسي من دول صديقة، وهذا أمر مفرح. وقد أبدى الجميع إعجابهم بالمعرض، وكانت فعالية ناجحة أوصلت رسالتها بأن العمل ا نساني لا يقتصر على منطقة، ولا حدود ولا عرق له أو أيّ انتماء، بل ينطبق على البشر كلّهم. واستطعنا أن نوصل الفكرة بالتعاون مع لجنة الصليب ا حمر الدولية ومنظمة الهلال الأحمر في سورية.