رئيس الجمهورية: ندرس التعاون مع إحدى المؤسسات العالمية لاستنهاض الاقتصاد اللبـناني
اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «الاقتصاد القائم على الإنتاج يؤمّن الاستقرار ودعم الليرة اللبنانية»، مشدداً على «ضرورة أن يتحوّل لبنان من المجتمع الريعي الى المجتمع الحقيقي المبني على الإنتاج»، لافتاً إلى أن «لبنان يرحّب بمن يريد الاستثمار فيه إلا أنه يتحفّظ على الديون».
وأعلن «أننا نعمل على إصلاح الوضع المالي ومساعدة المؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، والمهم ليس الإنتاج فحسب، بل تأمين الأسواق والذي تقع مسؤوليته على الدولة في الدرجة الأولى».
وأشار إلى أن «لبنان يدرس حالياً التعاون مع إحدى المؤسسات العالمية المشهود لها، لوضع دراسة حول سبل استنهاض الاقتصاد اللبناني».
مواقف الرئيس عون جاءت خلال استقباله في قصر بعبدا، الوفد المشارك في المنتدى اللبناني للشركات الصغيرة والمتوسطة الذي يبدأ أعماله اليوم في مجمّع «بيال» في بيروت. وضمّ الوفد وزراء الاقتصاد والتجارة رائد خوري، والاتصالات جمال الجرّاح، والسياحة أواديس كيدانيان، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيسة مجلس الإدارة المدير العام للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس الوزيرة السابقة ريّا الحسن، سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن، نائب المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني، بيتر موسلي مدير البرنامج في البنك الدولي، رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، رئيس غرفة طرابلس والشمال توفيق دبوسي، رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، الأمين العام لنقابة الصناعات الغذائية منير البساط، نائب رئيس نقابة الصناعات الدولية رضى شعيتو، مديرة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي لميا مبيّض، رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمؤسسة «كفالات» خاطر بو حبيب، رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان ماكس زكار، رئيس «وحدة التمويل» في مصرف لبنان وائل حمدان، رئيسة «وحدة مناخ الأعمال والابتكار» في رئاسة مجلس الوزراء ياسمينة الخوري، وعدداًَ من رؤساء مجالس إدارات ومستشارين لشركات ومؤسسات تجارية وصناعية وابتكارية والمسؤولين في المصارف اللبنانية، إضافة الى فريق عمل وزارة الاقتصاد والتجارة ومستشاري الوزير خوري، ومديرة مشروع برنامج الامم المتحدة الإنمائي في الوزارة رفيف برو.
وتحوّل اللقاء الى حوار مع رئيس الجمهورية تناول الأوضاع الاقتصادية في لبنان والمبادرات القائمة لمواكبة التطور في المجالات الاقتصادية والتجارية.
في بداية اللقاء، تحدّث الوزير خوري لافتاً إلى أن «المنتدى اللبناني للشركات الصغيرة والمتوسطة هو في غاية الأهمية ويصبّ في تطلّعات ورؤية الرئيس عون ليكون الاقتصاد اللبناني منتجاً وفاعلاً». وقال: هذا المنتدى سيكون بداية لورشة عمل في الأسابيع والأشهر المقبلة، الهدف منه دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد اللبناني والتي تخلق فرص عمل، وتحقق تشبث المواطنين في أرضهم لا سيما في المناطق الأطراف. وشدّد على أهمية العمل الجماعي من خلال هذا المنتدى بين الوزارات المعنية والاقتصاديين والمصرف المركزي.
وردّ الرئيس عون مرحّباً بالوفد، مؤكداً أن «العمل الذي يقوم به وزير الاقتصاد هو من الأولويات»، لافتاً إلى «ما يشكّله المال من وسيلة لإنعاش الاقتصاد الوطني وتحقيق الإنجازات»، وقال: نعمل بالتوازي، على إصلاح الوضع المالي ومساعدة المؤسسات لا سيما تلك الصغيرة والمتوسطة التي تشكّل النسبة العظمى من المؤسسات اللبنانية. فالمهم ليس الإنتاج فحسب، بل تأمين الأسواق والذي يقع على عاتق الدولة في الدرجة الأولى. وإذا ما وفّرنا هذين العنصرين نكون قد أمّنا عاملاً مهماً لأوسع شريحة من الشعب اللبناني. من هنا، نبارك هذا العمل خصوصاً أن المؤسسات تمثل جميع القطاعات الصناعية والتجارية.
وأضاف: نجحنا في تأمين الاستقرار والأمن، وهو ما بات مثبتاً بالوقائع. ولكننا بتنا، وبعدما استأصلنا الإرهاب، نشهد وللأسف، فلتاناً داخلياً كبيراً، خصوصاً من قبل بعض السوريين، وهو ما نسعى إلى ضبطه وسنتوصل الى نتيجة كما سبق وفعلنا في ما خصّ الإرهاب. وسنعمل، بعد تحقيق الاستقرار والأمن، على توفير المال وعناصر الإنتاج والتقدّم الصناعي الذي يؤمّن بدوره الاستقرار ودعم الليرة اللبنانية. فمن غير المقبول الاستمرار في الدَّيْن وانتظار الأسواق العالمية كي نعمل، او المراجع الخارجية كالبنك الدولي وغيره من المؤسسات. فنحن نرحّب بمن يريد تأمين الاستثمار في لبنان إلا أننا نتحفظ على الديون.
وشدّد عون على أهمية تضافر الجهود المشتركة، لافتاً الى أن «علينا أن نستفيد من دور وزارة الخارجية ايضاً في هذا السياق، لا سيما أن وزير الخارجية يعمل على توجيه السفراء الذين يجب أن يتمتّعوا بالحيوية اللازمة».
ثم تحوّل اللقاء الى حوار تحدّث في بدايته رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس وقال: ما تمّ تحقيقه في الاقتصاد خلال السنوات المنصرمة كان بمبادرات من مصرف لبنان من الناحية النقدية أو الهيئات الاقتصادية. أما اليوم، فما نشهده هو مبادرة الحكومة ممثلة بوزارة الاقتصاد بجمع الشمل ودقّ ناقوس الخطر ووضع خطة مستقبلية. ديموغرافياً، الشركات المتوسّطة والصغيرة أساسية جداً وهي أمام تحدّييْن بارزيْن: الأول التحدي الاقتصادي العام الذي لا يرحم أحداً. أما التحدي الخاص بهذه المؤسسات فيتمثّل بهدفها في البقاء والاستمرار، لأنه كما هو معلوم في العالم، إن ربح المؤسسات يزداد بعد سنتين أو ثلاث من تأسيسها. أما بعد خمس سنوات فنصفها يتلاشى. من هنا، ضرورة تدعيم وتصليب عود المؤسسات الصغيرة من خلال خطوات موجّهة، ضارباً المثل بالولايات المتحدة الأميركية. وختم: سنشارك بحماس في هذا المؤتمر وسنعمل على إنجاحه، منبّهاً في المقابل، من أن أي زيادة في الضرائب ستعيد الأمور إلى الوراء.
ثم تحدّث شقير، فأشار إلى «نقطتين مهمتين لدعم هذه المؤسسات»، وقال «بات هناك العديد من المؤسسات غير الشرعية في البلد، بالإضافة الى التهريب الذي يتمّ عبر الحدود مع سورية»، مشدداً على «ضرورة إجراء دراسة حول عدد المؤسسات الشرعية التي أقفلت في السنتين الماضيتين، في مقابل تلك غير الشرعية أو التي تقوم بالتهريب».
وتلاه رئيس تحرير مجلة EXECUTIVE MAGAZINE ياسر عكاوي فأكد أن «الفساد يبقى أكبر مرض للبنان ويؤثر على المالية العامة». وأعرب عن رغبته في «معرفة الجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية من أجل محاربة الفساد لحماية حقوق المستثمرين واستقدام المستثمرين والمودعين في القطاع المصرفي والاقتصاد اللبناني». فردّ الرئيس عون مؤكداً أن «الجهد المهم الذي تحقق حتى الآن هو في الجمارك»، وقال مشدّداً «سنعمل على ضبط كل أنواع التهريب. أما بالنسبة إلى الحدود وهي قضية واسعة جداً، فسنبذل جهوداً لزيادة فعالية الجمارك وقد نستعين بضباط من مؤسسات أخرى، باعتبار أن الأمر يمثل أسرع وسيلة. أما من ناحية الجمارك في المعابر الشرعية، لا سيما مرفأ بيروت والمطار، فقد تم ضبطها وبات المطار مقفلاً على التهريب نهائياً وسمعتم بقضية 143 كيلو ذهب أخيراً، بالإضافة الى تهريب المخدرات والهواتف:. وتابع: إن أهم ما تحقق في ثمانين يومًا هو أن في مقابل نقص البضاعة المستوردة من خلال مرفأ بيروت بنسبة 15 ، فإن دخل الواردات الجمركية زاد بنسبة 6 بمجموع بلغ 77 مليار ليرة خلال هذه الفترة، وهناك إمكانية للزيادة وفقاً لإمكانية ضبط الجمارك، فيما ارتفعت المراقبة على الحدود بعدما تم إقفالها 100 لأن هناك مسالك خارج إطار الطرق بسبب الحروب على الحدود. وهناك تعاون وثيق بين اللبنانيين والسوريين في هذا السياق، ونأمل أن نتمكّن من ضبطها نهائياً. وقال: تطرّقنا خلال زيارتكم السابقة الى هذا الموضوع وكذلك مع جمعية المصارفز وأشرنا حينها إلى أنه يجب أن نتحوّل من المجتمع الريعي إلى المجتمع الحقيقي المبني على الإنتاج. وهذه هي الغاية من المنتدى اليوم. وعلينا متابعة درس الموضوع مع حاكم مصرف لبنان، ثم اتخاذ القرارات اللازمة لتطبيق ذلك في المستقبل القريب طبعاً وليس بعد عشر سنوات، بسبب الحاجة الملحة إليه في المرحلة الحالية.
ثم تحدثت رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي لميا مبيّض وتوقفت عند دعوة رئيس الجمهورية إلى «ضرورة تشجيع المؤسسات الصغيرة وتنمية الأسواق وليس فقط الإنتاج»، لافتة الى أن «بين الأسواق التي لا نعطيها الاهتمام الكافي هو سوق الشراء العام أو سوق «الدولة»، والذي من الصعب على المؤسسات الصغيرة أو المتوسطة أن تدخل اليه».
وردّ الرئيس عون بالقول إن «النمو الذي تحقق في لبنان لم يشمل جميع القطاعات، ما أدّى الى فروق قوية في ما بينها»، مؤكداً العمل في المرحلة الحالية ليشملها كافة.
بدوره، ردّ الوزير خوري في هذا السياق، فقال: أولاً هناك مشروع قانون أو اقتراح قانون في مجلس النواب، وهو من أهم القوانين التي يجب العمل على تطبيقها، ويتعلّق بالمنافسة ومحاربة الاحتكار، الذي من شأنه أن يفتح الطريق أمام الشركات لمنافسة عادلة. وثانياً، يجب ألا نشعر بالخجل من الاستعانة بخبرات دول أخرى، مثل تشيلي مثلاً، أو سنغافورة، وهي من أكثر الدول التي نستطيع أن نتمثل بها. فخبرات غيرنا مهمة وتغنينا، وتوفر علينا صعوبات ومراحل مرّت بها هذه الدول لتكون مثالاً لنا. والصين، صاحبة أكبر ثاني اقتصاد في العالم بُني على التقليد. فنحن مقتنعون بهذه العقلية والذهنية، وعلينا أن نستعين بخبرات دول أخرى واجهت مشاكل كتلك التي نواجهها في لبنان.
وعرض رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، مع النائب نبيل نقولا الأوضاع العامة.
ونقل نقولا شكر أهالي المتن «على الاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية لمطالبهم وحاجاتهم، ولا سيما تنفيذ شبكة الجسور والطرق التي تمّ التخطيط لها وخصوصاً في جل الديب والنقاش».
وأشار إلى أن البحث تناول أيضاً مشروع «ليبنور» والاوتوستراد البحري ومشروع «إيكوشار».