قالت له
قالت له: هل أصابك الملل في الحبّ يوماً؟
فقال: لا يعرف الحبّ الملل بل التعب.
فقالت: وما الفرق بينهما؟
فقال: يتعب الحبيب من اللهاث لإرضاء الحبيب لكنه لا يمل. ويتعب من الشعور عند الحبيب باللارضا لكنه لا يكلّ.
فقالت: قصدت الملل من التواجد معاً.
فقال: قد يكون تعباً ممّا ينتظرني في التواجد.
فقالت: لكن الحبّ رغبة في القرب، وشوق للوصال ولو بحزن ودموع.
فقال: وابتعاد عن كلّ ما يشوّه صورة الحبيب.
فقالت: وهل اللقاء يشوّه صورة الحبيب؟
فقال لها: عندما تكون صورة الحبيب ابتسامه ولقاؤه عبوساً أو تكون صورته نعومة ويصير لقاؤه خشناً.
فقالت: هي اللهفة والغيرة.
فقال: واللقاء يصير حيرة.
فقالت: إذن تملّ من الغيرة؟
قال: بل أتعب من تكرار السيرة.
فقالت له: ألا تشعر أنّ البعد يصيب الحبّ بالبرود؟
فقال: ولذلك أنادي لحظات الصفاء كي تعود.
فقالت: ولك وعدي.
فقال: خذي نفساً وعُدّي.
فقالت: وماذا العديد؟
قال: ما سبق به الوعد وصار الوعيد.
فضحكت وقالت: سامحتك ولو عبثت مع نساء الكون كلّهن.
فقال: أعلم. لكنك تريد أن تكنّ بالطول ذاته والوزن ذاته واللون ذاته.
فقالت: إذن تريد التغيير؟
فقال: أردت تغيير الحديث لتكتشفي أنك لا تملكين التحكّم بالغضب.
فقالت: إرحل قبل أن يصيبك التعب.
فعبث بخصلة من شعرها وقال: أثمن من الذهب!
وضحكا متعانقَين يتعاركان بجنون كما تجنّ اللُّعَب.