كيف سيتصرّف الحريري مع شرعية الأسد؟
ناصر قنديل
– بغض النظر عن الدرجة التي سيُحسب فيها تأثير موقف رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على شرعية الرئيس السوري، خصوصاً بعدما يعلن الاعتراف بها والتعامل معها رؤساء أميركا وفرنسا وسواهما، لكن من حق اللبنانيين أن يتساءلوا عن كيفية تصرّف رئيس حكومتهم تجاه تغيير بحجم من هذا النوع يبدو متسارعاً مع التفاهم الروسي والأميركي والإعلان الأميركي الفرنسي. وليس خافياً أن في كليهما كلمة مفتاحاً هي أن لا بند تفاوضي في جدول أعمال الحل السياسي لسورية عنوانه مصير الرئيس السوري، خصوصاً أنه رغم التوازنات الداخلية المحيطة بعمل الحكومة اللبنانية وآلية اتخاذ القرار دستورياً فيها، إلا أن الناطق بلسان الحكومة يبقى هو رئيسها، وفقاً لنصوص الدستور.
– خلال الفترة الفاصلة عن نهاية العام، كما يبشّر دي ميستورا، ستحدث تطورات كبرى باتجاه الحل في سورية. وهذا يعني حكماً توقع أن تتداعى بسرعة جبهة التحالف التي استند إليها رئيس الحكومة اللبنانية في موقفه من الرئيس السوري، الذي يمثل رأس الدولة وفقاً لدستور بلاده وهو القائد العام للقوات المسلحة، فكل تعاون مع حكومة سورية يحتاج توقيعه وكل تعاون مع الجيش السوري يمرّ بهذا التوقيع، والمسارات الآتية تتوضح تباعاً، فتح السفارات الغربية خريف هذا العام في دمشق، كما تنقل الصحف الفرنسية عن استعدادات الخارجية الفرنسية. وكل التقارير الآتية من واشنطن وموسكو تشير إلى توسيع جنيف ليضمّ الأكراد في وفد معارض موحّد ينتهي بتشكيل حكومة الراغبين بالمشاركة في الحرب على الإرهاب تحت قيادة الجيش السوري، ولاحقاً تشكيل قوات دفاع وطني تحمل خصوصيات مكوّناتها تكون جزءاً من الحالة التطوّعية القائمة بعد تسوية أوضاع عناصرها وقادتها وتتولى المشاركة مع الجيش السوري في حربه على الإرهاب. وسيكون مسار أستانة إطاراً عسكرياً تعاونياً أميركياً روسياً إيرانياً تركياً، لخوض الحرب بوجه الإرهاب، وسيصير النظر لدور حزب الله في سورية باعتباره شرعياً على المستوى الدولي، وربما يُطلب من لبنان المشاركة كما دول جوار سورية في أستانة، وتصير جبهة الحدود مع سورية ضمن تعاون روسي أميركي سوري مع حزب الله والجيش اللبناني، ويطلب الأميركيون من لبنان توفير التغطية الرسمية لذلك.
– حكومة سورية جديدة تتشكّل بقرار من الرئيس الأسد ويشارك فيها معارضون وتفتح ملف عودة النازحين، بشراكة ودعم دولي، وتستدعي حكومات الجوار للحوار لن تكون حدثاً بعيداً، فيكون ربما على الوزير معين المرعبي أن يلتقي بالوزير هيثم منّاع، بعد تعيينه ضمن المرسوم الرئاسي الذي يصدره الرئيس بشار الأسد بتسميته وزيراً لشؤون النازحين ويوجه دعوة للوزير اللبناني وتنتهي الزيارة بلقاء الرئيس السوري، فبماذا يوجّه الرئيس الحريري وزيره، وماذا يقول لوزير الداخلية عن اجتماع لوزراء داخلية دول الجوار السوري يعقد في دمشق ويحضره وزراء داخلية تركيا والعراق والأردن، فهل يغيب عنه لبنان، أم يعتذر الوزير اللبناني عن سماع الكلمة التوجيهية للرئيس السوري في بداية الاجتماع أو عن الموعد الختامي معه أو مائدة الغداء التي يقيمها للوزراء الضيوف؟
– قد تبقى السعودية بحكم الجغرافيا وتراجع أهميتها دولياً وإقليمياً، والفشل الذي أصابها في سورية والعراق خارج الاهتمام بكيفية تصرفها مع سورية في مرحلتها المقبلة بسرعة، ولن يكون بمستطاع لبنان ضبط إيقاع خطواته على إيقاع خطواتها، فكيف سيتصرّف الرئيس الحريري؟ سؤال لا بدّ من أن يسأل مستشاريه مبكراً عن الجواب عليه.