برلين وباريس إلى دمشق.. وبيروت تنتظر!
هتاف دهام
يتحدث مصدر دبلوماسي أوروبي في لبنان عن نية كلّ من فرنسا وألمانيا إعادة فتح سفارتيهما المعتمدتين في العاصمة السورية دمشق. ووفق المعلومات فقد أرسلت باريس وبرلين ملحقين أمنيّين للتنسيق مع الأجهزة الأمنية السورية في موضوع انتشار الإرهاب في أوروبا وانطلاقه من سورية.
يأتي هذا الموقف الدبلوماسي بعدما كانت باريس لفترة طويلة في مقدّمة المطالبين برحيل الرئيس السوري بشار الأسد. فما الذي تبدّل ودفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القول إنه من «غير المقبول أن تبقى التسوية السورية رهن رحيل الأسد عن السلطة، حيث إننا فعلنا ذلك في العراق وليبيا، لنستفيق بعد خمس أو عشر سنوات على ظروف أسوأ من ذي قبل، أيّ من تلك التي كانت سائدة في ظلّ هذا الزعيم أو ذاك؟»
يؤكد مصدر نيابي، نقلاً عن مصدر دبلوماسي أنّ الاتحاد الأوروبي جاهز لاستعادة العلاقة مع سورية بانتظار الحلّ السياسي. يربط المصدر النيابي «التطوّر في الموقف الفرنسي بمجموعة من العوامل تتعلّق بـ:
1 ـ الحرب المستعرة بين الاتحاد الأوروبي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
2 ـ قضية النازحين التي لم تجد طرق المعالجة والحلول، بل تضخمت لتشكل خطراً داهماً على الأمن الاجتماعي والسياسي لدول الاتحاد.
3 ـ تسليم القرار الغربي بأنّ مؤسسات الدولة السورية ضرورية جداً لمعالجة انعكاسات ملف النازحين.
4 ـ نجاح الجيش السوري بتحرير مساحات كبيرة من سيطرة داعش.
5 ـ رغبة أوروبا المتأخرة بضرورة استعادة سورية دولة فاعلة بدلاً من جعلها دولة فاشلة.
6 ـ الإدراك الغربي أنّ مرحلة الاستثمار بالارهاب في سورية لـ«إسقاط الأسد» قد فشلت.
7 ـ الإغراءات المحيطة بمشروع إعادة إعمار سورية ورغبة الغرب أن يكون شريكاً رئيساً فيه.
8 ـ الخطر الداهم الذي مثّله داعش وأخواته على المجتمعات الأوروبية ورغبتهم بالاستفادة من الداتا التي تملكها الدولة السورية وأجهزتها الأمنية للمزيد من درء خطر هذا الإرهاب عن الاتحاد.
9 ـ تحرير الموصل والبادية السورية وقرب تحرير الرقة حالياً، بينما يتوقع أن يحرّر الجيش السوري دير الزور حتى مطلع الخريف.
من المنطقي، وفق المصدر نفسه، الافتراض أنّ إعادة فتح السفارات قد تكون خطوة أولية في سياق قد يبدأ عملياً بالتأسيس لانعطافة السياسات الأوروبية.
لكن إذا كانت فرنسا وألمانيا تنويان حقاً إعادة فتح مقرّيهما الدبلوماسيّين في دمشق، فما الذي يمنع لبنان من التنسيق مع سورية في ملف أزمة النازحين السوريين؟
يؤكد قطب سياسي بارز أن لا محالة من التنسيق مع سورية لإعادة النازحين إلى بلدهم. لا حلّ لهذا الملف الشائك إلا بالتواصل مع الحكومة السورية عبر تشكيل لجنتين وزاريتين من الدولتين. وفق القطب نفسه، هل شرعية الأسد متوقفة على قرار لبناني؟ فالأمم المتحدة لم تقطع علاقتها وتواصلها مع النظام في سورية منذ بداية الأزمة.
رغم ذلك، فإن لا سياسة متبلورة من الدولة اللبنانية حيال أزمة النازحين للبتّ قريباً، طالما أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري، كما يقول القطب السياسي نفسه، أعلن أنّ عودة النازحين إلى بلادهم ستكون طوعية وستجري بالتنسيق فقط مع الأمم المتحدة فقط، علماً أنّ الحريري نفسه أعلن من بروكسل منذ نحو شهرين أنّ لبنان يمكن أن يشكل الأرضية المثالية لانطلاق عملية إعادة الإعمار في سورية. فهل يشكّل لبنان هذه الأرضية من دون الموافقة السورية؟ يسأل القطب نفسه…