الجيش السوري يُمسك نصف الرقة ويستعيد حقول النفط والغاز… ويدقّ أبواب دير الزور والغوطة ماكرون: إقفال سفارتنا في دمشق كان خطأ فادحاً… وموسكو تردّ على دلع نتنياهو حول الجنوب

كتب المحرّر السياسي

حملت أنباء الميدان السوري ما يؤشر لاقتراب المعارك الفاصلة على جبهات عدة أبرزها دير الزور والغوطة، حيث شكل نجاح الجيش السوري بإمساك ريف الرقة الجنوبي الغربي والشرقي وحقول الغاز والنفط الواقعة ضمن مربع أرياف الرقة وحمص وحماة، والتقدّم في ريف دير الزور مسافة تزيد عن مئة كلم، ما يجعل معركة مدينة السخنة التي تشكل مفتاح التقدّم نحو دير الزور على نار حامية، بعدما صار الجيش على مسافة خمسة كيلومترات منها، بينما في الغوطة الشرقية حيث التقاتل بين الفصائل المسلحة تغذيه الخلافات القطرية السعودية، والجيش يتقدّم على محاور عين ترما وجوبر وعربين ما يجعل مستقبل الغوطة مطروحاً على طاولة التفاوض أو الحسم.

بالتوازي يشدّد الجيش السوري استهدافه لمواقع النصرة وداعش في جرد القلمون، تمهيداً لبدء الحسم العسكري من الجانب اللبناني، حيث تفيد المعلومات عن اكتمال التجهيزات العسكرية من جانب الجيش اللبناني وحزب الله كلّ على الجبهة المنوطة بقواته، بينما منح الوجهاء والوسطاء ثماني وأربعين ساعة لحسم مصير الوساطات التي يقومون بها لتأمين انسحاب الجماعات المسلحة وإنجاز تسوية تتضمّن فتح الباب لعودة النازحين بالتنسيق مع الجيش السوري.

على المستوى الدولي كان الأبرز كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بطريقة علنية ما يجري في الكواليس من اتصالات حول فتح السفارة الفرنسية في دمشق، بقوله إنّ إقفال السفارة كان خطأ كبيراً ارتكبته الإدارات الفرنسية المتعاقبة، بينما كانت موسكو تردّ على كلام رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن تحفظات على تفاهم جنوب سورية بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، بما وصفته مصادر روسية بـ»الدلع الإسرائيلي». فنتنياهو كان يتباهى قبل أيام بكونه لعب دوراً في ترتيب التفاهم، لكنه يريد اليوم، وفقاً للمصادر، محاولة تحسين وضعه عساه يحصل على المزيد.

لبنانياً، ينعقد المجلس النيابي لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب وسط التفاهم على إقرار بنود السلسلة وضمنها حقوق المتقاعدين، لكن مع استمرار الخلاف على كيفية تمويل السلسلة وتأجيل الخلاف لمناقشة الموازنة، ما يعني أنّ إقرار السلسلة سيبقى نظرياً، ولن يصير نافذاً إلا مع إقرار الموازنة، وهو ما اعتبرته مصادر نقابية بمثابة المخدّر الذي يراد منه إسكات أيّ احتجاجات بترك الأمور معلقة، ربما لشهور إلى حين بتّ الموازنة. وربما يجري عندها طلب تعديل السلسلة بداعي عدم توافر الأموال، داعية الكتل النيابية إلى حسم ـمورها والاختيار بين إقرار السلسلة وجعلها نافذة او عدم التصويت لصالح إقرارها بذريعة عدم توافر مواردها، لأنّ أحداً لم يقل يوماً إنه ضدّ السلسلة بل أجمع كلّ خصوم السلسلة على ذريعة واحدة هي غياب مصادر التمويل، ولذلك تتوقع المصادر النقابية أن يشهد إقرار السلسلة مفاجآت.

إقرار السلسلة اليوم وربط تنفيذها بالموازنة

لم ينجح الاجتماع المالي المطوّل الذي عُقد في السراي الحكومي عشية الجلسة التشريعية المقرّرة اليوم، بالتوصل الى اتفاق حول إقرار سلسلة الرتب والرواتب منفصلة عن الموازنة، بل حصل نوع من توافق على إقرار مشروع السلسلة وربط تنفيذه بإقرار الموازنة العامة، ما يعني إرجاء البتّ بالسلسلة، ريثما يتمّ الانتهاء من الموازنة التي لا زالت قيد الدرس في اللجان وتحتاج إلى شهر على الأقل، بحسب معلومات «البناء». ويبدو أن المخرج الذي يحقق الربط بينهما هو ما أشار اليه عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، الذي أعلن أنه سيقدم طرحاً لرئيس مجلس النواب نبيه بري «يقوم على المادة 20 من السلسلة والذي يُجيز للحكومة فتح اعتماد لتمويلها ما يعني إقرار السلسلة والموازنة بالتوازي».

اجتماع السراي الذي رأسه رئيس الحكومة سعد الحريري وحضره وزير المال علي حسن خليل ووزير الاتصالات جمال الجراح ورئيس لجنة المال النيابية إبراهيم كنعان والنائب عدوان والنائب علي فياض والوزير السابق أكرم شهيب، تم الاتفاق خلاله على مخرج لتأمين إقرار السلسلة على أن يتم التشاور بشأنه مع الرئيس نبيه بري، وعقب الاجتماع توجّه عدوان الى عين التينة والتقى بري وبحث معه ما توصل إليه المجتمعون في السراي.

وفي حين علمت «البناء» أن «توافقاً بين الرؤساء الثلاثة على إنجاز السلسلة في جلسة اليوم مع ترك بعض التفاصيل القانونية والمالية لممثلي الكتل الذين سيتشاورون خلال الجلسة التي ستكون صباحية ومسائية للبت بها»، تحدثت مصادر مطلعة لـ»البناء» عن «انقسام داخل لجنة السراي بين موقفين: الأول يتمثل في موقف الثنائي الشيعي المتمسّك بإقرار السلسلة في جلسة اليوم مع تضمينها حقوق المتقاعدين التي ستجزأ على دفعات ثلاث والثاني يتمثل بتيار «المستقبل» و»التيار الوطني الحر» والحزب «التقدمي الاشتراكي و»القوات اللبنانية» يحاول الدفع باتجاه إعادة النقاش إلى أيهما يسبق الآخر إقرار الموازنة أم إقرار السلسلة، وضرورة إقرار السلسلة بالتوازي مع الموازنة».

وأشارت المصادر الى أن «إقرار السلسلة سيرتب تداعيات سلبية على الوضع الاقتصادي في حال لم تقرن بخطة لتغيير الهيكليات الكاملة لعملية الإنفاق السنوي في الموازنات، لتحقيق التوازن بين الإنفاق والإيرادات واعتماد سياسة تقشف كي لا يزيد العجز في الموازنة أكثر من 4 مليارات دولار بعد إقرار السلسلة، إضافة الى زيادة الإيرادات من خلال ضرائب خفيفة على المواطنين ومرتفعة على المصارف والشركات العقارية والتجارية الكبيرة».

ولفتت الى أن «رفع الحد الأدنى للأجور يجب أن يترافق مع إقرار إصلاحات على مستويات عدة لن يلحظها المجلس النيابي في جلسته اليوم»، وأوضحت أن «المجلس اليوم سيقر المرسوم رقم 10416 أي السلسلة بتوافق كل الكتل السياسية لكن المشروع الثاني الرقم 10415 المتعلق بفرض ضرائب جديدة سيقرّ مع الموازنة، وربما سيكون موضع نقاش وخلاف بين الأطراف».

وفي حين حصل شبه توافق على الاعتماد المقرّر للسلسلة وهو 1200 مليار ليرة على أن يتجاوز هذا المبلغ في حال شملت المتقاعدين العسكريين، أشارت مصادر مالية ومصرفية لـ»البناء» إلى توافق سياسي بين الكتل النيابية لتمرير السلسلة بأي صيغة تحظى بقبول الجميع، لكنها لفتت الى أن «المسائل التي تواجه إنجازها هي كلفتها والضرائب المتعلق بها، وهل ستكون السلسلة ضمن مشروع الموازنة أم ستفصل عنها؟ وأوضحت أن «موضوع الضرائب على المصارف والعقارات لم يُحسَم في ظل الضغوط التي يتعرض لها عدد من النواب الذين تربطهم مصالح اقتصادية مع أصحاب المصارف والعقارات، مع إصرار قطاع المصارف والعقارات والشركات المالية على رفض فرض ضرائب على هذا القطاع لتمويل السلسلة».

وقالت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» إن «الأجواء إيجابية لجهة إقرار السلسلة، لكنها حذرت من مفاجآت سلبية في اللحظات الاخيرة، محذرة من تكرار ما حصل في الجلسات السابقة، حيث تم تطيير السلسلة والجلسة معاً قبل إقرار السلسلة بوقتٍ قليل»، وأكدت أن رئيس المجلس مصر على فصل السلسلة عن الموازنة، خصوصاً اذا كانت الموازنة ستحتاج المزيد من الوقت لإقرارها، ما يدفعنا الى إنجاز السلسلة ثم إقرار الموازنة عندما تنجز في اللجان. غير أن رئيس الحكومة أكد بعد الاجتماع أن «السلسلة ماشية غداً اليوم إن شاء الله».

وأكد وزير المال في تصريح بعد انتهاء اجتماع السراي أنه «بالاستناد إلى المناخ الذي ساد اللقاء اليوم ومواقف الكتل يمكنني القول إنني متفائل بإقرار سلسلة الرتب والرواتب». وأوضح «اننا تقدمنا كثيراً في موضوع السلسلة، وبتنا في المراحل الاخيرة للتفاهم الكامل حولها».

في المقابل، ناشدت لجنة المتابعة لمتعاقدي الادارة العامة والمشمولين بمشروع قانون 2001/5240 الرامي الى افادة المتعاقدين من نظام التقاعد وتقديمات تعاونية موظفي الدولة، في بيان، «الرؤساء الثلاثة والسادة النواب إقرار هذا المشروع المدرج على جدول اعمال الجلسة التشريعية في البند الرقم 10 لكونه يؤمن حداً أدنى لمقومات العيش لمتعاقدين خدموا الادارة العامة عشرات السنوات ويغادرونها بتعويض بخس لا يسدّ رمق جوع، بل يبقي هؤلاء تحت رحمة الأقدار».

«التغيير والإصلاح»: الموازنة خلال أيام وتتضمّن اعتماد السلسلة

وحضرت السلسلة والموازنة في الاجتماع الاستثنائي الذي عقده تكتل «التغيير والاصلاح» وأشار كنعان الى أن «هناك وفراً تأمّن بنتيجة الرقابة البرلمانية التي قامت بها لجنة المال والموازنة خلال مناقشة مشروع موازنة العام 2017 ويصل الى حدود الالف مليار، ما يعني أن إمكانية التوفير من الضرائب قائمة، والتمويل من خلال التقشف والاصلاح المالي الذي نقوم به ممكن ويحتاج الى تضامن الكتل النيابية كلها، مبشّراً بـ «أننا على بعد أيام من إقرار الموازنة التي ستشمل الاعتماد المقرّ للسلسلة، وسيتضح في ضوء إقرار الموازنة المشهد المالي العام، وسنكون أمام أمر جديد يمكن البناء عليه في كيفية التمويل، للتعويض عن الضرائب».

..واجتماع في المالية

وسبق اجتماع السراي، لقاء ممثلي الكتل النيابية في وزارة المالية بحضور خليل لمناقشة السلسلة، وأكد النائب شهيب في تصريح «أننا مصرون على سقف الـ 1200 مليار لسلسلة الرتب والرواتب».

كما وعقدت لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة كنعان وأقرت موازنات الزراعة والاعلام والثقافة والشباب والرياضة والمهجرين والشؤون الاجتماعية وعلقت بنداً في الشؤون بقيمة 170 مليار ليرة.

وأكد رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أن «هناك شبه توافق بين الكتل النيابية على تمرير سلسلة الرتب والرواتب بزيادات معقولة لكل الموظفين وبإنصاف، وأن ذلك سيشمل المتقاعدين».

وأمل رعد أن «يبدأ العمل لتحقيق هدف أساسي في هذه الفترة، وهو اقتلاع أوكار ما تبقى من إرهابيين في جرود لبنان الشرقية»، معتبراً «أن بقاء هذه الأوكار بات يشكل خطراً داهماً كشفت عنه العملية الاستباقية التي أنجزها الجيش اللبناني البطل حين داهم المخيمات الملاصقة لجرود عرسال وتعرّض فيها لتفجيرات انتحارية من قبل إرهابيين، كانوا يخططون للقيام بزرع عبوات وإرسال سيارات مفخخة لتحقيق تفجيرات في بعض البلدات والمدن البقاعية».

معركة الجرود بانتظار ساعة الصفر

ولم يحجب ملف سلسلة الرتب والرواتب الأنظار عن السلسلة الشرقية للحدود اللبنانية السورية، مع انتظار ساعة الصفر لبدء معركة جرود عرسال من الجهتين السورية واللبنانية، ووفق مصادر أمنية، أكدت لـ«البناء» أن «التطورات في جرود عرسال اللبنانية حيث يتموضع الإرهابيون تُنذر بقرب معركة قاسية وحاسمة».

المصادر الأمنية تقاطعت مع ما أكده رئيس بلدية عرسال لـ«البناء»، بأن المعركة باتت قريبة جداً، مشيرة الى «أن الأهالي بدأوا بسحب آلياتهم الزراعية ومعداتهم من المقالع المتواجدة في وادي حميد وجرود عرسال استجابةً لطلب الجيش»، لافتاً إلى أن هذا الطلب وحده كفيل «بقرب معركة وأن الجيش يحشد قوات إلى المنطقة».

وأمل الحجيري التوصل إلى تفاهمات وتجنيب المنطقة «جحيم المعركة»، وأكد «أن هناك أملاً في التوصل إلى تسوية تقضي بانسحاب المسلحين الى مناطق داخل سورية وعودة النازحين إلى بلدهم وإخلاء بعضهم من مناطق تواجد المسلحين لتجنيب المنطقة المعركة وسقوط الضحايا».

ولفت الحجيري إلى أن «النازحين الذين عادوا إلى بلداتهم وقراهم في سورية ناهز حوالي 600 نازح من أصل 90 ألفاً، لكن العبرة ليس في العدد بل بالعودة نفسها وفتح ثغرة في عودة النزوح السوري إلى سورية». مشيراً إلى أن قسماً من النازحين في مخيمات عرسال توجد لديهم الرغبة في العودة السريعة»، محذراً من «تداعيات المعركة على العراسلة والنازحين وهم يعون خطورة الوضع وحتمية النتائج».

مصادر معنية أكدت لـ«البناء» أن «أبومالك التلي أمير مجموعة «جبهة النصرة» في جرود عرسال «أصدر تعميماً لجميع عناصر النصرة بالاستنفار وانتظار المعركة القريبة».

وعلمت لـ«البناء» «أن الوحدات القتالية المعنية في حسم معركة جرود عرسال باتت على أتم الاستعداد والظروف أكثر من مؤاتية وضرورية لحسمها، ولم يبقَ أمام ذلك سوى قليل من الأيام التي لا تتجاوز نهاية الأسبوع».

ونفذ سرب من سلاح الجو السوري غارات مكثفة وعنيفة استهدفت تجمّعات رئيسية وخمسة مراكز حساسة اساسية للمسلحين الإرهابيين بينها وادي الخيل واللزابة وضهر الصفا في جرود عرسال». تلك المراكز المستهدفة تضمّ «مراكز الاتصال الإشارة والصواريخ وقذائف الهاون والعتاد وتجمّعات القيادة وتجمعات يعتمدها المسلحون للمنامة والتوجيه».

وإذ أشارت مصادر قناة «أو تي في» الى أن «معركة عرسال ستكون من الجانب السوري ودور الجيش سيكون دفاعياً، حيث سيتصدى لأي محاولة تسلل الى الداخل اللبناني»، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أن «الحرب الاستباقية التي يقوم بها الجيش ضد الارهابيين، تتم دائماً بناء على توجيهات السلطة السياسية برئاسة رئيس الجمهورية»، مشدداً على أن «من واجبات الإعلام أن يسأل ويستقصي ويستحصل على الادلة، قبل أن يكتفي بنشر اتهامات بحق مسؤولين».

المشنوق: كل الدعم السياسي للجيش

ووسط هذه الأجواء، استمرت تداعيات التظاهرة المشبوهة التي كانت مقررة اليوم ضد الجيش اللبناني، إذ صدر سيل من المواقف السياسية الشاجبة والمستنكرة بشدة لهذا الموضوع مع حملة شعبية متضامنة وحاضنة لجيشها، محذرة من التمادي في هذا السلوك والتطاول على المؤسسة العسكرية، فيما تحدثت معلومات عن توقيف الأمن العام أمس هاني ح. 24 سنة في تعمير عين الحلوة، بعد أن تبين أنه صاحب الصفحة المحرّضة ضد الجيش.

وأكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، أن «هناك تنسيقاً وتشاوراً دائمين بين الجيش اللبناني والسلطة السياسية، والجيش اللبناني ليس بحاجة الى تظاهرات داعمة، فله كلّ الدعم من السلطة السياسية»، مشيراً الى عدم الموافقة على طلب القيام بتظاهرات لأن لا مبرر لها. وشدد على ان الأمور تحت السيطرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى