لا يصحّ إلا صحيح المقاومة…
معن حمية
التاريخ ليس حكراً على المحطات الناصعة والسِّيَر النظيفة، فهو يحوي أيضاً وقائع وسيراً سوداء، فلو أنّ التاريخ استند إلى جانب واحد من حياة وتجارب ومواقف الدول والجماعات والأفراد، لما ميّزت الأجيال المتعاقبة بين الخير والشرّ، وبين الحق والباطل، وبين الكرامة والعمالة، وبين البطولة والخيانة.
التاريخ يسجّل الأفعال، فإذا كانت أفعالاً معبّرة عن قيم التضحية والعطاء، ومشرّفة في مقاومة الاحتلال والدفاع عن الأوطان ونصرة الحق، فهي حكماً محطات مضيئة تعتز بها الأجيال جيلاً بعد جيل. أمّا إذا كانت الأفعال موغلة في العمالة للعدو ولغرض مساعدة هذا العدو على فوز قواته، وفي ارتكاب الجرائم والمجازر المعروفة والموصوفة، فهذا يعني أنها أفعال قذرة، والقائمون بها متآمرون ومجرمون بحق شعوبهم وأوطانهم.
الأخطر والأدهى، أنّ البعض، وعن سبق جهل وغباء، يظنّ واهماً أنّ التاريخ مجرّد صياغات تمرّر لصالح هذه المجموعة أو تلك الجماعة، وأنه يستطيع تزوير التاريخ والعبث بمحطاته بمجرد إنزاله إلى مستوى أفعاله الوضيعة، لذلك رأيناه يحتفل بما يسمّيه، «النضال السري» بمشهدية نافرة، فيها إهانة مبطنة لمن شاركه الاحتفال، وتستحضر كلّ آثام التآمر والغدر والقتل والإجرام والمجازر والعمالة للعدو.
اللافت أنه ومنذ العام 2005، صارت المشهديات «موضة»، تستخدمها بعض القوى للتعمية على أمراضها المتأتية من نقص حادّ في الوطنية والانتماء والكرامة. وهو نقص يصيب قوى عديدة على امتداد الساحات العربية، وقد رأينا بعض هذه القوى، في حالة تراجع عن مقاومة «إسرائيل». وهو يتقدّم بملء الغريزة الطائفية في اتجاه المشاركة في الحرب على سورية.
عود على بدء، لقد حاولت «إسرائيل» أن تُخضع لبنان لها، بواسطة الحروب والاجتياحات والعملاء، وأتت في العام 1982 برئيس للجمهورية على ظهر دباباتها وبقوة الاحتلال. ولو قيّض للذي اختارته «إسرائيل» حاكماً على لبنان، أن يحكم، لكانت مهمة التحرير أصعب وكلفتها أكبر.
وعلى قاعدة «لا يصحّ إلاّ الصحيح»، فإنّ أفعالاً حصلت وغيّرت مجرى التاريخ، ورأينا نماذج عنها في عملية «الويمبي» وبطولة خالد علوان. وهي العملية التي شكلت فاتحة تحرير بيروت من الاحتلال اليهودي… فقد خرج اليهود من العاصمة وهم يعلنون بمكبرات الصوت أنهم راحلون.
وعلى قاعدة «لا يصحّ إلا الصحيح»، تواصلت عمليات المقاومة، وتحت وطأة ضربات المقاومين اندحر الاحتلال «الإسرائيلي» في العام 2000 عن معظم الأرض اللبنانية.
ولأنّه «لا يصحّ إلا الصحيح» انتصرت المقاومة على العدو الصهيوني في حرب تموز 2006، وهي الحرب التي أرادها هذا العدو للتعويض عن هزيمته في لبنان، مستغلاً حالة الانقسام اللبناني، كما كان حاصلاً عشية الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان عام 1982.
وعليه، قد يكون للتاريخ «اتجاه معيّن»، لكن ليس في الاتجاه الذي يرغبه أصحاب الرهانات الخاسرة الذين توهّموا بقدرة العدو على سحق المقاومة.
الصحيح، لا يأتي عن طريق «خبط عشواء»، بل بمقاومة هزمت «إسرائيل»، وهي اليوم تحارب الإرهاب في السلسلة الشرقية للبنان.
الصحيح، أنّ سورية أسقطت مشروع التقسيم في لبنان، ومخطط تصفية المسألة الفلسطينية، لذا، فإنّ كلّ مَن يناصب سورية العداء، هو في الضفة الأخرى، حيث «إسرائيل» والدول المتأسرلة و«داعش» وسائر المجموعات الإرهابية، نظراء وإخواناً.
ولأنه، «لا يصحّ إلا الصحيح»، فإنّ الاتجاه الصحيح هو الذي تقرّره الأفعال الكبيرة الصحيحة. وانظروا الى الإرهاب في جرود عرسال، إنه ينكسر ويحترق…
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي