حول اتفاق الغوطة
حميدي العبدالله
توصلت روسيا بالتعاون مع مصر إلى اتفاق يقضي بوقف القتال في «مناطق في الغوطة» وبديهي أنّ هذا الاتفاق شأنه شأن اتفاقات مماثلة، سواء في إطار أستانة، أو بين موسكو وواشنطن يجري اعتمادها بعد الحصول على موافقة الجيش السوري عليها، حيث يقتصر الإعلان عنها على روسيا والأطراف الأخرى، وتصدر القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أمراً يكرّس هذه الاتفاقات. ينطبق ذلك على اتفاق الغوطة، وقبل ذلك اتفاق المنطقة الجنوبية الغربية، واتفاقات «خفض التصعيد» في أستانة، والاتفاقات مع الولايات المتحدة في 28 شباط و9 أيلول عام 2016.
واضح أنّ اتفاق الغوطة يتميّز عن الاتفاقات السابقة بأمرين أساسيين، الأمر الأول، أنّ الاتفاق لا يشمل كلّ مناطق الغوطة، وجاء هذا الأمر واضحاً، عندما أشار بيان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة إلى أنّ اتفاق وقف إطلاق النار «في مناطق في الغوطة» أيّ ليس في كلّ الغوطة.
على هذا الصعيد، واضح أنّ الاتفاق يشمل مناطق سيطرة «جيش الإسلام» الذي وافق على الاتفاق، على أن تكون المناطق خاضعة لهذه السيطرة ولا تنازعه عليها جهات أخرى. أما المناطق الأخرى غير المشمولة بوقف العمليات، فهي مناطق سيطرة «فيلق الرحمن» وهو واحد من تشكيلات تنظيم القاعدة ومواقع جبهة النصرة. وبالتالي، فإنّ جوبر وعين ترما ومناطق أخرى غير مشمولة بهذا الاتفاق، الذي يتميّز بتحديد مناطق وقف إطلاق النار على عكس الاتفاقات الأخرى.
الأمر الثاني، الرعاية المصرية لهذا الاتفاق، وهذه هي المرة الأولى التي تدخل مصر طرفاً مباشراً. واضح أنّ المملكة السعودية الراعية والداعم لجيش الإسلام، أوكلت لمصر مهمة التفاوض حول هذا الاتفاق، لكي لا تظهر بمظهر المتراجع، ولكن من المعروف أنّ مصر في عهد الرئيس السيسي تتبنّى مقاربة من الأزمة السورية تختلف عن المقاربة السعودية والأميركية، وهي أقرب إلى روسيا في رؤيتها لكيفية الخروج من الأزمة، مصر ترفض الحلّ العسكري، وتدعو للحفاظ على مؤسسات الدولة، وتحديداً الجيش والقوى الأمنية في سورية، ولهذا كان الاتفاق أكثر وضوحاً وتحديداً من كلّ الاتفاقات الأخرى، سواء الاتفاقات مع تركيا أو الولايات المتحدة والأردن.
الأرجح أنّ هذا الاتفاق سيكلل بالنجاح على خلاف الاتفاقات الأخرى.