قالت له
قالت له: كيف أثق بك كما أثق بنفسي؟
فقال لها: عندما تميّزين الثقة عن الغرور.
فقالت: وهل تثق بي؟
قال: مثل نفسي.
قالت: أليست ثقتك لأنك تعلم نفسك وتعلمني فتعذر نفسك وتقدّرني؟
قال: هذا هو الغرور.
قالت: أليس هذا هو حال الأمور؟
قال لها: تعالي نتباسط لمرّة أخيرة قبل أن تقتلنا الغيرة. فإن لم يكن لديك منّي سبب للجدال فلِمَ تخترعين على النوايا القتال؟ ألا ترين كيف نحوّل لحظات اللقاء جحيماً وكيف يصير الجفاء مقيماً والحال سقيماً؟
قالت: وما عساي أفعل ما دام قلبي هو الذي يسأل؟
قال: أن تسأليه إن كانت ثقته معدومة فليتخذ قراره على أساس هذه المعلومة. فإن كان قادراً على الفراق فلا مبرّر للاختناق ولا للخناق. وإن راغباً بالوصل فليترك له المجال ولا يجعل الودّ والفرح طلباً للمحال.
قالت: يرغب بالوصال ويهوى الجدال ويريد الوئام ولا يثق بصدق الالتزام.
فقال لها: ثلج ونار تريدين وكلما انطفأت النار على الجرح ملحاً تسكبين. فهل هذا وعدنا بالحبّ والحنين؟
قالت: حتى تصل إلى برّ الأمان.
قال: سأذلّ وأُهان.
قالت: أو ترحل فأتحقق من صدق الظنّ وأرتاح.
فقال: حربك ستجعلني أترجّل وأطلب من حبّك السماح. فمن يبدّل الورد شوكاً ويقول هذا امتحان لا يعرف أن حُسن الكلام هو السلام، وحُسن الظنّ هو الوئام.
فقالت: دعني بشكوكي وخذ وقتاً لتفكّر، ومعك منّي ما يذكر. وطبعت قبلة على جبينه ومضت بجسارة. فذرف دمعة على منديله فقد ارتضى ما ارتضت وتقبّل ما تقبّلت. ما أصعب الخسارة!