عتاب الكراسي
نشأت على الوفاء، أعاتب عتاب الأبرياء!
وا أسفاً صدمت بمتطفلين
أيكون طفلاً بين أيديهم؟
تارة يضحكونك، وتارة يقذفون بك كطفل إلى أعلى ما بأيديهم لترجع إلى أحضانهم ألعوبة جردت حتى من تماسكها، ثم لتتفكك أجزاؤها من كثرة الاستخدام والاستهلاك.
ـ رفقاً أيها الواهم، لم أعد أعي ما أراه منك!
أهو الكرسي الدوّار أم الهزّاز، تغزّ جنباته فتأخذ حتى ما تبقى من أصالة، ونبالة أو تربية وعشرة ومبادئ؟
تارة يأخذك من نقطة أردتها ليجوب بك في فراغ حتى يصل الناحية الأخرى، فيبدأ دورة ثانية بعكس الاتجاه ويعيد الكرّة مرّات ومرّات وفي كل مرّة ينتفخ الرأس كبالون وتتثاقل الكلمات في لسان كأنما تلقاها من الزهايمر!
ما يقطع على العقل حتى التذكر، لتتصنع منع الخيرات. ثم لتتناسى من كنت تعده الأمان في وقت غدرات الزمان؟
أم أن المال أيضاً جعل من عدّة حياة ما آلة حاسبة تفيض من ألوان أزرارها أرقام المكاسب والهدايا وووو؟
أم هل العينان غشيت حولهما ذبابة الرؤيا، غرقت في زرقة ماء العيون فضاعت ملامحي امامها ولم تعد تعرف أو تتعرف على من كان وفياً يوماً ما؟
لا شك في أنك أيها الزهايمر الغاشي الدولاري !! واهم إلى درجة الخروج من كرسي الكتاب إلى كرسي هزّاز!
هل لأذنيك مسمع؟ هل تتمتع بفخامة الجلوس ورائحة جنون العظمة، أم انك وكما تقول الجدات وضعت الطنيشات عليهم كي لا توجعها بأنين سائل محتاج يقصدك؟
ها إنك في أيام الحظ والبخت، يا لسعادتك! ولكنك نسيت أن الدهر يومان يوم لك، ويوم عليك، وسترى!
يؤسفني القول أن رأيتك سابقاً إنساناً واليوم أراك ينقتل فيك الإنسان،. رأيتك سابقاً محتاجاً، وأراك اليوم للطمع وحب الظهور نعاجاً. فيك ومنك خراب البوم وما أكثره هذا اليوم، ازدادت الدنيا خراباً. ولم العتب والغصّة، طالما أعماك بريق الذهب والفضّة!
يا قاتل المكرمات، كثرت الملاحظات وضعفت الكلمات، وتعالت الصرخات، فما أنت فاعل؟ أم أنك اكتفيت بحلاوة اللسان عن منح الاحسان ايها الإنسان؟ أو انك نسيت أن لكل طريق ممرين ذهاباً وإياباً ولكل بداية نهاية؟ ألا حفظت خطّ الرجوع؟
هل أجد لسؤالي جواباً أم أنه لا يجدي العتاب؟ أيها الواهم، لم يعد للعتب مكان حتى في منطق العزاء. أيها الخارج حتى من شامك أعزيك عتاباً طويلاً، ولا عتاب!
وكما غنّت وأطربت بكلماتها فيروزة الصباح عتب الأحبة طويل. وا أسفي، فقد ضاع الإسم وضاع الفعل وضاعت الصفات، وبقيت الكراسي فارغة، فكانت النتيجة أنها تراءت الخيبات، ولا خيبات! وهيهات، هيهات!
د. سحر أحمد علي الحارة