العطّار: الكفاح والثقافة جناحان لكل تقدّم الأحمد: نردّ على الإرهاب والإجرام بالثقافة والحقّ والخير والجمال
رانيا مشوّح
من أرضها المغزولة حضارة وثقافة، أسدلت الستارة عن أكبر تجمّع ثقافي، تحت راية داعم الثقافة والإبداع، حيث افتُتح في الثاني من الشهر الحالي في مكتبة الأسد في العاصمة دمشق، معرض دمشق الدولي للكتاب التاسع والعشرون، تحت رعاية الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد.
المعرض ضمّ آلاف العناوين في الثقافة والعلوم المتنوعة من تاريخ وأدب وشعر وفكر ودين وكتب أطفال، كما شارك في المعرض 150 من دور النشر السورية والعربية والعالمية، من لبنان ومصر والعراق وفلسطين والأردن وإيران والدنمارك وروسيا.
حضر افتتاح المعرض عدد من الشخصيات الثقافية والسياسية في سورية، تتقدّمهم نائب الرئيس للشؤون الثقافية الدكتورة نجاح العطار، المهندس رامز ترجمان وزير الإعلام، ووزير الثقافة محمد الأحمد، وعدد من سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية في دمشق.
العطّار
وبعدما افتتحت العطّار المعرض، أدلت بتصريح صحافيّ قالت فيه: تحية إجلال ومحبّة إلى الرئيس بشار الأسد وإلى الجيش السوري المناضل وإلى شهداء الوطن الأبرار. إنه لحدث مهمّ أن نحتفل بعيد ميلاد تأسيس جيشنا العقائدي المناضل الشجاع بقيادة رئيسه البطل. إني لأشعر بسعادة بالغة وأنا أرفع هذه التحية للرئيس الذي قاد معاركنا بشجاعة باسلة، وعلّم الناس الصمود، ومنه استمدوا قوة العزيمة، من عزيمته التي لا يضاهيها حدث على الأرض، حين استعلنت الخيانات وامتدت أيدي أبناء العروبة إلى «إسرائيل» وقف صامداً يتحدّى كل هذه الأعاصير ويسير بموكبنا نحو التحرير والإيمان بضرورة حماية هذه الأمة ومعتقداتها وتاريخها.
اليوم تكتب سورية صفحات مشرقة متميزة من تاريخ يتّسم بكل ألوان البطولة التي أبداها جيشنا وشعبنا بقيادة رئيسه.
وأضافت: اليوم لم يكن ممكناً أن نفتتح هذا المعرض الذي استعاد حياته السنة الماضية من دون جهد وتضحيات حرّرت أرضنا وأدّت بهؤلاء الإرهابيين إلى مطاوي الهلاك، فهم لم يستطيعوا أن يحولوا دون بناء الحياة على أرضنا. دمّروا كل ما يرتبط بالمعرفة، المدارس والمستشفيات، المعاهد، الآثار، التراث، ولم يتركوا شيئاً إلا وحاولوا تدميره. لكنّهم تراجعوا وانهزموا وانكفأوا وسورية على وشك تسجيل الانتصار الكامل. ومن معالم هذا الانتصار افتتاح معرض الكتاب هذا. نحن الآن في رحاب المعرفة ونشهد كيف أنّ مطابعنا استمرت في طباعة أجمل الكتب وأروعها وأصدقها قدرة على تعليم المواطنين وتثقيف الناشئة وإعطاء الحياة وهجها المضيء. وكان أمراً رائعاً أن يزداد عدد البلدان المشاركة في هذا المعرض، عالمية وعربية، وهذا ما نعتزّ ونفتخر به ونعتبره خطوة كبيرة وهامة بعد أن تقاعس الأخوة العرب عن مدّ يد العون لسورية حين احتاجت إليهم، وهي الآن والحمد لله ليست بحاجة إلى أحد. لقد شقت طريقها نحو التحرّر والبناء وأعادت الحياة إلى ازدهارها وألقها. وهذا المعرض دليل من هذه الدلائل، أتمنى على أبناء شعبنا العظيم أن يزوروا هذا المعرض وأن يقدّموا لأولادهم هذا الغذاء الروحيّ المطلوب. وهذه الكتب ستُباع بحسم كبير من 30 إلى 70 في المئة، وذلك لَعَمري أمر هام إلى أبعد حدود الأهمية. أرجو أن تتاح الفرصة لاكتساب المعارف الهامة علماً وأدباً وفكراً، وهذا ما يوفّره لنا هذا المعرض. أوجّه التحية إلى الكتّاب والمبدعين والعلماء الذين استمرّوا في تأدية دورهم في التأليف والكتابة كما تؤدّي دور النشر دورها في نشر هذه الكتب. ولعلّه من المهم أن نتذكر أن وزارة الثقافة تقدّم هذا الغذاء الروحي آثاراً وكتباً وأدباً وفلسفة وعلماً وفكراً، وسيستمر هذا النهوض بهمّة ودفع من رئيس هذه البلاد، كي يحقّقوا الخطوة الحضارية المطلوبة، والطموح الذي نسعى إليه دائماً في استنهاض سورية وتحقيق أيامها المقبلة متوّجة بالمعارف والحِكَم والنضال. الكفاح والثقافة لا يفترقان، هما جناحان لكلّ تقدّم وهما ما عاش في سورية وما تجسّد فيها.
الأحمد
كما تحدّث وزير الثقافة محمد الأحمد قائلاً:افتتاح هذا المعرض يتزامن مع انتصارات الجيش السوري. لجيشنا البطل ولشهدائنا الأبرار ولشعبنا الحبيب نوجّه كلّ التحية والإجلال والإكبار. وأضاف: أستطيع القول إننا اليوم نقيم هذا الحدث الثقافي لنبرهن أن سورية كانت ولا تزال موطن الأبجدية والحرف والثقافة. نحن تمكنّا عبر الثقافة وعبر كلّ هذه الكتب التي ترونها أننا كنا نردّ على القتل والإجرام وأكل الأكباد واقتلاع القلوب دائماً بالثقافة والحقّ والخير والجمال. نحن اليوم في معرض الكتاب لدينا هذه السنة مشاركة كبيرة، إذ تضاعفت المشاركة عن السنة الماضية، وستقضي دمشق من ساحة الأمويين، هذا المكان الرمز، أياماً مع الثقافة والحبّ والخير والجمال، يستند إلى أيام كثيرة موغلة في التاريخ. سورية استهدفت بحكم تراثها المجيد وثقافتها الأصيلة النبيلة، شكراً لكل الذين آزرونا في هذا الافتتاح وكل الشكر لسيّد الوطن على دعمه اللامحدود للثقافة وكل الأنشطة التي تقوم بها وزارة الثقافة.
ترجمان
وقال ترجمان في تصريح مماثل: تتعرّض سورية إلى عدوان على مستوى العقل والفكر، يهدف إلى تغيير وجه المنطقة وتشويه الإرث الحضاري والتاريخي والانساني والثقافي السوري. وما نشهده اليوم في هذا المعرض من خلال الكتب المتنوّعة والعناوين المختلفة، رسالة مهمة جدّاً ترسلها سورية إلى العالم بأن ثقافة الحياة أقوى من ثقافة الموت وسفك الدماء وتدمير الحضارات، وأن سورية ولّادة للثقافة والإبداع، وأنّ الكتاب سوف يبقى غذاء الروح لدى المواطن السوري، وسوف يعود بألقه ووجوده لينشر الثقافة والوعي وتعزيز الانتماء الوطني لدى المواطن السوري. معتبراً أنّ معرض الكتاب وبهذا الحجم الكبير يليق بسورية وبشهدائها وبجيشها.
الصالح
بدوره، قال الدكتور نضال الصالح رئيس اتحاد الكتّاب العرب: نحن في اتحاد الكتّاب العرب نتشرف أن نكون رافعة أساسية في الفعاليات الثقافية المرافقة لمعرض دمشق الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين. على مدار أيام المعرض ستنطلق فعاليات اتحاد الكتّاب العرب بما نستطيع أن نصطلح عليه بفكرة طازجة تعني الكتّاب والمثقفين في سورية الذين كانت للحرب آثار مباشرة فيهم على المستوى الشخصي. حيث تعرّضوا لآلام الحرب الحاقدة. في الوقت نفسه مجموعة من أبنائهم وقعت عليهم آثار مباشرة بسبب الحرب. لذا ستكون لهم شهادة شخصية عمّا تعرضوا له في هذا المجال، ستعقبها وثائق عن الحرب، ومهرجان شعري وقصصي وندوة فكرية بعنوان «الحرب على سورية».
حافظ
ونوّه رئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم حافظ باستمرارية معرض الكتاب والذي بات من المعارض المهمة على صعيد العالم العربي بعد انقطاع لأربع سنوات من جرّاء الحرب على سورية. مبيّناً أنه كان هنالك تحدّ بضرورة استمرار المعرض، معرباً أيضاً عن طموح الجهات القائمة على المعرض أن يكون في السنة المقبلة من بين المعارض الثلاثة الأولى على مستوى العالم العربي.
صالح
مدير مكتبة الأسد الوطنية صالح صالح لفت إلى التوسّع الكبير الذي شهده المعرض هذه السنة، حيث أتيحت الفرصة أمام كلّ من تقدّم بطلب للمشاركة. مشيراً إلى أن معرض دمشق الدولي للكتاب يلبّي حاجة رئيسة للإنسان، لا حالة رفاهية ولا ترف، وأصبح نقطة علامة بتاريخ دمشق المعاصر.
ورأى صالح أنّ إقامة معرض الكتاب في مكتبة الأسد في هذا الوقت بالذات دليل على أن سورية المتعافية والمنتصرة هي الباقية وأنها توجّه جهودها لإعادة البناء والاعمار بدءاً من الانسان عبر الكتاب الذي يخاطب أسمى ما فيه وهو عقله.
زين الدين
وقال مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور ثائر زين الدين إنّ الهيئة تشارك في المعرض بتنوّع شديد شمل جميع وجوه المعرفة والأدب بأجناسه المختلفة، إضافة إلى الكتب المترجمة والفنّ التشكيلي والدوريات والكتب الناطقة بهدف تعزيز رسالة الثقافة. والغرض من إحداث الهيئة عبر المساهمة في تطوير الحركة الفكرية والثقافية ونشاطات القراءة وصناعة الكتاب.
كما تحدّث زين الدين إلى «البناء» قائلاً: مشاركتنا من خلال روايات ومجموعات قصصية وشعرية ليست فقط عربية، ولكن هناك أيضاً أعمالاً مترجمة عن لغات مختلفة. سنجد كتباً تعنى بالفنّ التشكيلي وكتباً تسلّط الضوء على الفنّ السابع. كما أطلقنا مشروع الكتاب الناطق أو الإلكتروني لذوي الاحتياجات الإضافية، كي يتلقوا المعرفة والثقافة من خلاله.
لقاءات
«البناء» التقت عدداً من الفاعليات الثقافية والاجتماعية على هامش افتتاح المعرض. ومنهم الشيخ فادي برهان، نقيب «أشراف ريف دمشق» الذي قال: دائماً وأبداً هناك من يحاول أن يلعب على الوتر الحسّاس ليجعل من الدين رمزاً للتخلّف. الدين بشكل عام علم ومعرفة وثقافة وأدب وأخلاق وسلوك. لا يمكن فصل كلّ هذه المفاهيم عن الدين. هذه المفاهيم هي كتلة ومنظومة متكاملة يسعى من خلالها الإنسان إلى أن يحقق السعادة لنفسه ولغيره. واليوم نشارك في معرض مكتبة الأسد في دمشق، لنؤكد أن الدين لا يمكن أن يكون على حياد إزاء الحياة. فالدين والحياة والثقافة والعلم والسلوك والأخلاق كتلة واحدة، ونحن موجودون في جميع الساحات، والدين قادر على التدخل إيجابياً بشكل متسامح ومسالم على جميع الأصعدة وبمختلف السلوكيات.
أما رسلان علاء الدين، مدير «دار رسلان للطباعة والنشر والتوزيع»، فأوضح أن داره عرضت كثيراً من الكتب المترجمة من الآداب الانسانية العالمية، لا سيما الأدب الروسي. كما عرضت الدار كتباً لشعراء عرب ينتمون إلى مدارس شعرية متباينة. مشيراً إلى أن جناح الدار في المعرض يضمّ كتباً في التراث والنقد الأدبي القديم والأدب العربي، فضلاً عن كتب علم التنمية البشرية وتنمية الطاقات الإيجابية عند الإنسان.
غسان عرابي المسؤول جناح «دار المعرفة» قال: نحن من مؤسّسي معرض دمشق الدولي للكتاب، ونحن مختصّون في مصحف التجويد لدار المعرفة والقراءات، هناك ترجمة للمصحف لعدد من اللغات كالانكليزية والفرنسية والتركية والألمانية والإسبانية والصينية، إضافة إلى القلم الناطق وهو الإضافة في هذا المعرض.
مسؤولة القسم الإعلامي في مجلة «الأدب العلمي» في جامعة دمشق هلا رضوانيان قالت: نحن مجلة تابعة لجامعة دمشق، وهي أول مجلة عربية أقيمت في سورية وفي جميع الجامعات تحت ثلاثة محاور، الأول يختص بالمحاور العلمية والخيال العلمي والتي يشارك بها دكاترة من جامعة دمشق أو أيّ شخص مؤهل لكتابة الخيال العلمي. والثاني دوائر الإبداع التي تصدر كل ثلاثة أشهر، وكتاب الشهر وهو كتاب تخصّصي يكتب فيه دكاترة الجامعة ضمن اختصاصات معينة.
وأضافت: مجلتنا في متناول الجميع، فسعرها رمزيّ، وهذه المشاركة الثانية لنا في المعرض ولنا الشرف في هذه المشاركة ونتمنّى أن نحقق الفائدة المرجوة.
كما تحدّث محمد لالا مسؤول قسم الأطفال في «دار الفكر» قائلاً: هذه ليست المرّة الأولى التي نشارك فيها بالمعرض. العناوين في هذه السنة جديدة نوعاً ما، هناك ما يربو على ثلاثين عنواناً من الإصدارات الجديدة، أغلب منتجاتنا للأطفال والناشئة من خلال وسائل تعليمية تنمّي مهارات الطفل الحسّية والحركية واللغوية ومهارات الذاكرة والتركيز. كتب الأطفال التي تزرع القيم لدى الطفل وعدد آخر من الكتب التي تهتم بنشاطات الأطفال كالقصّ والتصوير. لدينا عروض وحسومات تصل إلى خمسين في المئة، عدد من الهدايا للجمهور.
في حين قالت فلك التلّي مسؤولة «دار أجيال الغد» عن مشاركتها: نحن نهتمّ بكتب الأطفال والقصص الدينية للأطفال مثل المسابقات والتسالي. هناك أشياء جديدة في هذا المعرض كالقصص التفاعلية للأطفال تحت عنوان «كتابي الكبير»، هناك قصص تحكي عن الآيات القرآنية، مشاركتنا عبارة عن 200 عنوان، هذه المشاركة ليست الأولى فكلّ سنة نشارك وسنبقى نشارك.
كما قال قصي أحمد المسؤول عن جناح «دار صفحات»: مشاركتنا أتت من خلال عناوين متنوّعة، كتب شعر، أدب، مقارنة أديان، عدد العناوين المشاركة فوق المئة. وهناك تخفيضات على الكتب، مشاركتنا في المعرض ليست الأولى فنحن نشارك كلّ سنة وسنستمرّ في دعم الثقافة في سورية.
في السياق نفسه، قال موفق حافظ المسؤول عن جناح «دار الحافظ»: لدينا عناوين جديدة هذه السنة وتخفيضات كبيرة بنسبة 35 في المئة. هناك كتب تفيد اليافعين والراشدين، وهناك روايات حديثة وكتب دينية وتربوية، مشاركتنا بما يقارب 500 عنوان جديد من إنتاج السنة الحالية.