البحري: الإرهاب مرتبط عضوياً بالعدوّ الصهيونيّ
أقامت مديرية خربة الشياب التابعة لمنفذية حرمون في الحزب السوري القومي الاجتماعي، لقاء حوارياً لمناسبة ذكرى استشهاد الزعيم أنطون سعاده، وذلك في صالة المركز الثقافي العربي في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق الجنوبي، وبالتعاون مع فرع ريف دمشق في الجبهة الوطنية التقدمية.
حضر اللقاء إلى جانب منفذ عام حرمون أسعد البحري وأعضاء هيئة المنفذية، منفذ عام القنيطرة صالح حسين، المهندس محمد كبتولة ممثلاً رئيس فرع الجبهة التقدمية الدكتور أحمد همام حيدر، عدد من مسؤولي فروع «القومي»، وممثلون عن الفصائل الفلسطينية، عدد من المثقفين، وجمع من القوميين والمواطنين.
استُهلّ اللقاء بنشيد الجمهورية والنشيد الرسمي للحزب السوري القومي الاجتماعي، ثم الوقوف دقيقة صمت تحية إلى سعاده وشهداء الحزب والأمة. وكانت مداخلة لعضو قيادة فرع ريف دمشق في الجبهة الوطنية التقدمية المهندس محمد كبتولة.
وألقى مدير مديرية خربة الشياب محمد صالح كلمة تعريف وتقديم رحّب فيها بالحضور، ثمّ تحدّث عن معاني المناسبة وما تحمله من قيم في الفداء والتضحية، والتي شكّلت قدوةً للقوميين الاجتماعيين في البطولة والفداء، وهذا ما يتجلّى في الدور الذي يقوم به نسور الزوبعة في الشام، في مواجهة الإرهاب.
البحري
ثمّ ألقى منفذ عام حرمون أسعد البحري محاضرة تحت عنوان: «دور القوى والأحزاب الوطنية في مقاومة ظاهرة الإرهاب»، عرف من خلالها مفهوم الإرهاب وظاهرته في المجتمعات الإنسانية، وتطرّق إلى الإرهاب في سورية وباقي كيانات الأمة والعالم العربي.
وأكد البحري أنّ الإرهاب مرتبط عضوياً بالعدوّ الصهيونيّ الذي هو عدوّ وجوديّ، وبالتالي مقاومته تشكّل قدراً لا خياراً، ومن واجب القوى والأحزاب الوطنية مرافقة انتصار الجيش السوري ونسور الزوبعة وكتائب البعث وكل القوى الحليفة، بنشر الثقافة المعاكسة لثقافة الإرهاب، وهي ثقافة وحدة المجتمع السوري، التي توحّد ولا تفرّق، وتؤدّي إلى بناء الإنسان المجتمع أي الإنسان الجديد الذي دعا إليه أنطون سعاده.
وقدم البحري فكرة مبسطة عن الإرهاب في سورية وفي العالم العربي، لافتاً إلى أن المنظمات الدولية وبالأخص الأمم المتحدة تعتبر الإرهاب شكلاً من أشكال العنف المنظم، وسرى شبه اتفاق عالمي على أعمال عنفية كثيرة أنها إرهابية، مثل الاغتيال والتعذيب واختطاف رهائن واحتجازهم وتفجير القنابل والعبوات الناسفة واختطاف وسائط نقل عامة أو خاصة أو تفجيرها وتفخيخ رسائل، وحالياً إرهاب قراصنة الإنترنت ووسائط الاتصال والتواصل الاجتماعي.
الإرهاب هو العمل العنفي المتعمد والذي تقوم به جماعات غير حكومية، مباشرةً أو عن طريق عملاء سريين بدافع سياسي ضد أهداف مقاتلة أو غير مقاتلة، وهدفها تخريب البنى التحتية والترهيب الفكري للتأثير على الجماعات البشرية وترويعها، والضغط عليها للنيل من وحدة المجتمع فيها وتحويلها إلى قطعان بشرية تسير وراء أمراء الحرب بلا إرادة. وقد تواجدت هذه الحالات في أنحاء سورية ومحيطها، العراق والأردن ولبنان، وفي نواحي عدّة من العالم العربي، وتعمل وما زالت بالتخريب الذي لا يمكن أن يكون في صالح البلاد والعباد ولا يُرضي العقل الذي هو «الشرع الأعلى».
وفي سياق الاجابة على سؤال حول الإرهاب كظاهرة طارئة على المجتمعات الإنسانية أم طبيعية متأصلة، لفت البحري إلى أن ظاهرة الإرهاب قديمة وتكررت في التاريخ منذ الإمبراطورية الرومانية فالبيزنطية مروراً بما بعد الثورة الفرنسية ومطلع القرنين العشرين والواحد والعشرين، وتجسد في نشوء الكيان اليهودي في فلسطين المحتلة القائم أصلاً على الإرهاب المنظّم، مشيراً إلى أن قادة العدو يحاولون تسويق إرهابهم على أنه حركة تحرر.
أما بالنسبة إلى ظاهرة إرهاب الدولة أو دولة الإرهاب فالكيان «الإسرائيلي» يثبت كل يوم أنها دولة إرهابية، وهي تحقق الشكل الأمثل لما يسمى دولة الإرهاب، أو إرهاب الدولة، فممارسات جهازيها العسكري والمدني اليومية لا تخلو من ترويع أبناء شعبنا في فلسطين والجولان المحتلين.
وفي سياق متصل أشار البحري إلى عملية اغتيال الزعيم أنطون سعاده الذي كان من أوائل الذين كشفوا حقيقة الإرهاب الذي تمارسه الحركة الصهيونية في فلسطين من اجل إقامة كيانها الإرهابي في فلسطين، ولذلك عمدت إلى ترهيب أبناء فلسطين وتهجيرهم من أرضهم ومنازلهم، وكان تأسيس سعاده الحزب السوري القومي الإجتماعي كخطة معاكسة للخطة الصهيونية.
ظاهرة الإرهاب في بلادنا والعالم
وعلى صعيد نمو ظاهرة الإرهاب، لفت البحري إلى أن شعبنا السوري خاصةً وشعوب العالم العربي عامةً لم تكن لديها تاريخياً ثقافة الإرهاب إلا في ما ندر، وكانت هناك حوادث فردية وصراعات دموية على السلطة، حصلت بين فريق حاكم وفريق يرى في حكمه مخالفةً أو هو يطمع في السلطة ويعمل لإقصاء الحاكم، فيحدث قتل وتشريد وما إلى هنالك، لكن سرعان ما تستقر الأمور مع الحاكم الجديد ويتابع الشعب حياته بأمان.
أما اليوم للأسف، فطاولت ظاهرة الإرهاب شعبنا وعششت في زوايا مدننا وقرانا وتوفرت البيئة الحاضنة له، لكن سرعان ما بدأت تلك الحواضن والبيئات باكتشاف الخطأ ثم التراجع، لكن ذلك التراجع ليس بالأمر السهل، فكما أنه لم يكن دخول الإرهاب وانتشار ثقافته بين ليلةٍ وضحاها، كذلك فإن اقتلاع آثاره لن يكون سهلاً وسريعاً، بل سيتطلب ذلك أكلافاً كبيرة.
لقد أصبحت ساحات الدول الكبرى والصغرى في كافة أنحاء المعمورة والمجتمعات الإنسانية المعاصرة تنتشر في جوانبها ظاهرة الإرهاب المنظم، وأرخت بنتائجها وظلالها المؤلمة ودمائها على العالم أجمع، وقد جهد الإعلام اليهودي الظاهر والمستتر والإعلام الصهيو ـ إمبريالي، إلى إلصاق تلك الظاهرة بالجنوبيين السوريين أي الفلسطينيين أولاً ومناصريهم ثانياً ومن ثم بالعرب عموماً وبالإسلام لاحقاً، لكن الحقيقة أن الإرهاب ليس حكراً على أتباع ديانة محددة، فهو ناتج عن عقول متمردة سقيمة ظلامية.
وختم البحري مشيراً إلى أن مسألة الصراع مع اليهود باتت واضحة بأنها صراع وجود، فلو كان الصراع حدودياً لحُلت المسألة الفلسطينية وانتهت منذ عشرات السنوات، وأشار أن في منطقتنا مشروعان: الأول قومي، والثاني مشروع يهودي صهيوني يتجلى بدولة «إسرائيل»، والصراع الدائر سيتجلى في النهاية بإحدى نهايتين لا ثالثة لهما، إمّا أن تحيا دولة العدو أو تحيا سورية، وعلى الجميع أن يحدّدوا موقفهم، ويجب ألا نؤخذ بالاتفاقيات من كامب ديفيد الأولى والثانية إلى وادي عربة وأوسلو وغيرها من مؤتمرات التطبيع.
الإرهاب الماثل والمستشرس في بلادنا هو عدو وجودي، ومرتبط عضوياً بالعدو الصهيوني، وقد انفضح ذلك رسمياً في أروقة العالم أجمع، فكل من دعم الإرهاب أضحت علاقته بـ«إسرائيل» علنية، وكل من ارتبط ودعم وخطط حتى الأتراك الذين يحتلون أجزاءً من شمال الوطن أيضاً في عقيدتنا هم أعداء وجود، ومن واجب القوى والأحزاب الوطنية مكافحة ظاهرة الإرهاب ليس فقط بالبندقية، بل عبر نشر الثقافة المعاكسة لثقافة الإرهاب ثقافة المجتمع السوري الواحد، وغسل ما لحق بأذهان الكثيرين من حقد وكراهية لاستبدال المفاهيم الخاطئة والمشوّهة حقيقةَ شعبنا الذي فيه كل الحق والخير والجمال، واستبدال ثقافة الحرب والإرهاب بثقافة الحياة الإنسانية الراقية التي نأمل بها لأبنائنا ومستقبلهم من وحدة مجتمع ورقي، وبالتالي يجب متابعة الانتصار العسكري ومرافقته بمقاومة ثقافية، وإلا سيكون الانتصار منقوصاً.
وفي سياق المواجهة، فإن حزبنا الحزب السوري القومي الاجتماعي أطلق دعوةً ومبادرةً لقيام «الجبهة الشعبية لمقاومة الإرهاب» لتعميم ثقافة المجتمع الواحد والإنسان المجتمع ونشرها.