لافروف يحذّر: الخطر «كبير جداً» وعلى واشنطن المبادرة لنزع الفتيل
حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، من أنّ «مخاطر اندلاع نزاع بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية كبيرة جداً»، ملمّحاً إلى أنه «يعود لواشنطن القيام بخطوة أولى من أجل نزع فتيل الأزمة».
وقال لافروف خلال منتدى شبابي نقل التلفزيون وقائعه «إنّ المخاطر كبيرة جداً، وخصوصاً بالنظر إلى الخطاب المستخدم، حين ترد تهديدات مباشرة باستخدام القوة»، ورأى أنه يتحتم على «الأكثر قوة وذكاء القيام بخطوة للابتعاد عن النهج الخطير»، معرباً عن «قلق بلاده».
ولم يشر لافروف إلى تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير بأنّ «الحلول العسكرية جاهزة للتنفيذ في حال تصرفت كوريا الشمالية من دون حكمة»، لكنه أشار إلى أنّ موسكو «قلقة للغاية».
وأكد أنّ على الولايات المتحدة أن «تتخذ الخطوة الأولى لنزع فتيل التوتر باعتبار أنها البلد الأقوى».
وقال «حين يوشك قتال أن يندلع، فإنّ الخطوة الأولى للابتعاد عن النهج الخطير يجب أن يأخذها الجانب الأقوى والأذكى».
وأكد أنّ روسيا ستبذل «كل ما في وسعها لتجنّب مواجهة بين البلدين»، مذكراً بأنّ «موسكو وبكين اقترحتا مراراً أن يتزامن وقف التجارب النووية والبالستية الكورية الشمالية مع وقف التدريبات العسكرية المشتركة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية».
وقال رئيس الدبلوماسية الروسية: «إنّ على زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون تجميد إجراء تجارب نووية أو إطلاق صواريخ بالستية، بينما على الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تجميد التمارين العسكرية التي تستخدمها كوريا الشمالية دائماً كحجّة لإجراء التجارب وإطلاق التصريحات عن اعتمادها على قوتها النووية».
وأضاف: «إنّ التجميد المزدوج سيكون خطوة باتجاه تحقيق هدف نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية».
لكنه استدرك قائلاً: «إنّ واشنطن ترفض ذلك بحجة أنّ التجارب النووية وعمليات اطلاق الصواريخ من جانب كوريا الشمالية يحظرها قرار لمجلس الأمن الدولي يجب احترامه، في حين أنّ التدريبات العسكرية لواشنطن وسيول لم يمنعها أيّ طرف مطلقاً».
وأضاف لافروف «للأسف فإنّ الخطاب في واشنطن وبيونغ يانغ بدأ يصبح مبالغاً فيه، نأمل في أن يسود المنطق»، مشيراً إلى أنّ «موسكو لا تقبل بامتلاك كوريا الشمالية أسلحة نووية».
وتوعّد ترامب مجدداً أمس بـ«استخدام القوة ضدّ كوريا الشمالية»، مؤكداً أنّ «الخيار العسكري جاهز للتنفيذ» رغم دعوة الصين إلى ضبط النفس في محاولة لتهدئة الحرب الكلامية غير المسبوقة بين واشنطن وبيونغ يانغ.
وكتب ترامب على موقع «تويتر» أنّ «الحلول العسكرية وضعت بشكل كامل حالياً، وهي جاهزة للتنفيذ في حال تصرّفت كوريا الشمالية من دون حكمة. نأمل أن يجد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مساراً آخر!».
في ما ردّت عليه وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية واصفة إياه بأنه «شخص بغيض مهووس بالحرب النووية».
وأضافت أنّ «ترامب يقود الوضع في شبه الجزيرة الكورية إلى شفير حرب نووية».
وعلّقت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من برلين «لا أرى حلاً عسكرياً لهذا النزاع»، مضيفة أنّ «ألمانيا ستشارك بشكل مكثف في خيارات الحلّ غير العسكرية، إلا أنني أرى أنّ التصعيد الكلامي هو ردّ خاطئ».
وفي وقت سابق، حضّت الصين كلاًً من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية على «تخفيف التصعيد».
ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غينغ شوانغ في بيان واشنطن وبيونغ يانغ إلى «الابتعاد عن المسار القديم في تبادل استعراض القوة ومواصلة تصعيد الوضع»، معتبراً أنّ «الوضع الحالي في شبه الجزيرة الكورية في غاية التعقيد والحساسية».
وأضاف «ندعو الأطراف المعنية إلى توخّي الحذر في أقوالهم وأفعالهم، والمساهمة بشكل أكبر في تخفيف التوترات وتعزيز الثقة المتبادلة».
وكان قد أشار ترامب أول أمس إلى أنّ «الاكتفاء بتصعيد اللهجة حيال الدولة المعزولة ربما لم يكن قاسياً بما فيه الكفاية» بعدما كان حذر بمواجهتها بـ «الغضب والنار» في حال واصلت تهديداتها للولايات المتحدة.
وفي تصريحاته الجديدة، حذر ترامب كوريا الشمالية من أنّ عليها «أن تقلق كثيراً جداً من عواقب مجرد التفكير في ضرب الأراضي الأميركية»، بعدما أعلنت بيونغ يانغ أنها تحضر خططاً لإطلاق صواريخ تجاه جزيرة غوام الأميركية في المحيط الهادئ.
ورفض الرئيس الجمهوري الانتقادات الموجّهة للتحذير الذي أطلقه الثلاثاء، مشيراً إلى «تهديدات نظام كيم لواشنطن وحلفائها».
وقال ترامب «حان الوقت لأن يدافع شخص ما عن سكان بلادنا وسكان دول أخرى».
وأضاف «أنّ الصين، حليفة بيونغ يانغ الأبرز، تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك بكثير، لممارسة ضغوط على كيم لحضه على وضع حدّ لبرامج بلاده النووية والبالستية»، في انتقاد لم يعلق عليه وزير الخارجية الصيني في بيانه.
لكنّ مسؤولاً في البيت الأبيض أوضح أنه «ينبغي عدم التعامل مع تصريحات ترامب بوصفها إشارة إلى عمل عسكري وشيك».
وقال المسؤول طالباً عدم كشف هويته «هناك خطط عسكرية لغالبية الأزمات في العالم، وهذه الخطط يتم تحديثها باستمرار ونقدّم خيارات للرئيس. ليس ثمة جديد».
وأكد الجيش الأميركي أمس، أنه «مستعد للقتال إذا أمر الرئيس بذلك».
وقال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل روب مانينغ «نحن في أقصى حالة جهوزية لمواجهة الخطر الكوري الشمالي بالتعاون مع حلفائنا وشركائنا في المنطقة».
وتأتي تصريحات ترامب بعدما أعلنت كوريا الشمالية خطة مفصلة لإطلاق أربعة صواريخ عبر اليابان إلى غوام، حيث ينتشر 6000 جندي أميركي.
وأشارت كوريا الشمالية إلى أنّ «خطتها لاستهداف محيط الجزيرة التي تُعدّ موقعاً رئيسياً للجيش الأميركي غرب المحيط الهادئ، تشكل تحذيراً أساسياً للولايات المتحدة، حيث إنّ القوة المطلقة وحدها سيكون لها تأثير على الرئيس الأميركي الفاقد للإدراك».
وبحسب خطة كوريا الشمالية المرتبطة بغوام والتي نشرت بيونغ يانغ تفاصيلها بخلاف العادة، «سيتم إطلاق أربعة صواريخ بصورة متزامنة تعبر فوق مناطق شيمان وهيروشيما وكويشي اليابانية».
وأفادت الخطة «أنّ الصواريخ ستحلق 17 دقيقة و45 ثانية على مسافة 3356.7 كلم وتسقط في البحر على مسافة 30 أو 40 كلم من غوام، مباشرة خارج المياه الإقليمية الأميركية».
وأوضح محللون أنه في حال تم فعلاً إطلاق الصواريخ، فستجد واشنطن نفسها في «موقف حرج». فإن لم تحاول اعتراضها، ستتضرّر «مصداقيتها» وسيدفع ذلك بيونغ يانغ إلى «المضي قدماً واختبار صاروخ بالستي عابر للقارات».
ولكن إذا حاولت اعتراضها ونجَحَ صاروخ في اختراق دفاعاتها، عندها ستكون فاعلية المنظومة الدفاعية الأميركية «موضع تشكيك».
أما في كوريا الجنوبية، فتعالت الدعوات لسيول من أجل «تطوير أسلحة ذرية خاصة بها في ضوء الوضع»، حيث أكدت صحيفة «كوريا هيرالد» أنّ «الوقت قد حان لإعادة النظر في التسلح النووي».