الأطماع التركية في الشمال السوري تمتطي صهوة «داعش»…!

محمد ح. الحاج

يبدو أنّ اتفاقية جوبيه أردوغان للعام 2010، والتي تنصّ على إطلاق اليد التركية في محافظتي حلب وإدلب لم تعد كافية، وربما جرى تطويرها سراً لتشمل الشمال السوري كله بما في ذلك محافظتي الرقة ودير الزور، على أن لا تتعدى حدود الفرات شرقاً للحفاظ على مشروع الدولة الكردية، فهل أطلق التحالف اليد التركية لتنفيذ المخطط الجديد ولكن من بوابة تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر الآن على شريط يمتدّ لمسافة مائتي كيلو متر وبعمق يتراوح بين الخمسين والخمسة وعشرين كيلو مترا؟

التحالف يستخدم القنابل الصوتية والدخانية والذخائر الخلبية!

كيف لتنظيم «داعش» أن يستمر في التقدم نحو عين العرب النقطة الوحيدة الباقية ضمن الشريط – وقوات التحالف تقصف خطوط إمداده وتجمّعاته حول المنطقة، إلا أنّ يكون القصف بقنابل صوتية وذخائر خلّبية لا تؤثر على مسيرة الهجوم، فيستمرّ في التقدّم، في الوقت الذي تمنع تركيا دخول مقاتلين أكراد من أراضيها لنجدة إخوانهم من قوات حماية الشعب الكردي، كما تحاصر عين العرب على طول الحدود معها، وتشترط على الأكراد قطع التواصل مع دولتهم الحقيقية سورية ونقرأ في ذلك نوايا مبيّتة في العمل التمهيدي لفصل المنطقة كما فصلت غيرها من الأراضي السورية المحتلة وآخرها لواء الاسكندرون.

تركيا لا تحارب «داعش» بل تمتطي صهوته لتحقيق أطماعها بتوافق وتنسيق تام مع التحالف الدولي، وهو في حقيقته ليس دولياً، وإنما مجموعة الأتباع الذين تقودهم أميركا، ويبدو أنّ الاتفاق مع قيادة التحالف تضمّن إعلان الدولة التركية الانضمام إلى محاربة «داعش» شكلاً بينما يسرح عناصر التنظيم في البلدات التركية بلباسهم وأسلحتهم، ومنها كاكالى وغيرها، وقد ظهروا في مقاطع فيديو نشرتها مواقع تركية، ويستخدمون وسائل النقل التركية، ويعالجون جرحاهم في مشافيها، ويستمرّ تدفق المقاتلين الغرباء من كلّ أصقاع الأرض عبر الحدود التركية وبتسهيل من استخباراتها…! أية مسرحية تلعبها حكومة حزب العدالة والتنمية التركي؟

حكومة الظلّ العالمية تطمس الحقيقة

بايدن نائب الرئيس الأميركي بعد أن اعترف بجانب من الحقيقة، تضطره حكومة الظلّ العالمية لتقديم الاعتذار إلى أردوغان، ثم إلى الإمارات والسعودية، وقد يضطر إلى الاعتذار من قيادات «داعش» و»النصرة» ويصفهم كما إدارة دولته بالمعارضين المعتدلين رغم ارتكاب هذه المسمّاة معارضة معتدلة مجزرة بحق التلاميذ الصغار في مجمع مدارس عكرمة بحمص، كانت نتيجتها أكثر من ثمانين شهيداً كلّهم من الأطفال وأكثر من ذلك جرحى ومشوّهين، ولم يجرؤ أيّ من التنظيمات على تبنّي العملية رغم معرفة المواطن في الشارع الحمصي بالفاعلين وبمن يقف وراءهم وهم جزء أساس من «النصرة»، أو ما يُسمّى بقايا «لواء الفاروق» الذي أفلس في كلّ المواجهات على ساحة المحافظة فاستدار لينتقم من الأطفال في عملية تعبّر عن حقد دفين صفته الخسّة والنذالة والسقوط من عالم الأخلاق والإنسانية.

الجيش التركي الذي يحتشد على الحدود السورية يخطط للدخول متجاوزاً القانون الدولي، ومتجاهلاً قرار مجلس الأمن الأخير، إنّ خرق الحدود بالأعراف الدولية هو إعلان حرب وعدوان على دولة مجاورة قد يؤدّي إلى نشوب حرب فعلية ينعدم فيها التوازن حيث يستغلّ الجيش التركي توزع الجيش السوري على مساحة الأرض السورية وتشتت جهوده، وابتعاده عن الحدود الدولية مع تركيا بسبب سيطرة المجموعات المسلحة المدعومة من الغرب والنظام الرجعي العربي وتركيا، ويمكن فهم السلوك التركي أنه استكمال للسيطرة على محافظتي حلب وادلب اللتين لم تسقطا بالمعنى الكامل، وأنّ إقامة شريط حدودي بهذا الحجم سيشكل منطقة حماية وقاعدة انطلاق لجماعات «داعش» وأخواتها، بمؤازرة القوات التركية لاستكمال المخطط، مع ما يترتب عليه من نتائج خطيرة على الأمن والسلم الدوليّين…! فهل يستمرّ الصمت الدولي؟

كيف للسيد بايدن أن يعتذر ويكذّب نفسه بعد اعتراف الإدارة الأميركية الصريح بأنها هي مَن أوجدت تنظيم «داعش» وغيره، وأنها دفعت بالدول الحليفة لتقوم بتمويله وتسهيل مروره إلى الأراضي السورية، كما تعهّدت أخيراً باستمرار هذا الدعم واستمرار التمويل تحت مُسمّى المعارضة المعتدلة…! وهل هناك معارضة مسلحة في أيّ من دول العالم يمكن اعتبارها معتدلة؟ وكيف يمكن تجاهل تصريحات أمراء السعودية وعلى رأسهم وزير الخارجية سعود الفيصل، وشيوخ قطر وقادة تركيا، وإذا كان قادة الإمارات يتنصّلون من عمليات التمويل فإنهم لا يستطيعون إنكار وجود جمعيات وتنظيمات تدعم وتموّل هذه التنظيمات على الأرض السورية واللبنانية وتتغاضى عن تجنيد المقاتلين والتحاقهم بصفوفها عن أكثر من طريق.

«النصرة» و»داعش» يتصارعان في الشمال والشرق السوري، لكنهما مع فصائل أخرى متحدان تماماً على الحدود السورية اللبنانية، محاصران، تقطعت بهم السبل، ولا إمداد لوجستيا، ومع اقتراب فصل الشتاء يبدأ البحث عن ممرات آمنه وملاجئ، وقد دفع بهم الجوع والحصار إلى سلوك الذئب الجريح فيهاجمون القرى اللبنانية الآمنة على امتداد الشريط الحدودي في عمليات شبه انتحارية، يتلقّاهم مقاتلو المقاومة، والجيش اللبناني بالنار ويطاردهم الجيش السوري عبر الممرات والوديان الجبلية للقضاء على فلولهم ومنع عودتهم إلى منطقة القلمون، وقد أصبح ذلك أقرب إلى الحلم، وتستمرّ بعض الأبواق على الساحة اللبنانية تصرخ بأنّ العمليات موجهة إلى أهل السنة مع ما في ذلك من ادّعاء كاذب وباطل، فالإرهاب موجه للجميع والمدافعين عنه متورّطون حتى الثمالة، وها قد بدأت كلّ الأوراق تتكشف أمام الرأي العام اللبناني بكل ألوان طيفه السياسي وشرائحه الاجتماعية.

عملية تطوير سايكس بيكو الجديدة لإقامة الأردن الكبير وفصل محافظات الجنوب درعا والسويداء وإلحاقها بالكيان الجديد طبقاً للخريطة المنشورة على موقع البنتاغون لم تحقق أيّ تقدم بسبب الموقف الشعبي المتكامل مع الموقف الرسمي والعسكري، وفشل المجموعات الإرهابية في السيطرة على المناطق المستهدفة، نحن مع إسقاط حدود سايكس بيكو، لصالح الدولة السورية، لا تطويره نحو مزيد من التقسيم والتقزيم خدمة لأغراض الصهيو ماسونية العالمية، أما «الجدار الطيب» مع العدو الصهيوني فهو مجرّد طفرة عابرة رغم الدعم السافر للعصابات والتدخل العسكري للعدو لحمايتها وفتح الطرق أمامها، ثقافة الرفض للتعامل مع العدو متجذرة في نفوس أبناء شعبنا، ووجود عملاء من مناطق أخرى أداة فاشلة لن يكتب لها الاستمرار ولا الحياة على أرض الجولان الأبية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى