التحالف الدولي: استراتيجية المراحل الثلاث

عامر نعيم الياس

الأهداف الفضفاضة والمبهمة تسمح لحاملها بتطوير العمل باتجاهات عدّة، والوصول إلى نتيجة صفرية من دون إلقاء اللوم عليه أو وضع النهايات في ميزان الربح والخسارة، فضلاً عن أنه يساعد ـ وربطاً مع جدول زمني طويل نسبياً ـ في اختبار المتغيّرات على الأرض وتحديد الموقف على أساسها. هنا يحضر المثال السوري في استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي صارت بمثابة علامة تجارية لدول التحالف الغربي كلّها. فالخليجيون والأتراك يعملون على «إسقاط الأسد»، أما الأوروبيون فيتحركون بتحفّظ وغموض، ويطالب بعضهم بالتنسيق مع دمشق وحلفائها.

إن شكل التحالف الحالي للحرب على العراق وسورية، تطوّر خلال الأسبوعين الأولين من الغارات الجويّة على الأراضي السورية، ليضمّ دولاً غربية على رأسها بريطانيا، ودولةً إقليمية هي تركيا، فضلاً عن موقف فرنسي أكثر مرونة في ما يخصّ سورية. لكن للوهلة الأولى على الأرض، يمكن أن يلاحظ المرء أن التحالف مقسوم إلى قسمين: الأول يضمّ واشنطن والغرب في العراق، والثاني يضمّ واشنطن والعرب في سورية. فهل تجري الأمور وفقاً للتوصيف السابق؟

طرأت تعديلات على الاستراتيجية الخاصة بأوباما لإدارة الحرب على تنظيم «داعش» في العراق وسورية قبل أن تبدأ الحرب فعلياً على دمشق، صار سؤال إرسال قوات برّية للعمل على الأرض ملحّاً في ضوء إجماع النخب الغربية على «عدم جدوى الغارات الجوية» وتساؤلات مترافقة مع هذا الاستنتاج حول «هوية القوات البرّية» في سورية على وجه الخصوص. لكن ذلك لا يعني عدم وجود استراتيجية أميركية للتحرّك في بلاد الشام وبلاد الرافدين. إذ تنقل صحيفة «لوموند» الفرنسية عن مصادر فرنسية قولها «الاستراتيجية الأميركية تتألف من ثلاث مراحل، بدأت الأولى بتاريخ 8 آب مع عمليات القصف الأولى في العراق لوقف تقدم داعش، وبدأت للتوّ في سورية. المرحلة الثانية، لن تبدأ قبل بداية عام 2015 وهي مرحلة الهجوم المضاد، فالسوريون والعراقيون، بحسب مصادر فرنسية، غير قادرين على استعادة المدن الآن. ثمّ ستأتي المرحلة الثالثة وهي لحظة استعادة الأراضي».

ممّا سبق، الواضح أن شكل التحالف الدولي يقوم على توزيع المهمات، واستدراج توسيع التحالف عبر ترك هامش حرية مبدئيّ للدول التي لا تريد الانخراط الكامل على جبهتي الحرب، كما حصل أثناء تصويت البرلمان البريطاني على قرار مشاركة الحكومة البريطانية في تحالف أوباما، هذا الأخير الذي نجح في ضمّ بريطانيا إلى التحالف على خلفية بدء الضربات الجوية مع الحلفاء العرب على سورية عشية اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. موقف بريطاني شبيه بالموقف الفرنسي من التدخل في سورية لكنه قابل للتطوير في أيّ لحظة بحسب التطورات على الأرض ووفقاً للقدرة على السير قدماً في تنفيذ المراحل الثلاث للاستراتيجية الأميركية في سورية والعراق، تلك الاستراتيجية التي تحمل بين طيّاتها بذور توسيع مهمات التحالف الدولي لتشمل طرح إمكانية إرسال قوات برّية على الأرض، على رغم أنّ هذا السيناريو غير وارد في المدى المنظور ودونه عقبات تبدأ وتنتهي عند ردّ فعل دمشق وحلفائها من وجود قوات احتلال على الأراضي السورية، بحجة «تحرير» المناطق الخارجة عن نطاق سيطرة تنظيم «داعش» والتنظيمات المتطرّفة الأخرى التي تستهدفها الطائرات الأميركية والعربية في سورية أقلّه في الوقت الحالي.

وتبقى الكلمة الفصل لواشنطن في هذه الحرب، وهو ما اعترفت به وزارة الدفاع الفرنسية التي قالت: «نحن نتولى الزعامة في الصحراء الأفريقية ـ الساحل ـ بدعم أميركي، وتتولى الولايات المتحدة الزعامة في العراق».

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى