ماذا يفعل ولد الشيخ في طهران؟
حميدي العبدالله
قام المبعوث الدولي لليمن بزيارة إلى طهران هي الأولى منذ تقلد منصبه، كما أنها الزيارة الأولى لأيّ مبعوث أممي لليمن إلى طهران.
معروف أنّ الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية كانتا تعارضان مثل هذه الزيارات لأنهما لا تريدان التسليم بأيّ دور لإيران في حلّ مشاكل المنطقة، سواء في اليمن أو في العراق أو في سورية.
لكن يبدو أنّ تغييراً ما طرأ على السياسة الأميركية والسعودية إزاء مقاربتهما لقضايا المنطقة، فزيارة المبعوث الدولي إلى اليمن ليست هي المؤشر الوحيد على وجود تغيّر ما في المقاربة الأميركية السعودية، بل زيارات المسؤولين السعوديين، وزير الخارجية السعودي ورئيس أركان الجيش السعودي إلى العراق تندرج في إطار هذه السياسة الجديدة.
وجود تغيّر ما في المقاربة الأميركية والسعودية لا يعني بالضرورة تخلي واشنطن والرياض عن أهدافهما الرئيسية، وهي محاصرة نفوذ إيران والحفاظ على نفوذهما في هذه المناطق، بل يعني التخلي عن سياسة اعتماد المواجهة العسكرية كوسيلة وحيدة لتحقيق الأهداف بعد أن تبيّن أنّ هذه السياسة مكلفة أولاً، وغير قادرة على تحقيق الانتصار الكامل على الخصم.
التغيير إذن محصور بالتخلي عن الاعتماد الوحيد على خيار المواجهة العسكرية، وقبول التعامل مع مسار آخر موازٍ للمسار العسكري، وهو مسار التفاوض للبحث عن حلول وسط تفضي إلى تحقيق أهداف واقعية، وتنهي المواجهة المكلفة.
هل يعني ذلك أنّ طريق الحلول السياسية لأزمات اليمن وسورية والعراق باتت سالكة؟
لا شك أنّ هذا التغيير يساعد على الوصول إلى الحلول في نهاية المطاف، ولكن ليس ذلك في وقت سريع، كما أنّ هذا التغيير يخفف من احتمالات تصعيد المواجهة العسكرية، وقد يفضي إلى هدن طويلة الأمد تحدّ من معاناة من تقع على كاهلهم عبء هذه الحروب وويلاتها، ولكن الوصول إلى حلول وتسويات لا يزال طويل الأمد، ويحتاج في بعض المناطق إلى سنين وليس أشهر، وقد يشهد الصراع ذروات جديدة بهدف تعزيز مواقف الأطراف على طاولة التفاوض، لكن يمكن الاستنتاج بوضوح أنّ الأصعب في أزمات المنطقة بات من الماضي.