انعقاد المجلس الوطني رغبة شعبية

عباس الجمعة

عندما تحتلّ قضية الوحدة الوطنية مساحة هامة في خطابنا السياسي، وكلما تزايدت الأخطار المحدقة بنضالنا الوطني نتيجة عوامل خارجية أو داخلية، أو لتداخل العاملين معاً، تبرز أهمية العامل الذاتي الفلسطيني، ويتصاعد الحديث عن موضوع الوحدة الوطنية، لهذا نرى أهمية عقد المجلس الوطني الفلسطيني للوقوف أمام التطورات الراهنة والعمل من أجل تفعيل وتطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وهذه رغبة شعبية.

ولا أظنّ أنّ نضالنا الوطني قد مرّ عبر تاريخه الطويل بمرحلة أكثر دقة وخطورة من المرحلة التي نمرّ بها الآن، وهو ما يتفق عليه الجميع، وربما كان الإحساس بهذا الخطر هو الذي يدفع الآن مختلف فرقاء العمل الوطني إلى التركيز على أهمية معالجة الموضوع الوطني، مما يستدعي ضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني وعدم وضع العراقيل أمام هذا الموضوع الملحّ لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني.

انّ ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني اليوم من عمليات القمع والعدوان وتنوّع المؤامرات، تستدعي طيّ صفحة الانقسام السوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني، إلا انّ محاولات البعض هي التي تضعف الموقف الفلسطيني، لهذا نقول انّ الشعب الفلسطيني سيبقى قوياً صامداً وتبقى إرادته السياسية والكفاحية غير قابلة للكسر، لأنه حريص على الوحدة الوطنية وحريص على التمسك في بيته المعنوي منظمة التحرير الفلسطينية.

انّ الشعب الفلسطيني يستمدّ صموده وإرادته السياسية الصلبة من عمق انتمائه لفلسطين ولحضارتها وتاريخها، ومن حقه في تقرير المصير والعودة والاستقلال، هذه تجارب وخبرات شعوب العالم، وهي في الوقت ذاته تجربة وخبرة الشعب الفلسطيني وواقعه الراهن، وبالاستناد لهذا يصنع مستقبله الواعد، فعلى صخرة صموده فشل الاحتلال وعمليات القمع والاغتيال والاعتقال والاستيطان، من خلال إرادته السياسية في مواجهة محاولات تبديد هويته الوطنية وتدمير كيانه السياسي وكلّ المشاريع السياسية االتي تستهدف حقوقه الوطنية، وشكلت انتصاراته وخاصة انتصار القدس نقطة تحوّل هامة في النضال الوطني.

انّ المعبّر عن الإرادة السياسية والروح الكفاحية للشعب الفلسطيني هو المجلس الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية والقوى السياسية والاجتماعية، وأبناؤه المناضلون من أجل الحرية ممن قدّموا حياتهم او حريتهم على مذبح حرية شعبهم، وهؤلاء يشملون أطيافاً واسعة من الشابات والشباب ومن المناضلين البواسل ومن القادة العظماء، واسماؤهم جميعاً باتت محفورة في ذاكرة الشعب ووجدانه وعلى رايات وصخور فلسطين…

انّ أكثر ما يعبّر عن روح الشعب، هو الشعب نفسه الذي يعيش اليوم دوائر متداخلة من المعتقلات والحصارات وتقطيع أوصال مناطقه، حيث أكد الشعب الفلسطيني من خلال تجربته انّ شاباته وشبابه يبدعون وسائل البقاء والصمود وصناعة الأمل رغم قسوة الظروف، حيث اجترحوا وسائل كفاحهم وحضورهم الدائم رغم بطش الاحتلال وعجز انْ لم نقل خذلان الأشقاء واختلال ميزان القوى، وهو يدفع يومياً ضريبة مجابهة الاحتلال والعدوان وثمن الحرية عبر مساحات فلسطين.

إنّ انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني هو ضرورة وطنية، في ظلّ هذه الظروف التي يمرّ بها شعبنا الفلسطيني، ونحن نتطلع الى مشاركة الجميع بأن يكونوا حاضرين باعتبار المجلس البرلمان الذي يمثل كلّ الشعب الفلسطيني وهو الكيان الجامع لكلّ ألوان الطيف الفلسطيني.

ختاماً: لا بدّ من القول انّ انعقاد المجلس الوطني على دورتين، دورة في الداخل يحضرها قسم ودورة في الخارج يحضرها قسم آخر، يشكل أرضية صالحة لمشاركة الجميع في صنع القرار، إضافة إلى انّ المجلس سيخرج باستراتيجية وطنية تستند للمشروع الوطني ولخيار الشعب الفلسطيني بمواصلة مسيرة نضاله من أجل تحرير الأرض والإنسان ورفع علم فلسطين فوق القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى