حلمُ السوريين وعنادهم

عمران الزعبي

لا تتحقق الأحلام من دون عناد يقف خلفها ويصرّ عليها، ثمة علاقة عضوية بين الحلم والعناد تؤكد أنّ الاسترخاء والتراجع والاستسهال يعني التخلي عن الحلم والاستسلام والهزيمة.

السوريون شعب عنيد لم يتخلّ عن أحلامه منذ الأزل. شعب مبتكر يجد دائماً أفضل الطرق لتحقيق غاياته. شعب يرفض الهوان تحت أيّ ذريعة ويصعب خداعه، لأنّ لديه مقدرة على التمييز بين الصديق والعدو، بين الحليف والخصم، لا تسحره الشعارات ولا تضلله العبارات المزيّنة والمنمّقة، يتقن استثمار الوقت وعوامل الزمن.

لديه حاسة حادّة لكشف المكائد وتجاوز الكمائن، لا يناور في المبادئ مطلقاً وبراغماتي في تحقيقها وإنجازها.

عناده ليس مكابرة، وإصراره ليس مغامرة، وثباته ليس مناورة، العروبة في عقيدته مدىً ومشروع، والوطنية أصل ونزوع. لذلك يعجز البعض عن فهم السوريين وأسباب صمودهم، وهذا البعض العاجز فئات:

فئة لا تفهم ولا تفقه شيئاً، وفئة تستنكر على السوريين مشروعهم وأحلامهم، وفئة لا تريد أن تفهم بسبب حقدها وحقارتها.

أما الأولى: فلا فائدة تُرتجى منها.

وأما الثانية: فهي من دول وحكومات تعتبر المشروع الوطني السوري نقيضاً يهدّد مشاريعها.

وأما الثالثة: فهي دول وحكومات لا مشروع لديها، ولكنها تتصرّف بوحي من جهلها وجاهليتها وعبوديّتها للغير.

ولذلك أيضاً شنّت الحرب على سورية، وأسموها «ثورة»، فكانت مولوداً شرعياً لنكاح «إسرائيلي» تركي قطري… أيّ نكاح جماعي، مولود هجين لأكثر من أب، و«الثوار» هم داعش والنصرة ومقاتلون من عشرات الدول.

أول «ثورة» تدعمها الولايات المتحدة و«إسرائيل» والسعودية وقطر وتركيا.

أول «ثورة» تسرق الآثار والنفط.

أول «ثورة» تحرق المشافي والمستودعات الغذائية وتدمّر الطرق والمباني.

أول «ثورة» تغتال العلماء وتنهب الجامعات وتفجر المدارس.

أول «ثورة» تغتال رجال الدين والشيوخ.

أول «ثورة» تخطف النساء والأطفال.

أول «ثورة» تستخدم السلاح الكيميائي.

أول «ثورة» تحرق الناس في الأفران.

أول «ثورة» تقطع الرؤوس.

أول «ثورة» تدفع أجور عناصرها بالعملة الأجنبية.

أول «ثورة» تنتهك الأعراض وتستبيح الصغيرات سناً.

أول «ثورة» لديها مترجمون ليتفاهم الثوار مع بعضهم بسبب تعدّد لغاتهم.

وبالفعل فإنّ هذه «الثورة» تستحق براءة اختراع لا سابق لها، ولكن من أين؟

أيّ حكومة، أيّ جامعة، أيّ مؤسسة تستطيع أن تمنح براءة كهذه!! ومَن سيتسلّمها نيابة عن هذه «الثورة»؟

هل هو البغدادي أم الجولاني أم حمد أم نتنياهو أم أردوغان؟

وربما على طريقة بعض جوائز نوبل يمكن للشركاء اقتسام الجائزة.

أخيراً: السوريون أسقطوا الكذبة الكبرى بفعل أحلامهم وعنادهم، وفقط الجاهلون والجاهليون لم ولن يدركوا ذلك.

نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدّمية في سورية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى