نصرالله: للتحقيق مع أصحاب القرار السياسي الجبان وكشف مَنْ ترك العسكريّين لدى الإرهابيّين
أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن الاحتفال بالانتصار على «داعش» بعد غدٍ الخميس في بعلبك، مؤكّداً أنّه لم تعد أيّ أرض لبنانية محتلّة من التكفيريين. وأوضح أنّ «أحد أسباب تبطيء المعركة في الجرود كان كشف مصير العسكريّين»، ودعا إلى إجراء تحقيق «مع أصحاب القرار السياسي الجبان الذي كان يرى هؤلاء المسلّحين جزءاً من مشروعه السياسي الكبير»، وكشف من ترك العسكريّين لدى «داعش»، معتبراً أنّ الجيش كان قادراً على تحرير الأسرى منذ اليوم الأول لاختطافهم.
جاء ذلك في كلمة متلفزة للسيد نصرالله عبر قناة «المنار»، استهلّها بتقديم التعزية بشهداء الجيش اللبناني الذين استُعيدت جثامينهم أول من أمس، وقال: «أتوجّه بأحرّ التعازي إلى عائلات الشهداء، عائلات شهداء الجيش والجنود المختطفين من «داعش» قبل سنوات، ونحن ننتظر التأكيد النهائيّ في ملف الجثامين. كذلك أتوجّه إلى بقيّة عوائل الشهداء، شهداء الجيش اللبناني والجيش السوري والمقاومة بالتحيّة».
وعمّا أُثير بعد كلمته الأخيرة عن أنّ حزب الله يبتزّ الحكومة اللبنانية لتتّصل بالحكومة السوريّة، قال السيد نصر الله: «لم ننتظر من الحكومة اللبنانية أن تفعل شيئاً، ولم ننتظر أحداً في ظلّ القتال الدائر»، وأضاف: «لا يمكن أن يُقال عن حزب الله أنّه يبتزّ في قضية إنسانيّة، وكلّ من قال ذلك إمّا جاهل وإمّا عديم الأخلاق».
وحول سير المفاوضات، أعلن السيد نصر الله أنّه «لم نكن لا نحن ولا الجيش في وارد وقف إطلاق النار، إلى أن وجد «داعش» نفسه في المربع الأخير»، وأضاف: «منذ بداية المعركة كان «داعش» يريد وقف إطلاق النار وقد استمرّت المعركة على الجبهتين، وحين وجد «داعش» نفسه في المربع الأخير انهار واستسلم»، وأوضح «عندما طرح «داعش» أمر التفاوض عرضنا شروطنا بكشف مصير العسكريّين، وتسليمنا أجساد كلّ الشهداء الذين قاتلوا على الجبهة وإطلاق سراح المطرانَين المختطفَين والإعلامي سمير كسّاب»، وتابع: «جواب «داعش» كان بأنّ المطرانَين المخطوفين والإعلامي سمير كسّاب ليسوا لديه».
وأردف السيد نصرالله: «في موضوع الأسرى، أجاب «داعش» أنّ لديه الأسير المقاوم أحمد معتوق و3 أجساد لمقاومين في القلمون»، وكشف أنّه «جرى رفض إطلاق سجناء لـ«داعش» من سجن رومية وتجزئة المراحل خلال التفاوض، وأصررنا على كشف مصير الجنود اللبنانيّين»، ورأى أنّ «ما جرى بالمعنى العسكري والسياسي في الجرود هو فعل استسلام من «داعش»»، ولفتَ إلى أنّه «لو لم يحصل ذلك كان هناك عملية كبيرة ستُنهي المعركة عسكرياً»، وأعلن عن أنّه سيتمّ الاحتفاظ «بعنصر «داعش» الذي استسلم إلى حين كشف موضوع جثمان الشهيد مدلج».
وأوضح أنّ «أحد أسباب تبطيء المعركة في الجرود كان كشف مصير العسكريّين، ولو ذهبنا إلى خيار الحسم كان من الممكن أن يُقتل من يعرف مكان الجنود والكثير من المدنيّين»، وأضاف «الكلّ متّفق أنّه لو حرّرنا الأرض اللبنانية والسورية من دون كشف مصير العسكريّين، كان سيصبح النصر منقوصاً»، وتابع: «لمن طالبنا بالحسم العسكريّ والانتقام من «داعش»، نقول إنّنا وقفنا عند الاتفاق والتزمنا بالعهود».
وقال: «فتّشوا على من سمح بأن يبقى هؤلاء الجنود بأيدي خاطفيهم. حقّقوا مع أصحاب القرار السياسي الجبان الذي كان يرى هؤلاء المسلّحين جزءاً من مشروعه السياسي الكبير»، وشدّد على أنّه «تجب محاسبة القرار السياسي المتردّد والجبان، ومن كان لا يعتبر أنّ «النصرة» و»داعش» عدو».
وفيما سأل السيد نصر الله «من الذي منع الجيش اللبناني في اليوم نفسه عن استعادة الجنود وكان قادراً على ذلك من اليوم الأول»، قال: «نحن كنّا نثق بالجيش، وأنتم كنتم تشتمونه على المنابر، والجيش كان يستطيع بكلّ بساطة أن يحاصر ويحرّر الجنود ويعتقل مجموعات كبيرة من «النصرة» و»داعش» في عرسال ويفاوض على جنوده».
وفي حين أعلن أنّ «عدد شهداء حزب الله في المعركة ضدّ «داعش» وصل إلى 11 بينما سقط للجيش السوري 7 شهداء وأهداف العملية أنجزت بالكامل»، قال: «نحن أمام نصر ثانٍ هو تحرير كافّة الأراضي اللبنانية وتحرير الأراضي السوريّة، وهو شرط قطعي ولازم لتأمين الأراضي اللبنانيّة»، وأضاف: «الجيش اللبناني يستطيع اليوم أن يقيم حواجز على الحدود من دون إجراءات استثنائيّة، لأنّ التهديد الأمني في الطرف الآخر منتفي، وهذا ما نسمّيه النصر الكبير، وجدير أن نسمّيه التحرير الثاني وهذا النصر هو جزء من الانتصار في المنطقة».
وأعلن أنّنا «أمام تحرير كامل للأراضي اللبنانيّة، وتأمين الحدود مع سورية بالكامل»، ولفتَ إلى أنّ «هذا النصر في الجرود هو جزء من الانتصارات الموجودة في المنطقة»، وأشار إلى أنّ «الهزائم في الموصل والبادية وجنوب الرقّة باتجاه دير الزور وحلب تركت آثاراً معنويّة كبيرة جداً على عناصر «داعش»، التي كانت تقاتل على الحدود اللبنانيّة السورية».
وإذ لفتَ السيد نصر الله إلى أنّ «معركة الجرود هي استكمال لمعركة إسقاط المشروع «الإسرائيلي»، قال: «من يبكي على «داعش» في سورية والقلمون والعراق هم الإسرائيليّون»، وأضاف: «كلّ يوم يثبت أنّ هذه الجماعات التكفيريّة صنعتها الإدارة الأميركيّة، وما قدمته هذه الجماعات للكيان الصهيونيّ لم يحصل عليه هذا الكيان من سنوات»، وأشار إلى أنّ «التكفيريّين في الجرود كانوا يشكّلون تهديداً لكلّ الأراضي اللبنانيّة، وليس فقط للمناطق الحدوديّة».
وإذ رأى أنّه «لم يبقَ «داعشيّ» وتكفيريّ في تلّة أو جبل أو حبّة تراب لبنانيّة»، أكّد أنّ يوم «28 آب 2017 هو يوم التحرير الثاني الذي سيسجّل يوماً في تاريخ لبنان والمنطقة، سواء اعترفت فيه الحكومة اللبنانيّة أو لم تعترف»، وأضاف: «في 25 أيار 2000، لبنان كلّه انتصر وكان سعيداً بذلك، إلّا من راهن على «إسرائيل » وجيش لحد لأنّ خياراته سقطت».
وشدّد السيد نصر الله على أنّ «لبنان اليوم كلّه انتصر والأغلبيّة الساحقة سعيدة، إلّا من راهن على «جبهة النصرة» و»داعش» ومن يقف خلف هذه الجماعات من قوى إقليمية ودوليّة»، معلناً أنّ «الاحتفال بالانتصار سيكون نهار الخميس عصراً في مدينة بعلبك بجوار مرجة رأس العين»، وأضاف: «سنقف في بعلبك في الوقت نفسه الذي يقف فيه حجاج بيت الله الحرام، همّ يحجّون ونحن نعبّر عن معاني الحج».
وقال: «يوم الخميس سنجتمع للاحتفال بالانتصار على كلّ هذه الشياطين»، وأضاف: «أهل البقاع سيثبتون الخميس أنّهم جديرون بهذا النصر العظيم الذي صنعوه بأرواح أبنائهم»، وأوضح أنّ «أهل البقاع هم الأصحاب الأوائل لهذا الإنجاز، وهم مدعوّون كباراً وصغاراً للزحف الجماهيريّ إلى بعلبك»، معتبراً أنّ «أهل البقاع صنعوا هذا الانتصار بدماء شبابهم وخيرة شبابهم».
وختم: «نحن أهل هذه الأرض سنبقى بها شامخين مرفوعي الرؤوس لن نتركها أو نهاجر أو نسافر، ونعيش هنا برؤوسنا المرفوعة، وإذا هدّدنا إرهابيّ أو تكفيريّ نقاتله هنا ونستشهد هنا، ونحن لا نحمل إلّا جواز سفر واحد هو اللبناني والجنسيّة اللبنانيّة، ونحن أبناء هذه الأرض».