«سورية تاريخ يتجدّد»… ملتقى للنحت في الحواش يوحّد الطبيعة مع الفنّ

تمام الحسن وحنان سويد

استهوتهم الطبيعة بجمالياتها وآفاقها الساحرة، فاتّحدوا معها وامتزجت مَلَكاتهم الفنية لتقدّم لوحات متميزة بأنامل عشرة نحاتين فنانين من مختلف المحافظات السورية، جمعهم الملتقى الأول الدائم للنحت في ساحة تجمّع المدارس منطقة الحواش بعنوان «سورية تاريخ يتجدّد».

فمن جذوع أشجار الكينا والتوت والصنوبر، صاغ الفنانون مجسّماتهم التي تجسّد رموز الحضارة السورية المشرقة، من رأس أوغاريت في شمرا، إلى عشتار إلهة الجمال والخصب، فحمورابي وغيرهم، لتتوّج بصورة المرأة وما ترمز إليه من معاني الجمال والحياة والحبّ.

عن هدف الملتقى أوضح منظّمه حسام أيوب في تصريح صحافيّ، أنّ الملتقى الذي أقيم بدعم من وزارة السياحة والفاعليات الاغترابية في منطقة الحواش يشكّل فرصة للتلاقي الثقافي من خلال مكانه قريباً من مدارس المنطقة، ليطّلع أبناء الجيل الواعد وذووهم على الأعمال الفنية الرائعة. لافتاً إلى إمكانية التوسّع بأعمال الملتقى خلال السنوات المقبلة عبر مشاركة رسّامين هواة ومحترفين من مختلف الأعمار، وإقامة حفلات فنية ومشاركة كل الفاعليات الأهلية والشعبية في منطقة وادي النضارة وأبناء سورية جميعاً.

بدوره، أكد الفنان النحات إياد بلال أن الملتقى يرمز إلى التشبث بالأرض من خلال المجسّمات العشرة التي يقدّمها، والمعتمِدة على أخشاب أشجار الكينا والصنوبر والتوت التي تشتهر بها منطقة الحواش. مشيراً إلى أن حجم المنحوتات الفنية المنجزة يتراوح بين ارتفاع مترين ونصف المتر، مشغولة بأنامل فنانين شاركوا في ملتقيات سابقة ولديهم إنجازاتهم المتميزة.

وعن موضوعات الأعمال في الملتقى أوضح بلال أن اللوحات في الملتقى تمثل الآثار السورية بدءاً من أوغاريت. وتعتمد في طريقة نحتها على المدارس التعبيرية والتجريدية. وأحياناً الاثنتين معاً. إضافة إلى الواقعية وجميعها تعزّز الانتماء إلى الحضارة السورية العريقة في مواجهة الغزو الثقافي الذي يهدف إلى إلغاء هوية الشعوب. فيما تجسّد أعمال أخرى المرحلة التي تعرّضت فيها بلادنا للهجمة الإرهابية بحقّ الحقّ والحضارة والتاريخ والتراث الإنساني لتؤكد أن الفكر الإنساني في سورية سيظل ينتج الفنّ والإبداع في كلّ الظروف.

الدكتور سمير رحمة رئيس قسم النحت في كلّية الفنون الجميلة في جامعة دمشق وأحد المشاركين في الملتقى، قال إنّ منحوتته تعتمد على جذوع التوت التي يحاول من خلالها المزاوجة بين الحركة الموجودة بالشجرة بما تجسده من معان أنثوية تومي بالحركة والليونة وبين فكره كفنان يحاور بين رؤيته وإبداع الطبيعة. معرباً عن أمله بمشاركة أوسع في الملتقيات الأخرى.

وأضاف رحمة أنّ مشاركته هي العاشرة في الملتقيات النحتية ما بين حجر وبازلت ورمل وخشب. لافتاً إلى أن قسم النحت في كلّية الفنون الجميلة يهدف إلى إنتاج جيل جديد من الفنانين النحاتين يواصلون طريق الإبداع الفني الذي يؤسّس لملتقيات نحتية تفضي إلى التفاعل والحوار وتبادل الرؤى الفنية بين الأجيال.

من جهته، الفنان نزار بلال رئيس قسم السينوغرافيا في المعهد العالي للفنون المسرحية، والذي شارك في ملتقيات داخلية وخارجية في دبي وإسبانيا، يجسّد في منحوتته إلهة الينبوع رمز الحياة في مملكة ماري، وذلك برؤية معاصرة. حيث تمت إضافة بعض العناصر إليها.

واعتمدت النحاتة أمل زيات من دمشق في منحوتتها على جذع الكينا لأنها تجسد امرأة متشبثة بالأرض تعبيراً عن المرأة السورية كآلهة للعطاء والخصب والحياة في كل الأزمنة، لا سيما في ظل الأزمة التي تمر بها سورية. لافتة إلى أن الملتقى يتميّز بمشاركة المرأة النحاتة للمرّة الأولى منذ عشرين سنة.

النحات فادي محمد من اللاذقية يجسّد في منحوتته من جذع شجرة الصنوبر عملاً تحويرياً في ايقاع تجريدي ضمن بناء إنساني معماري فيها حالة تطلع الى السماء ومعاناة متضمنة فراغات أضفت على الكتلة النحتية تنفساً ضرورياً للتوازن والتناغم ما يعطي روحاً وايقاعاً فنّياً متميزاً.

وتمثل منحوتة منتجب يوسف من حماة التي اعتمد فيها على جذع الكينا إلهة الجمال والحب عشتار وفقاً للصفات المتميزة بها تاريخياً. بينما جسّدت النحاتة علا هلال من طرطوس في منحوتتها المصنوعة من خشب التوت المرأة السورية حيث ترمز من خلالها لسورية. في مفارقة رائعة تعكس الألم والوجع عبر الشقوق التي تميّزها مع روح الانطلاقة والقوة والحياة. منّوهة بأن ما يميّز النحت بالخشب أنه مادة حية يضم ليونة وقساوة في كثير من المطارح ما يمنح العمل جمالاً وجاذبية إضافية.

من جانبه استعمل النحات قصي النقري من حمص خشب الكينا ليمثل الانثى بكتلة متكاملة من الجذع والوجه في إثبات لدور المرأة وحضورها برؤية فنية. مستخدماً لعمله مزايا الخشب وبعض التقنيات لإبراز أنوثة المرأة وجمالها وحضورها.

ونوّه النحات هادي عبيد من دمشق بأهمية الملتقى الذي يتيح الفرصة للتواصل المباشر بين الجمهور والفنانين وتبادل الخبرات في ما بينهم. إضافة إلى تعزيز الثقافة البصرية للارتقاء بالذائقة الفنية لدى الأجيال. كما نفّذ الرسام والخطّاط مكسيم الأحمد من حمص جدارية تشمل أهم رموز الحضارة السورية بامتداد 53 متراً وارتفاع مترين ونصف المتر، إضافة إلى لوحة فنية باستخدام كلمات النشيد السوري، وسيتم إنجاز لوحة للسيف الدمشقي. منوّهاً بمشاركته في عدد من الملتقيات الثقافية والمعارض في مختلف المحافظات.

«سانا»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى